أخبار وتقارير

الجامعات التونسية تبدأ موجة من التعاون الدولي

تشتد المنافسة بين الجامعات التونسية في فترة ما بعد الثورة بهدف توقيع اتفاقيات تعاون وشراكة في مجال التعليم والبحث العلمي مع جامعات عالمية، في إشارة واضحة إلى رغبتهم في التطوير.

فقد وقعت جامعة تونس، واحدة من أكبر الجامعات في البلاد، نحو 114 اتفاقية في مجال التعليم والبحث العلمي بالإضافة إلى 252 اتفاقية إشراف متبادل على الأطروحات مع جامعات أجنبية. ووقعت جامعة منوبة حوالي 28 اتفاقيات مع مؤسسات أجنبية، كما وقعت جامعة المنار 15 اتفاقية مع الجامعات الفرنسية والإيطالية بحسب المعلومات المشنورة على مواقع هذه الجامعات الإلكترونية. في حين ما تزال اتفاقيات التعاون مع الجامعات العربية محدودة.

“اليوم أصبحنا نتعامل على أساس أن المعرفة كونية ويجب أن تتوفر حميع الأدوات لتحصيلها”، يقول حبيب الكزدغلي رئيس جامعة منوبة التونسية، موضحاً أن اتفاقيات الشراكة مع جامعات دولية  تمكن الأساتذة والباحثين والطلبة من تبادل الخبرات وفتح آفاق أرحب في مجال البحث العلمي في  مختلف الاختصاصات، فضلاً عن  تطوير المعارف والمهارات الأكاديمية و الارتقاء بها نحو المراتب المتقدمة ضمن التصنيف العالمي. ” إن التبادل في البحوث العلمية والمعرفية يتحول لاحقاً  إلى منتوج استثماري يدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد”.

وعلى الرغم من العدد الكبير نسبياً لاتفاقيات التعاون الدولية بين الجامعات التونسية ومثيلاتها من الجامعات الأجنبية، إلا أن هنالك الكثير من التحديات التي تحول دون الاستفادة الكاملة من هذه الاتفاقيات.

” الصعوبات الحقيقية تكمن في المنهجية المعتمدة في بعض الجامعات التونسية وهي منهجية التلقين، التي  تعتمد أسلوب تقديم أفكار جاهزة يتلاقها الطالب من دون أن تخلق لديه روح نقدية لازمة لتطوير البحث الأكاديمي” يقول الدكتور جون لودجي أستاذ الايطالية والأدب بجامعة 9 افريل.

من جهة أخرى، تبرز مشكلة تباين الثقافات بين الجامعات التونسية ومثيلاتها الأجنبية. إذ  اضطر د.لودجي في بعض الأحيان إلى تغيير بعض المواضيع المثيرة للجدل والتي تتعارض مع التقاليد والأعراف التونسية مثل عرض فيلم فني تبرز جسد المرأة العارية أو تتناول موضوع الشذوذ الجنسي ” هذه المواضيع غير  مقبولة اجتماعياً،رغم أنها تدرس في الدول الأوروبية بشكل عادي ضمن إطار البحث العلمي”.

بدورها، ترى نجاة عرعاري باحثة في علم الاجتماع أنه وفي اطار مجتمع تقليدي فهنالك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها “على سبيل المثال كان هناك موضوع للبحث في إطار شراكة مع فرنسا  حول الهوية الرقمية، شخصياً لم أستطع العمل على هذا الموضوع الذي يعتبر من المواضيع الهامة جداً في علم الاجتماع نظراً لصعوبة الكشف عن تلك الهوية في تونس لأسباب سياسية وأمنية” تقول عرعاري مشيرة إلى  أن أهمية البحوث تكمن في مدى ارتباطها بمجتمعاتها إلا أن طبيعة المجتمع تفرض بدورها قيوداً على طبيعة البحوث الممكن إنجازها.

من جهة أخرى، يشدد الكزدغلي على أهمية استقلالية الأكاديمية العلمية التي لا زال تحقيقها يتطلب جهود كثيرة في ظل التطورات و التغيرات السياسية و الاجتماعية التي تعيشها تونس اليوم.  يقول “أهم ما يمكن ان يحقق مسألة الاستقلالية هي مسألة التمويل واستقلالية التصرف المالي  فالدول المتقدمة تتحصل على التمويل اللازم مما يمكنها من انتاج المعرفة العالية الجودة وفي افضل أشكالها”.

وعانى التونسيون، قبل الثورة، من ارتفاع معدل البطالة بين الشباب من حملة الشهادات الجامعية. وبعد الثورة، بقي مرتفعاً ليصل إلى ما يقرب من 20 في المئة وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي في نهاية العام الماضي. يذكر أن ميزانية الحكومة التونسية بلغت 22.935 بليون دينار تونسي (15.817 بليون دولار) لعام 2012، خصص منها 6 في المئة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي وفقا لوكالة الأخبار التونسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى