أخبار وتقارير

رئيس جامعة في منصب رئيس الوزراء الفلسطيني لفترة وجيزة

رام الله – هل يمكن لأكاديمي أن يتولى مسؤولية منصب رئيس وزراء؟ فلسطين عاشت هذه التجربة لفترة وجيزة.

الفكرة تبدو هشة، إذ أن رئيس الجامعة الذي تولى منصب رئيس الوزراء قدم استقالته بعد بضعة أسابيع، وتم قبولها لاحقاً. تبدو أسباب قِصَرٍ هذه المهمة متعلقة بشكل كبير بتعقيدات السياسة الفلسطينية كما هي بالنسبة إلى خبرة رئيس الوزراء.

شغل أستاذ اللغة الإنكليزية رامي الحمد الله، الذي تلقى تعليمه الأكاديمي في بريطانيا، منصب عميد جامعة النجاح، أكبر جامعة في فلسطين، بالضفة الغربية على مدى السنوات الـ15 الماضية. ورفض العديد من العروض السابقة لترك رئاسة الجامعة، إلا أنه في السادس من حزيران/يونيو الجاري قبل عرضا ليصبح رئيساً للوزراء ويشكل حكومة جديدة. وخلف الحمد الله سلام فياض، الذي استقال من منصبه في منتصف نيسان/أبريل.

في الجامعة، رحب البعض بدور الحمد الله الجديد، فيما اعتبر البعض الآخر أن هذه الخطوة لم تكن حكيمة أو مناسبة، خصوصاً وأن رئيس الحكومة الجديد لا يملك خبرة سياسية أو حكومية سابقة.

كان من المتوقع أن يترأس حكومة تكنوقراط موقتة لعدة أشهر، ريثما يتمكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس من تسوية الخلافات بين حركة  فتح التي يتزعمها وحركة حماس على أمل تحديد موعد لاجراء الانتخابات المتأخرة. منذ عام 2007، شهدت العلاقات بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين تصدعاً عميقاً، حين شكلت حماس حكومة منافسة في غزة وأطاحت بفتح.

يحمل الحمد الله ( 54 عاما) شهادة دكتوراه في اللغويات التطبيقية من جامعة لانكستر البريطانية. وقد تبوأ العديد من المناصب في مؤسسات الجامعة مثلا عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد جامعات العالم الإسلامي. كما شغل منصب السكرتير العام للجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية منذ عام 2002.

وكان لافتاً عدم تقدم الحمد الله بطلب استقالة من منصبه كرئيس للجامعة لدى تعيينه رئيسا للوزراء.

احتل تعيين الحمد الله الجديد الصفحات الأولى للصحف الفلسطينية والدولية، حتى مع وسائل الإعلام الإسرائيلية التي أبدت اهتماماً كبيراً بفكرة قيادة الأكاديمي المعروف جيداً من قبل الشباب الفلسطيني للحكومة الجديدة.

“أعتقد أنه ليس هنالك أي مشكلة أن تتولى شخصية أكاديمية موقعاً حكومياً متقدماً” قال الصحافي والمحلل السياسي حسن عبد الله. وأضاف “الحمد الله يتمتع بسمعة جيدة، غنية وكفاءة مهنية ومهارات قيادية معروفة”.

وبحسب عبد الله، لعب الحمد الله دورا أساسيا في تطوير جامعة النجاح، مشيرا إلى أنه عمل جاهداً وتمكن من بناء شراكات مع العديد من المؤسسات الإقليمية والدولية.

غير أن إدارة الحكومة تختلف عن إدارة جامعة، لذا “يجب تعيين مستشارين لمساعدته على القيام بمهامه”، قال عبد الله، الذي يعتقد في أهمية ما وصفه “بالتطعيم” والذي قصد به اختلاط الخبرة الإدارية مع الخبرة الأكاديمية لمساعدة الحكومة على وضع سياسات قوية.

من ناحيته، امتدح رئيس تحرير وكالة معاً الإخبارية ناصر اللحام اختيار الحمد الله لمنصب رئيس الوزراء.

وقال في مقال كتبه في وقت سابق من هذا الشهر “رامي الحمد الله ليس عسكريا لنخشى من بطشه ولا زاحفا من أجل منصب حتى نتوجس منه، بل إنه أكاديمي مدني يؤمن بالديموقراطية كمنهاج حياة”. مضيفاً في مقاله أنه وخلال رئاسة الحمد الله افتتحت الجامعة 20 كلية علمية تمنح درجة البكالوريوس في 66 اختصاصاً، ودرجة الماجستير في 35 اختصاصاً، إضافة إلى اختصاص يمنح درجة الدكتوراه في الكيمياء، و21 اختصاصاً في الدبلوم المتوسط.

وعلى الرغم من السمعة الطيبة التي اكتسبها الحمد الله، إلا أن كثيرين اعتقدوا بأن اختياره لتبؤ هذا المنصب لم يكن صائباً.

https://www.bue.edu.eg/

“لا توجد في جامعاتنا أي معايير أكاديمية عند التعيين كما هو الحال في باقي المناصب الحكومية”، قال أستاذ جامعي للفنار طلب عدم الكشف عن اسمه.

محاضر آخر في جامعة النجاح، طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، قال للفنار إن خبرة الحمد لله الإدارية أكبر من خبرته الأكاديمية الأمر الذس ساعده في قيادة الجامعة في أحلك الظروف.

لا يبدو السبب في اختيار الحمد الله لهذا المنصب واضحاً تماماً، قال إبراهيم نعيرات المتخصص في الشؤون الفلسطينية في وزارة التخطيط، مشيرا إلى أن الاختيار ربما تم بسبب اهتمام الرئيس عباس بقطاع التعليم.

إلا أن تطوير قطاع التعليم فقط لأنه تم تعيين الحمد الله ليس مضموناً، قال مصدر للفنار. ” لن يتغير شيء، ما دمنا نعيش تحت الاحتلال الذي يتحكم بأقدارنا، ومن دون الحرية لا يمكن إنجاز شيء على الأرض”، قال أستاذ محاضر في جامعة النجاح.

محمد جمال، شاب ناشط من خريجي جامعة النجاح، أعرب عن سعادته لاختيار الحمد الله لرئاسة الوزراء. وقال “كل الطلاب يعرفونه ويعرفون اهتمامه والتزامه بالجامعة وطلابها”.

وللتعبير عن فخره باختيار الحمد الله رفع جمال صورة شخصية تجمعه مع الحمد الله على صفحته على موقع فيسبوك. إلا أنه ومع استقالة الحمد الله لا يبدو واضحا ما إذ كان جمال سيغير الصورة مرة أخرى أم لا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى