أخبار وتقارير

تقرير حصري لـ”الفنار” عن الهجوم على جامعة حلب

قتل أكثر من 80 شخصا وأصيب أكثر من 160 آخرين بجروح في انفجارين هزا جامعة حلب في شمال سوريا، ثاني أكبر الجامعات في البلاد، في أضخم هجوم من نوعه يستهدف جامعة سورية منذ بدء الثورة قبل أقل من عامين. ويشكل الهجوم ضربة أخرى لنظام التعليم العالي المتعثر في سوريا أو ما تبقى منه، كما سيكون له أثر سلبي كبير على جميع من شهدوا عليه.

“كنا نستعد لدخول قاعة الامتحان في بهو كلية العمارة عندما سمعنا صوت انفجار شديد حطم النوافذ واقتلع أبواب القاعات، حاولنا الخروج ولكن الأبواب كانت موصدة وبمساعدة الأساتذة في كلية الفنون الجميلة تمكنا من الخروج قبل احتراق المبنى بدقائق قليلة”، قال أحمد الطالب في جامعة حلب لـ”الفنار”.

من جانبه، قال محافظ مدينة حلب وحيد عقاد في تصريحات لوكالة الأنباء السورية (سانا) إن 82 شهيدا وأكثر من 160 جريحا هي حصيلة التفجير الذي استهدف الطلاب في أول أيام الامتحانات في الجامعة. وعادة ما تجري الفحوصات النصف سنوية في الجامعات والمعاهد الرسمية والأهلية في سوريا من نهاية كانون الأول/ديسمبر وحتى نهاية كانون الثاني/يناير. وهناك في سوريا ست جامعات رسمية، و17 جامعة أهلية، و15 معهدا للتعليم العالي وعدد من المعاهد المتوسطة.

وأكد مصدر طبي لـ”الفنار” في مشفى جامعة حلب أن عدد الضحايا قابل للازدياد بسبب خطورة حالات الجرحى فضلاً عن وجود الكثير من الأشلاء التي لم يتم التعرف بعد على هوية أصحابها.

وأصيب عدد من الطلاب بالهلع والصدمة إثر وقوع الهجوم. وقالت رنا الطالبة في كلية الهندسة الكهربائية “رحمة الله أنقذتني، فبعد خروجي بدقائق من مبنى الكلية لشراء بعض المأكولات الخفيفة سقط صاروخ على المبنى”. رنا التي فقدت الكثير من زميلاتها وزملائها في التفجير أكدت لـ”الفنار” عدم رغبتها بالعودة مجدداً للجامعة، مضيفة “لا أعتقد أن أهلي سيسمحون لي أيضاً بالذهاب للجامعة مجدداً”.

وعلى الفور علقت وزارة التعليم العالي في البلاد الامتحانات الجامعية في مختلف الجامعات السورية لمدة يوم واحد حداداً على أرواح من قضوا في جامعة حلب، وهي المرة الأولى التي يتم فيها اعلان الحداد في البلاد منذ اندلاع الثورة. وذكرت وكالة سانا أن تعليق الدروس جاء “حدادا على أرواح الشهداء الأبطال الذين قتلتهم يد الارهاب الغادرة”.

“لا أعتقد أن العملية التدريسية في الجامعة ستعود لسابق عهدها قريباً، ليس فقط بسبب الوقت الكبير الذي سيحتاجه إعادة إصلاح وترميم الجامعة وإنما أيضا بسبب الخوف والهلع الذي أصاب الطلاب وأهلهم من جراء هذا الحادث المروع”، قال دكتور في قسم الفلسفة في الجامعة لـ”الفنار” طالباً عدم ذكر اسمه. مؤكداً أن استهداف الأبنية الجامعية ومؤسسات التعليم العالي يمثل جريمة كبرى.

المعلومات ما تزال متضاربة حول أسباب وقوع الانفجار خاصة وأن المنطقة التي تقع فيها الجامعة خاضعة لسيطرة الحكومة السورية. ومعروف أن الجامعة يقصدها الكثيرون ممن هم متعاطفون مع المعارضة السورية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الهجوم نجم عن قصف نفذته القوات الحكومية في المنطقة بين السكن الجامعي وكلية الهندسة المعمارية مشيراً إلى أن القتلى هم من الطلاب والنازحين الذين لجأوا إلى السكن الجامعي. ومن بين الضحايا كان عدد من السوريين الذين هربوا من بيوتهم ولجأوا إلى الجامعة بعد اشتداد المعركة في تموز/يوليو الماضي.

في المقابل، نقلت وكالة سانا عن مصدر مسؤول قوله إن “مجموعة إرهابية” – ما تطلقه الحكومة على الثوار – قامت بإطلاق قذيفتين صاروخيتين على الجامعة.

وغصت صفحات موقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” بشهادات طلاب من الجامعة كانوا متواجدين أثناء الهجوم أكدوا أنهم شاهدوا طائرة حربية تحلق على ارتفاع منخفض فوق منطقة الجامعة قبل أن يصدر عنها وميض ويسمع دوي الانفجار. وكتب أحد الطلاب على صفحته تعليقاً على الأخبار التي تحدثت عن تفخيخ سيارة داخل الحرم الجامعي “شاهدت الطائرة بأم عيني…توقفوا عن الكذب”. في حين علق أحدهم على صورة لمبنى كلية العمارة المدمر قائلا “يقصفون الكلية لأنهم لا يريدون إعمار البلاد من جديد”.

وبعد مرور عامين تقريبا على اندلاع الثورة، وجدت المظاهرات التي انطلقت في معظمها من المساجد طريقها إلى حرم الجامعات، حيث شهدت الجامعات الرسمية والأهلية على حد سواء في سوريا اشتباكات مسلحة وعمليات قتل استهدفت الطلاب. فيما يكافح أساتذة الجامعات والإداريون على المضي قدما بالعملية التعليمية.

وقال أستاذ المعلوماتية في جامعة دمشق لـ”الفنار” “التعليم اليوم أصبح مغامرة خطرة”، فما حدث في حلب قد يحدث في أي جامعة أخرى إلا أن هذا لا يجب أن يؤدي إلى وقف العملية التعليمية، على حد قوله. مضيفا “التعليم سلاحنا الوحيد لمواجهة الارهاب”.

وكانت وزارة التعليم العالي السورية قد كشفت في تقرير صدر مؤخرا أن حصيلة الأضرار التي لحقت بها وبمؤسساتها منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد بلغت حوالي 170 ليرة سورية (2.4 مليون دولار أميركي)، وفقا لما نشرته جريدة حكومية في 8 كانون الثاني/يناير. وتشمل الأضرار كليات مختلفة ضمن عدد من الجامعات، إضافة إلى مجموعة من المشافي الجامعية ومراكز الأبحاث والمجمعات العلمية في عدة محافظات سورية.

وتعد جامعة حلب ثاني أكبر الجامعات السورية بعد جامعة دمشق، وتضم أكثر من 78 ألف طالب حسب التقديرات للعام الدراسي 2003-2004 وحوالي 1500 طالب دراسات عليا، حيث تستقطب الجامعة آلاف الطلاب سنويا من مختلف المحافظات السورية الشمالية والشرقية منها على وجه الخصوص. من جهة أخرى، تعد جامعة حلب التي احتفلت بيوبيلها الذهبي عام 2008 من أكثر الجامعات السورية انتفاضة ضد النظام، حيث يطلق عليها المعارضون تسمية “جامعة الثورة” نظرا لما شهدته العام الماضي من حراك طلابي كبير تمثل على شكل مظاهرات واعتصامات قوبلت بالقوة في معظم الأحيان الأمر الذي دفع النظام إلى إغلاقها للمرة الأولى بداية شهر أيار/مايو من العام الماضي بعد سلسلة اقتحامات واعتقالات وعمليات قتل داخل حرم الجامعة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى