أخبار وتقارير

شركات التكنولوجيا تسعى لجذب الطلاب العرب

القاهرة- طورت عائشة مصطفى (19عاماً)، طالبة في جامعة سوهاج في مصر، مؤخراً نظام دفع جديد للمركبات الفضائية يستند على النظرية الكمومية. وعلى الرغم من دور جامعتها في مساندتها لتسجيل براءة الاختراع لفكرتها، إلا أن مصطفى ترثي مواردها المحدودة.

“وحدها أقسام علم الفلك والفيزياء كانت متاحة أمامي”، قالت مصطفى في البرنامج التلفزيوني “صباح الخير يا مصر”، مضيفة أنه “بالرغم من علاقة هذه الأقسام بعلوم الفضاء، إلا أنه مع الأسف لا يمكنها اختبار هذه الأفكار عملياً أو تنفيذها”.

ويعتبر استثمار الجامعات العربية في العلوم ضعيفاً في العموم، إلا أنه وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تدخل عمالقة التكنولوجيا العالمية مثل غوغل وإنتل وأيضاً عدد متزايد من الشركات المحلية، للتشجيع على الابتكار.

وفي الوقت الذي كان بعض هذه الشركات قد استثمر في قطاع التعليم منذ قبل الانتفاضات العربية، فإن المزيد من الشركات ترى فرصاً متنامية في هذا السوق. ففي العامين الماضيين، أقبلت شركات التكنولوجيا على تقديم المزيد من المنح الدراسية والزمالات والمسابقات في ما يعكس اهتماماً في التواصل مع الطلاب والجامعات.

وفي هذا السياق، قال وائل مسعود وهو شريك في الشركة الاستشارية برايس ووترهاوس كوبرز، “هناك حتما مبادرات تعليمية أكثر الآن، فالتعليم هو واحد من قنوات السوق”.

ويرى كريستوفر شرودر، مستثمر تكنولوجيا ومؤلف كتاب “الصعود المستمر للشركات الناشئة: ثورة جديدة تعيد صياغة الشرق الأوسط” أن “كل شركات التكنولوجيا التي التقيت بها لا تتكلم الآن فقط عن حصتها في السوق، ولكن عن كيفية الدعم والاندماج مع المجتمعات المحلية بدءا من التعليم وصولا إلى بناء النظم الإيكولوجية”.

وقال “إنه مزيج من المبادرات المحلية العظيمة التي تنمو وتتوسع، وزيادة وعي الشركات المحلية بأهمية تبني مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات، وقيام الأطراف العالمية المعنية بالشيء نفسه”.

ولكن اهتمام شركات التكنولوجيا يتخطى بناء علاقات عامة جيدة، وإنما يتعداه لرغبتها بأن يكون لها حصة في أسواق الإنترنت والتكنولوجيا العربية التي تشهد نموا سريعا.

وتعتبر الجامعات على نحو متزايد مكاناً مهماً تنطلق منه الشركات لجذب عنصر ديموغرافي رئيسي يتمثل بالطلاب والأساتذة، والذين يكثرون من استخدام التكنولوجيا، وكذلك لتوظيف العاملين من الجامعات.

وقال مسعود، من برايس ووترهاوس كوبرز “يقوم الاستثمار في التعليم على كسب قلوب وعقول الجيل الجديد”، مؤكدا أن “المنافسين الذين لا يقدمون على نفس الخطوة فإنهم لا يملكون الفرصة للنجاح”.

وينتقد بعض المراقبين البرامج التعليمية لشركات التكنولوجيا بوصفها محدودة جدا، وتركز كثيرا على التسويق المتقن (أو غير المتقن). “إن عدد المبادرات آخذ في التزايد، ولكنها [شركات التكنولوجيا] مهتمة في المسار الرئيسي، ألا وهي ريادة الأعمال”، كما قال فادي رمزي، مؤسس شركة “انتر أكت مصر” للانتاج واستشاري تكنولوجيا المعلومات. وأضاف “إنها لا تهتم بالتعليم العالي ككل”.

ويقول محللون إن برامج غوغل تأتي في الطليعة، حيث إن الشركة وجدت فرصة في تقديمها الدعم لتلبية حاجات مصر التعليمية، وفي الوقت نفسه تدعم تعزيز العلامة التجارية الخاصة بها وموقعها في السوق.

قبل انتفاضة العام 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك، اتجهت غوغل إلى زيادة وجودها في الجامعات مع إطلاقها برنامج “سفراء غوغل للطلاب”، والذي بدأ تطبيقه في مصر وعدة دول عربية أخرى في ذلك العام. وبالإضافة إلى الحصول على التدريب ومكانة الانتساب لعملاق التكنولوجيا العالمية، يلعب سفراء غوغل دوراً بسيطاً في الترويج لاستخدام منتجات غوغل القديمة والجديدة وأيضاً مساعدة “غوغل في فهم أفضل لثقافة كل جامعة”.

“الهدف من وراء برنامج سفراء غوغل وتدريب السفراء هو معرفة ما يحتاجه الطلاب والجامعات”، قالت مها أبو العنين رئيسة قسم الاتصالات لغوغل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. “إن تقييم السفراء مهم جدا لأنه يساعدنا في تحديد طريقة تصميمنا لمنتجاتنا بشكل يسمح بخدمة الطلاب أكثر وتعزيز التعليم من خلال شبكة الإنترنت”.

في عام 2012، اختارت غوغل 234 سفيراً من 70 جامعة في مختلف أنحاء المنطقة.

ولكن حتى قبل توسيع غوغل حملتها التعليمية في المنطقة، كانت كل من شركتي مايكروسوفت وسيسكو تستثمران في التعليم في المنطقة. حيث تم إطلاق معهد سيسكو لرواد الأعمال في عام 2009، لتدريب الخريجين وتقديم ورش عمل حول كيفية البدء بعمل تجاري، والبحث عن فرص العمل ومحو الأمية الحاسوبية.

وفي شراكة مع أميديست، منظمة غير ربحية تعنى بقضايا التعليم، بدأت سيسكو بإنشاء مراكز تدريب في المغرب، ولبنان، وسلطنة عمان، وتونس والضفة الغربية وغزة تقدم مزيجاً من التدريب التكنولجي ومهارات البحث عن العمل.

وركزت مايكروسوفت، واحدة من أوائل مؤيدي دعم قطاع التعليم في المنطقة، على سبل الوصول إلى التكنولوجيا بالإضافة إلى تدريب المعلمين والطلاب. فمن خلال مركزها للدعم الأكاديمي، تقدم الشركة موادا تعليمية ودعما تقنيا لأساتذة تكنولوجيا المعلومات في جامعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

ومن جهة أخرى، يهدف العديد من البرامج إلى دعم رائدات الأعمال. “المرأة أكثر نشاطا في قطاع التكنولوجيا في مصر مقارنة مع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية”، كما قال خالد اسماعيل، رئيس مجلس إدارة “انديفر مصر” التي تسعى إلى إيجاد ودعم “رجال الأعمال ذوي التأثير الكبير”.

وأضاف اسماعيل “تجد أن الكثير من الموظفين في شركات التكنولوجيا هم من النساء، كما أن نسبة مؤسسي شركات تكنولوجية من النساء تصل إلى 30-40 في المئة”.

وكجزء من “تحدي تمكين النساء”، أطلقت شركة ديل مسابقة جديدة مفتوحة لجميع طلاب الجامعات للوصول إلى حلول ابتكارية في الأعمال تهدف إلى تمكين المرأة. وقالت تيريسا طومسون، نائبة رئيس قسم المسؤولية في الشركات في ديل، إنه “على الرغم من أن طموح المرأة والرجل قد يكون على قدم المساواة، إلا أن العوائق أمام الفرص التي تتاح لهم ليست كذلك”.

وتابعت قائلة “نحن متحمسون لنرى ما المقترحات التي ستقدمها المجتمعات الجامعية في العالم للتصدي للتحديات التي تواجه المرأة اليوم”.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه شركة ديل نهجا عالمياً، تفرض شركة إنتل وجودها من بوابة إقليمية من خلال مسابقة “تحدي إنتل للشرق الأوسط وشمال أفريقيا” التي يسعى فيها الطلاب جاهدين لإنشاء تطبيقات تكنولوجية في مجالات مثل الرعاية الصحية، والتكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا النانو.

وتساعد مثل هذه البرامج الجهات العالمية الممولة التي تبحث عن القوى العاملة المتعلمة والمطلعة على المتطلبات الإقليمية والعالمية في المنطقة، حيث من المعروف أن قطاع التعليم نفسه يواجه بعض الصعوبات.

“لا أعتقد أن أحدا كان يشك بأنه يوجد فجوات ليس فقط على مستوى التعليم الجامعي ولكن أيضا في جودة المدرسة الثانوية التي، بطبيعة الحال، تؤثر على الجامعات بشكل رهيب”، قال شرودر. “التنفيذ لا يمكن أن يأتي فقط على مستوى الجامعات، ولهذا ترى الكثير من الشركات المبتدئة تركز جهودها على التعليم المبكر والمهارات التكميلية، مثل الرياضيات والبرمجة”.

ولكن يبقى أن دعم الشركات للبرامج التعليمية مرتبط ارتباطا وثيقا باستراتيجيات هذه الشركات الخاصة بالتوسع.

على مدى العقد الماضي، أصبحت مصر على وجه الخصوص واجهة جديدة لتطوير التكنولوجيا وطرح المنتجات الجديدة في جميع أنحاء المنطقة. “مصر بلد ذات كثافة سكانية عالية وحيث التكلفة المعيشية منخفضة نسبياً”، قال إسماعيل من انديفر مصر. “الوصول إلى مجموعة كبيرة من المواهب البشرية بتكلفة منخفضة هو شيء تبحث عنه [الشركات العالمية] دائما”.

وفي الوقت الذي ارتفعت تكلفة ممارسة الأعمال التجارية في الصين والهند بشكل ملحوظ، ازدادت معها جاذبية الشرق الأوسط لشركات التكنولجيا. ووفقا لاسماعيل، “تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوقاً سريعة النمو، ونظراً لتأخر وصول التكنولوجيا إلى هذه المنطقة، فإن معدلات نمو هذا القطاع فيها أعلى بكثير مما هي عليه في الأسواق الناضجة”.

ولكن من غير المعلوم حتى الآن ما إذا كانت استثمارات شركات التكنولوجيا ستنتشر بشكل أوسع في قطاع التعليم العالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى