أخبار وتقارير

انتخابات الطلاب في لبنان: صورة مصغرة لصراعات البلد

بيروت – أغلقت جامعة لبنانية أبواب كلية إدارة الأعمال بصفة مؤقتة هذا الأسبوع بسبب اندلاع أحداث عنف على خلفية انتخابات طلابية مما يعكس خصومات سياسية أوسع في البلاد.

أغلقت كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف في بيروت يومي الإثنين والأربعاء، بعد نشوب خلاف بين طلاب مناصرين لحزب الله و آخرين مناصرين لحزب القوات اللبنانية اليميني المسيحي بعد إعلان نتائج الانتخابات الطلابية العنيفة الأخيرة والتي فاز فيها طالب من حزب القوات اللبنانية وحلفائه السياسيين.

وقع الإشكال يوم الاثنين الماضي بعدما وجد الطلاب في الصباح رسم غرافيتي على الجدران القريبة من حرم الجامعة، يجسّد قلوباً تتوسطها كلمة «شرتوني» (حبيب الشرتوني المتهم باغتيال الرئيس السابق بشير الجميّل)، في حين نشب خلاف أخر يوم الأربعاء بين طالبين من كلا الطرفين.

وقد حث الرئيس اللبناني ميشال سليمان الطلاب على قبول النتائج، قائلاً ” يجب أن تظل الانتخابات في الجامعات مثالاً لما ينبغي أن تكون عليه الديمقراطية في بلدنا”.

بحلول يوم الجمعة، فتحت الجامعة ابوابها مرة أخرى ولكن فقط لطلاب السنة الأولى من قسم إدارة الأعمال. وتم الإبقاء على تواجد للجيش بصورة مكثفة خارج بوابات الجامعة منذ تاريخ إجراء انتخابات 22 تشرين الثاني/ نوفمبر.

تظلال انتخابات الطلابية للبنان منذ قديم الأزل نموذجاً مصغراً من المشهد السياسي الأوسع بلبنان، أكثر من كونها وسيلة لحملات كسب التأييد الطلابية ووسيلة لجذب الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد للمشاركة. وتعقيباً على تداعيات الانتخابات الطلابية، أصدر أعضاء في البرلمان اللبناني ممثلين عن حزب الله والقوات اللبنانية بيانات ألقى فيها كل طرف اللوم على الطرف الآخر.

في انتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية هذا العام، قيل إن الأحزاب السياسية الخارجية ساهمت بآلاف من الليرات لتمويل حملات ممثليها من الطلاب، الأمر المخالف للأنظمة، وفقاً لتقرير صحفي نشر في وقت سابق من هذا الشهر في صحيفة ديلي ستار.

https://www.bue.edu.eg/

فاقمت الحرب في سوريا المجاورة التوترات بين المعسكرات السياسية في لبنان، فحزب الله، حليف الرئيس السوري بشار الأسد، يقود تحالف 8 آذار، في معارضة مع تحالف 14 آذار المعارض والمناهض للنظام السوري. وتسببت التوترات بإندلاع أعمال عنف في مناسبات متكررة في مدينة طرابلس، وشهدت البلاد أربعة تفجيرات كبيرة هذا العام، أخرها كان عند السفارة الايرانية هذا الشهر، مما أسفر عن مقتل 25 شخصاً. وقد انعكست هذه التوترات على الجامعات في البلاد.

“إن الوضع العام، والمواجهة مع الأمن والوضع في سوريا يزيد من تفاقم الانقسامات الطائفية في لبنان،” قال هلال خشان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت.

ومع ذلك، يعتقد خشان أن مثل هذه الحوادث هي سمة حتمية لأسلوب سياسة الطلاب التي يتبعونها في الجامعات في لبنان، مع حملات شديدة وسافرة متوازية مع خطوط الحزب السياسي. ويضيف أنه حان الوقت للجامعات لإلغاء هذه الانتخابات، أو توفير آليات أقوى لمنع السياسة في البلاد من اللعب في الحرم الجامعي.

وعلى الرغم من أن جامعة القديس يوسف قد أدخلت التمثيل النسبي في عام 2009 في محاولة للحد من الانقسامات، إلا أنه ثبت أن الجامعات غير قادرة على وقف موجة السياسة في لبنان التي تضرب الحرم الجامعي كل عام.

“المقصود بـ [الانتخابات الطلابية] تحسين نوعية سنوات الدراسة الجامعية بحيث يتمكن الطلاب من التمتع بيئتهم،” قال خشان مضيفاً “ولكن بدلا من ذلك، ما حدث هو أن الجامعة قد تحولت الى ساحة آخرى من المواجهات السياسية.”

يوافق هيثم مقداد، طالب إدارة أعمال في الجامعة، على كلام خشان. وعلى الرغم من أنه صوت في الانتخابات فإنه يقول بأنه يتفهم إحباطات أولئك الذين تورطوا في أعمال العنف. وقال” إذا أردنا الاستمرار هنا (هكذا)، فسوف نتقاتل عدة مرات، وبطبيعة الحال سيحدث هذا مرة أخرى. لقد طلبنا من الجامعة إلغاء الانتخابات لذا نحن لا نصوت. نحن لا نريد انتخابات” .

وفي الوقت نفسه ، فإن الطلاب الذين اختاروا عدم المشاركة والانغماس وسط الخصومات السياسية التقليدية في البلاد يقولون إنهم تعرضوا للظلم بسبب نتائج مثل التي شهدتها جامعة القديس جوزيف .

https://www.bue.edu.eg/

” إنها أشبه بالسجن هنا الآن، ” قالت طالبة في كلية الأعمال، طالبة عدم الكشف عن اسمها خوفاً من رد فعل عنيف داخل الحرم الجامعي. وأضافت” لا يمكن الدخول والخروج بحرية الآن. نحن لسنا قادرين على البقاء بعد انتهاء اليوم الدراسي في الجامعة”.

وتلقي باللوم على تورط سياسيين البلد. “إنهم يجعلون الطلاب يكرهون بعضهم البعض،” مضيفة ” نحن أخوة وأخوات في هذه الجامعة. جئنا للدراسة وليس لممارسة السياسة”.

يتحسر البعض الآخر على الفرصة الضائعة.

قال خشان من الجامعة الأمريكية ببيروت “إذا كان يمكن للمرء توقع أي شئ من سنوات الدراسة الجامعية فهو جلب اللبنانيين معاً حتى يتمكنوا من اكتشاف بعضهم البعض و التوصل لحل وسط، والانفتاح. ما حدث هو العكس تماما”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى