أخبار وتقارير

الطلاب الخليجيون: تعليمنا بحاجة إلى تطوير

على الرغم من صرفها لمليارات من الدولارات لإصلاح أنظمتها التعليمية خلال العقدين الماضيين، إلا أن دول الخليج لا تزال تكافح لإعداد الطلاب للتعليم العالي وسوق العمل، وفقا لتقرير صدر مؤخرا تضمن آراء الطلاب.

 فقد أبدى عدد من شباب مجلس التعاون الخليجي عدم رضاهم عن نوعية التعليم في بلادهم، مشيرين إلى الحاجة لإصلاح أكثر، وفقا لتقرير أعدته عام 2013  شركة الاستشارات العالمية بوز أند كومباني بعنوان “الإصغاء إلى أصوات الطلاب”. فقد قامت الشركة بدراسة استقصائية لأكثر من ألف و300 طالب في مدرسة ثانوية وسنة أولى الجامعة، بما في ذلك المواطنين والمقيمين، الذين يدرسون في المدارس الثانوية المحلية والعامة والدولية خاصة في قطر، الكويت، السعودية والإمارات. وكان من بين النتائج الرئيسية:

 ففي الوقت الذي يعتقد فيه العديد من الطلاب الذين شملهم الاستطلاع أنهم كانوا يتلقون تعليما جيدا، قال 15 في المئة منهم إنهم “لا يعتقدون ذلك على الإطلاق” أو “ليس واثقين جدا” من حصولهم على أفضل تعليم. بينما كان 21 في المئة منهم محايدين.

 وقال 75 في المئة من الطلاب الذين شملهم الاستطلاع في الإمارات إنهم يعتقدون أن النظام التعليمي في بلادهم متفوق على باقي الأنظمة الغربية. لكن فقط 43 و42 في المئة في قطر والكويت، على التوالي، لديهم الرأي نفسه. وأبدى الطلاب في السعودية شكهم في القدرة التنافسية لنظامهم التعليمي. وقال 25 في المئة منهم إن نظامهم هو الأفضل.

 تريد أغلبية كبيرة في كل بلد المزيد من الإصلاحات التربوية، بما في ذلك 76 في المئة من الطلاب في الكويت، 81 في المئة في الإمارات و87 في المئة في قطر. في السعودية، تبدو الثقة أقل في تعليمهم، مع 94 في المئة يعتقدون بالحاجة إلى إصلاح.

 ووفقا للتقرير، من المتوقع أن يرتفع عدد الطلاب في الخليج من 9.5 مليون إلى ما يقدر بـ11.3 مليون عام 2020.

 وقالت منيرة جمجموم، باحثة ومشاركة في إعداد تقرير بوز أند كومباني، في مقابلة عبر الهاتف إنه وبالرغم من إدخال تحسينات تربوية في دول الخليج، إلا أن المدارس لا تزال غير قادرة على إعداد الطلاب بشكل صحيح.

 وأضافت “أن ما يتم تدريسه في العديد من المدارس- ليس بالضرورة من الناحية الأكاديمية بل من ناحية المهارات يخلق ما يعرف باسم ‘عدم تطابق’ مع متطلبات القوى العاملة للقرن الحادي والعشرين”. ولفتت جمجوم إلى أن المدارس لا تعلم مهارات كالتواصل، التفكير النقدي، التفكير المنطقي والعمل كفريق والتي تشكل مفتاح النجاح في بيئة تنافسية بشكل. “فعلى سبيل المثال، الأجيال الشابة ترغب في العمل في فرق وهذا ليس شيئا يتم عكسه في الكثير من أساليب التعليم التقليدي”.

الطلاب غير مستعدون للتعليم العالي والوظائف

 يقدم تقرير بوز أند كومباني الأسباب الرئيسية لعدم تطابق هذه المهارات، والتي تشمل الدورات ونقص المعلمين المؤهلين، لاسيما العارفون في الرياضيات والعلوم. وتشمل الأسباب أيضا أساليب تدريس عفا عليها الزمن، مثل الاعتماد بشكل كبير على الكتب المدرسية والمحاضرات بدلا من استخدام التكنولوجيات الجديدة.

 ويعلق القطري ناصر نعمة، 25 عاما، بأن دراسته في المدرسة الثانوية الرسمية أعدته بشكل ضعيف للجامعة، ناهيك عن المهنة. جاء تعليمه على المحك عندما تم قبوله في جامعة سيدني في برنامج تحضيري للطلاب الدوليين. في مدرسته الثانوية القطرية، قال نعمة إنه لم يتعلم المهارات اللازمة والأساسية التي من شأنها أن تساعده في الكلية. “ركزت مدرستي الثانوية على التلقين والاستظهار. لهذا السبب طوال العام الدراسي لم نكن ندرس بجد إلا قبل الامتحانات. كان علينا فقط حفظ كل ما هو في الكتب المدرسية”.

 في سيدني، لم يستطع الانخراط بنمط مختلف من التعليم. حتى الأمور الأساسية مثل الذهاب إلى الجامعة في الوقت المحدد، تدوين الملاحظات، التفكير النقدي وإدارة الوقت كانت صعبة بالنسبة له.

“أنا فقط لا أعرف كيف نفعل ذلك”، قال نعمة.

وأضاف أن الدورة التحضيرية لم تساعده بشكل جيد، “لم أتمكن من التعامل مع الضغط والمسؤولية. لذلك عدت من دون أن أكمل الدراسة”. بعد استكشاف خيارات دراسية مختلفة، والعمل في أحد المصارف المحلية، تقدم نعمة في نهاية المطاف إلى جامعة فرجينيا كومنولث في قطر، حيث يدرس الآن التصوير والطباعة.

 وقال معظم الطلاب الذين شملهم الاستطلاع إنهم يخططون لدخول الجامعة، وأن الأمن الوظيفي أمر ضروري لرفاهيتهم. لكنهم يقولون إنهم لا يحصلون على توجيه أكاديمي ومهني ملائم من المسؤولين في المدرسة، مثل كيفية الالتحاق بالجامعات والخضوع لدورات تحضيرية لمهن معينة.

بدلا من ذلك، طلب العديد من الطلاب المشورة من أفراد الأسرة والأصدقاء الذين هم “جاهلون كالطلاب” حول الخيارات المهنية، وفقا للتقرير. يختار معظم الطلاب في نهاية المطاف “أسلم الطرق الوظيفية وأكثرها وضوحا”، إذ عادة ما ينضمون إلى الجيش أو يعملون لحساب وزارة حكومية.

 وقال ما يقرب من 43 في المئة من طلاب المدارس الحكومية اللذين أجريت معهم مقابلات إنهم يعتزمون العمل في القطاع العام، مقارنة بـ29 في المئة من المدارس الخاصة و20 في المئة من طلاب المدارس الأجنبية. هذا الخيار هو الأرجح لأن أطفال مدارس القطاع العام عادة ما يأتون من خلفيات أقل ثراء ويتلقون أسوأ توجيه مهني، حسب ما خلص محررو التقرير.

 وأعرب ثلث العدد عن اهتمامهم بالعمل في شركة خاصة متعددة الجنسيات. ولكن 11 في المئة فقط من المستطلعين قالوا إنهم يرغبون في العمل في شركة خاصة محلية. ويرغب 14 في المئة من الرجال و9 في المئة من النساء بأن يصبحوا أصحاب المشاريع.

 وتبدو قلة أعداد الطلاب الطامحين للعمل في شركات القطاع الخاص أو للبدء بمشاريعهم الخاصة مشكلة مزمنة بالنسبة لكثير من دول الخليج. فبسبب الثروة من احتياطيات النفط والغاز، فإن معظم الدول قادرون على تقديم وظائف ذات رواتب عالية في القطاع العام لمواطنيهم والتي تتطلب الحد الأدنى من الجهد وساعات العمل القصيرة.

 تقر حكومات دول الخليج بأن نفطهم لن يستمر إلى الأبد، وأنهم لن يكونوا قادرين على الحفاظ على حجم القوى العاملة لديهم وأجورهم الكبيرة. لذا فإنهم يحاولون تنويع وتحويل اقتصاداتهم القائمة على استهلاك السلع إلى أخرى قائمة على المعرفة. ولكن يبدو أن المدارس الثانوية وطلابها لا يدعمون الفكرة بعد.

 “وفقا لدراستنا، فإن ثلث طلاب دول مجلس التعاون الخليجي لا يزالون يفضلون العمل في وظائف القطاع العام. لذلك هم يشعرون أن هناك وظيفة آمنة لهم لدى تخرجهم، رغم أن هذا ليس صحيحا بالضرورة. تثقيف أفضل للقوى العاملة وعن الوظيفة أمر بالغ الأهمية”، قالت جمجوم.

وأضافت “يحتاج الطلاب إلى معرفة ما يشكل قوى عاملة صحية، فيما يخص التنمية الاقتصادية في بلادهم، وما هي الخيارات المتاحة لديهم عندما يتخرجون”.

 التعليم العالي يسد الفراغ

إن معدلات البطالة بين الشباب في منطقة الخليج آخذة في الارتفاع. يظهر تقرير شركة بوز أند كومباني للدراسات أن 22 في المئة و31 في المئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 25-29 سنة في قطر والسعودية، على التوالي، كانوا عاطلين عن العمل عام 2010. وسط الذين تتراوح أعمارهم بين 20-24 سنة، ترتفع الأرقام إلى 40 في المئة في قطر و48 في المئة في السعودية بدون وظائف.

 وقد استجابت الحكومات من خلال الاستثمار في المدارس المهنية وبرامج التدريب. وقال التقرير إنه تم تحديد زيادة في ميزانية للتدريب التقني والمهني في السعودية بنسبة 41.6 في المئة بين عامي 2010-2014. وبالمثل، كجزء من استراتيجيتها الإنمائية، تعهدت قطر بزيادة عدد من المجالات التقنية والمعاهد. ومع ذلك، فإن الفائدة من هذه البرامج لا تزال منخفضة. إذ قال تسعة في المئة من المشاركين في الاستطلاع فقط إنهم يعتزمون الحصول على شهادة تقنية.

 وتظهر مؤسسات التعليم العالي اهتماما أفضل في إعداد الطلاب الذين يستعدون للعمل في الشركات الخاصة.

 تتميز جامعة قطر، على سبيل المثال، بالعديد من الاختصاصات الصناعية والمجالس الاستشارية، بما في ذلك إدارة الأعمال، وسائل الاتصال الجماهيري، الهندسة والتعليم، لضمان وعي الأساتذة حول التحديات المستمرة في هذه المجالات. كما أن التدريب يعتبر أيضا شرطا للعديد من البرامج الجامعية.

 تطبق الجامعة الأميركية في الشارقة، والتي تقدم برامج في الهندسة والهندسة المعمارية والتصميم، والأعمال التجارية والإدارة، استراتيجية مماثلة.

 وأوضح علي شوهيمي، نائب مدير الجامعة للتسجيل، أن جزء من الخطة الاستراتيجية للمؤسسة يكمن في إشراك الناس من خارج الجامعة مباشرة. “لدينا مجالس استشارية في كلياتنا للحصول على مشورة متخصصين في مجالات الصناعة وتوجيه لمعرفة المكان الذي يجب أن نركز طاقاتنا عليه وما يمكن أن نفعله وبالضبط كمؤسسة لنكون جزء من التنمية الشاملة طويلة الأمد للبلاد”.

 وتلتقف الجامعات الخليجية عمل المدارس الثانوية عندما يتعلق الأمر بإعداد الطلاب للتعليم العالي. إذ تقدم العديد منها برامج أساسية للطلاب الذين لا يستطيعون إتقان الانكليزية، العلوم والرياضيات اللازمة عند التقديم في المرة الأولى.

 في الدوحة، لدى القطريين، الذين لا يرغبون أو لا يستطيعون الدراسة لأربع سنوات، فرصة للدراسة في كلية تقنية في قطر، حيث يمكنهم كسب شهادات أولية في مجموعة متنوعة من الاختصاصات. في كثير من الأحيان ينخرط الكثيرون في كلية تقنية أولا لأنهم يعرفون أنهم ليسوا على استعداد للالتحاق بالجامعات الناطقة باللغة الإنكليزية.

 كما تقدم العديد من الجامعات أيضا برامج للمدارس الثانوية تساعد الطلاب على تعزيز مهارات التفكير الناقد الأساسية. تقدم جامعة تكساس A&M في قطر العديد من البرامج التي تساعد الطلاب على الاستعداد لامتحانات SAT وACT، وتعلم كيفية الخضوع لاختبار المهارات وحتى مراجعة أساسيات اللغة الإنكليزية ومفاهيم الرياضيات. كما تقدم الجامعة أيضا ورش عمل للمعلمين الثانويين الذين يرغبون في تدريس الرياضيات على نحو أكثر فعالية.

 تبدو محاولات تكساس A&M لتحسين التعليم أكثر ضرورة في ضوء استطلاع  بوز أند كومباني لأصوات الطلاب. في ما يسميه واضعو التقرير واحدة من أكثر “النتائج المحزنة في الدراسة”. الطلاب في قطر والسعودية هم أكثر عرضة للتشكيك في كفاءة المدرسين الثانويين خاصة في المدارس الرسمية مقارنة مع طلاب من دول أخرى شملها الاستطلاع..

37 في المئة فقط من المشاركين في قطر اعتقدوا أن أساتذتهم يفهمون كامل مواد المنهج الدراسي. فيما، يعتقد 43 في المئة فقط من الطلاب في السعودية أن أساتذتهم مدربون تدريبا جيدا.

 وأشار أحد الطلاب الثانويين في الإمارات إلى أن “أستاذه في مادة الفيزياء عادة لا يعرف كيف يحل المعادلة وثم يطلب منك أن تفعل ذلك كواجب منزلي”.

 وبالإضافة إلى ذلك، قال أقل من نصف الطلاب في البلدان التي شملها الاستطلاع، باستثناء الإمارات، إن لأساتذتهم مصلحة حقيقية في التقدم الأكاديمي.

 لا تبدو نتيجة المسح بمثابة مفاجأة لنور خليفة التميمي ذات الواحد والعشرين عاما والطالبة في جامعة نورث وسترن في قطر والكائنة في حرم المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر، وقالت إن مدرستها الثانوية المستقلة (رسمية) فشلت في تثقيفها بشأن جامعتها والخيارات المهنية حتى فات الأوان تقريبا”.

 “أتذكر أنه كان لدينا مرة معرضا للجامعات وكانت كل الجامعات الكائنة في المدينة التعليمية موجودة في ذلك الوقت”، قالت في رسالة بالبريد الالكتروني. “وكان فات الأوان، إذ كنت بالفعل في الصف 12 وقاربت على التخرج. قبل ذلك، لم أكن أعرف بوجود المدينة التعليمية”.

إذا كان لديها فرصة للتعرف على المدينة التعليمية في وقت سابق، حيث اللغة الإنكليزية هي عموما لغة التدريس، ربما كان لديها المزيد من الوقت لتحسين مهاراتها اللغوية. بدلا من ذلك، ذهبت إلى جامعة قطر لمدة عام قبل الالتحاق في برنامج الجسر الأكاديمي في مؤسسة قطر، وهو برنامج البوابة التي تساعد الطلاب على اكتساب القبول في الجامعات الناطقة باللغة الإنكليزية. وعند سؤالها عما فعلت  مدرستها الثانوية، قالت التميمي، “لا شيء”. وأضافت أن معظم صديقات المدرسة إما فشلن في البرنامج التأسيسي في جامعة قطر أو أصبحن ربات بيوت. فقط هي أوصلها قدرها إلى جامعة نورث وسترن.

 انظر أيضا قصة ذات صلة: المرأة الخليجية أكثر تعليما وأقل عملا

لتحميل التقرير الكامل انقر هنا
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى