أخبار وتقارير

ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية في الجامعات المصرية؟

القاهرة – اندلعت اشتباكات بين الشرطة وطلاب محتجين يدعمون الرئيس المخلوع محمد مرسي في جامعة الأزهر في العاصمة المصرية يوم الأربعاء الماضي مع استمرار السلطات المدعومة من الجيش في حملتها ضد جماعة الإخوان المسلمين.

 يعد حرم جامعة الأزهر، وهو رمز للإسلام السني، نقطة أساسية من الاحتكاك السياسي وموقعا لسلسلة من الاحتجاجات. يمتلك أنصار الإخوان المسلمون وجوداً داخل الجسم الطلابي، بينما أبدت الشرطة والجيش تردداً في دخول الحرم الجامعي تجنباً لاتهامات بتقييد الحرية الأكاديمية. وكانت الاحتجاجات في الشوارع في مختلف أنحاء البلاد قد هدأت إلى حد كبير، إلا أن  اشتباكات الحرم الجامعي في الأزهر وغيرها من الجامعات لا تزال تتصدر أخبار الصفحات الأولى.

 “هدفنا هو وضع الحكومة البوليسية الحالية تحت الضغط بصورة يومية وفضح سياسات القمع، وذلك لفتح أعين الناس وبدء ثورة جديدة ضد الانقلاب واستعادة ثورتنا، التي كانت سرقت من قبل الجيش”،  قال صهيب عبد المقصود، المتحدث باسم طلاب الإخوان المسلمين.

 وأضاف ” الحركات الطلابية هي الأمل الوحيد لاستعادة الديموقراطية في مصر”.

 وعلى الرغم من العنف والضغوط الأمنية التي شلت المجموعة، يواصل طلاب الإخوان مثل عبد المقصود احتجاجاتهم الصاخبة في مؤسسات التعليم العالي في مصر.

 وقد أبدى بعض المسؤولين الأمنيين تردداً في الانخراط في حملة قاسية جدا على الطلاب. في هذا الإطار، قال مسؤول أمني، طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الاعلام، “إننا لا نريد لشباب الإخوان المسلمين التحول إلى أعمال العنف، والقبض عليهم ليس حلا”، مضيفاً “في النهاية هم شباب تعرضوا لعميلة غسيل دماغ من قبل زعيمهم”.

 وقال “نحن نسعى إلى اعتماد سياسات أخرى لإبعادهم عن الجماعة من أجل حمايتهم من خطة المجموعة لتخريب مصر”، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

 تأسست جماعة الإخوان المسلمون في مصر من قبل مدرس وباحث إسلامي عام 1928، وقد اخترقت لفترة طويلة نظام التعليم في البلاد بحيث جندت الشباب. وصلت الجماعة إلى السلطة بعد الإطاحة عام 2011 بالرئيس الأسبق حسني مبارك، واكتساحها الانتخابات بفوز مرسي، المدعوم من قبل الجماعة، في أول انتخابات رئاسية حرة في البلاد.

 لاحقاً، بعد نزول الملايين من المعارضين إلى الشوارع في حزيران/يونيو الماضي للاحتجاج ضد مرسي، قام وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي بعزل مرسي في أوائل شهر تموز/يوليو الماضي، وعلق الدستور الذي تم وضعه عام 2012، وتنصيب حكومة جديدة مع الوعد بإقامة انتخابات جديدة. وتعمل حالياً لجنة تضم أكاديميين على صياغة دستور جديد من المفترض أن يطرح للاستفتاء شعبي خلال العام الحالي.

 على مدى الأشهر الأربعة الماضية، شنت السلطات المصرية حملة واسعة على جماعة الإخوان في إطار ما تقول إنه مسعى لمكافحة الإرهاب.

 يوم الأربعاء الماضي، اعتقل عصام العريان، نائب رئيس الجناح السياسي للجماعة، ليصبح واحداً من الآلاف من قادة وأعضاء جماعة الإخوان الذين تم القبض عليهم. يبدو أن الاعتقال كان جزءاً من الأسباب المحركة لهذه الاحتجاجات.

 “من المهم للغاية بالنسبة لهم إبقاء الشارع مضطرباً”، قال سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي وأستاذ في الجامعة الأميركية في القاهرة، مضيفاً “إنه يضع الكثير من الضغط على الحكومة.”

 وقال محللون إن جزءاً من هذه الاستراتيجية يأتي في إطار حشد قاعدة لجماعة الإخوان المسلمين في محاولة للحفاظ عليها موحدة ومنع الاقتتال الداخلي حول من هو المسؤول عن هذا الوضع الذي آلت إليه المجموعة. في المقابل، قال آخرون إنه مع وجود هذا العدد الكبير من قادة الإخوان في السجن، فإن الجماعة تبدو ضائعة ولا تعرف ماذا تفعل غير النزول إلى الشوارع لمعارضة الانقلاب.

 يحتاج الإخوان إلى إعادة اختراع أنفسهم، قال صادق “لكنني لا أعتقد أنهم قادرون على ذلك في الوقت الراهن. ليس لديهم الوقت أو الإمكانية. إنهم وسط المعركة حالياً”.

 في الأزهر، يظهر الطلاب وكأنهم يستفزون الجيش والشرطة ليقتحموا الحرم الجامعي ومن ثم الشكوى ضدهم. سعت الجامعات المصرية للتخلص من سيطرة الدولة خلال حكم مبارك. وخاضت مجموعة تسمى حركة 9 مارس بنجاح حراكا للحصول على مزيد من الحكم الذاتي والتحرر من أمن الدولة. إلا أن هذا ترك الجامعات المحمية فقط من قبل مجموعة غير مدربة، وحراس غير مسلحين.

 الأربعاء، أطلقت الشرطة المصرية الغاز المسيل للدموع على الطلاب المحتجين في الأزهر، المؤسسة التعليمية الإسلامية الرائدة في البلاد والواقعة ي قلب العاصمة المترامية الأطراف. بينما استمرت الاحتجاجات هناك لمدة أسابيع، طلب مسؤولون في الجامعة الشرطة لدخول الحرم الجامعي “لحماية الأرواح والممتلكات”، وفقا لبيان لوزارة الداخلية نشرته وكالة رويترز. وأظهرت صور في أعقاب الاحتجاجات مبنى الإدارة وقد أصيب بأضرار بالغة، مع فتحات في جدرانه.

 وفي الوقت نفسه، استمرت الاحتجاجات في مؤسسات أخرى للتعليم العالي العام على الصعيد البلاد، بما في ذلك جامعة القاهرة، منذ بداية العام الدراسي في أيلول/سبتمبر الماضي.

 ولا تقتصر الاضطرابات على طلاب الإخوان. فقد قال عبد المقصود إنهم يعملون من خلال تحالف يسمى طلاب ضد الانقلاب، والذي قال إنه يشمل مئات الطلاب من مختلف القوى السياسية، بما في ذلك بعض الجماعات الليبرالية.

 تضم الاحتجاجات “مزيجا من الإخوان والشباب المصريين المحبطين”، قال خليل العناني باحث زميل في معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية واشنطن. وأضاف “البعد الأول لهذه الحركة هو أنها لا تملك البنية أو التسلسل الهرمي الذي يمكن قمعه بسهولة أو مواجهته، لكنها ليست سوى شبكة من الشباب المصريين الذين يشعرون بالإحباط من ما يحدث”.

 حتى الآن، تعمل مجموعة الطلاب، حسب عبد المقصود، “تحت ضغوط هائلة” من الأجهزة الأمنية، كما يجري رصدها. وقد تم القبض على أكثر من 150 طالبا في الأزهر وحده، كما قال، على الرغم من أن بعض القيادات الطلابية الرئيسية ما زالت مستمرة في العمل.

 وفي الوقت نفسه، وفي خضم المظاهرات التي تشتعل داخل الحرم الجامعي في الجيزة بالقرب من القاهرة، قال رئيس جامعة القاهرة جابر نصار إن الحلول الأمنية لن تحل مشكلة الاحتجاجات.

 وأضاف لوسائل الإعلام المصرية ” لا يمكن استخدام العنف ضد طلابنا حتى لو كان بعضهم قد استخدم العنف”. وأشار إلى أن “الخيار الوحيد أمامنا هو في احتوائهم، والقول لهم إننا نسمعهم، والبدء في حوار جاد معهم. إن استبعادهم أو توقيفهم لن يحل المشكلة ولن يوقف الاحتجاجات”.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى