أخبار وتقارير

جامعة الإسكندرية تسعى للتميز

الإسكندرية، مصر – في مركز بسيط للبحوث الإكلينيكية في الساحل الشمالي لمصر في جامعة الإسكندرية، تحظى منسقة المشروع والصيدلانية رشا العيسوي بمكانة مرموقة.

“يحلم الصيادلة بفرصة كهذه،” قالت العيسوي التي تدربت في المركز قبل أن يتم التعاقد معها للعمل بشكل كامل. “هناك كثيرون من الخريجين في الصيدلة والطب يرغبون بالعمل معنا هنا.”

يعتبر معهد البحوث الطبية، الذي أنشئ في عام 2006، أول مركز لإجراء تجارب الأدوية عالية الجودة في مصر. يوفر المعهد فرص الوصول إلى التدريب المتخصص ويسمح للأساتذة بتنفيذ تجاربهم الإكلينيكية الخاصة. يتم علاج المرضى في التجارب مجاناً. ومن خلال المركز يمكن لشركات الأدوية إجراء البحوث الإكلينيكية في مصر.

” يكون التركيز بشكل رئيسي على مساعدة المريض في الحصول على أفضل علاج والحصول على أفضل رعاية طبية، ويسعى المعهد الأكاديمي لاكتساب سمعة علمية دولية، كما أنه يساعدنا على نشر أوراق بحث دولية ومساعدة جامعتنا للحصول على تصنيف.” قالت نهال الحبشي، المديرة الأكاديمية للمركز.

ويعد المركز واحداً من ضمن عدد كبير من البرامج البحثية التي تخدم المجتمع المحيط بجامعة الإسكندرية، وهو يساعد الجامعة على وضع بصمتها على الخارطة العالمية.

تقع الجامعة، التي تعد ثاني أكبر جامعة (بعد جامعة القاهرة) وثاني أقدم جامعة (بعد جامعة الأزهر) في مصر، وتحمل نفس اسم المنطقة الإدارية التي تقع ضمنها والتي تعد مركزاً لـ 40 في المئة من الصناعات في مصر. وتعتبر الجامعة بمثابة موطناً رئيسياً للبحوث للشركات المحلية، والتي غالبا ما لا يكون لديها عمليات بحوث وتطوير خاصة بها.

“من المفترض أن تكون جامعة الإسكندرية هي مركز البحث والتطوير لتلك ال40 في المئة من الصناعات على الأقل، إن لم تكن أيضاً المركز لأماكن أخرى في البلاد،” قال صديق عبد السلام توفيق، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث في الجامعة.

تغطي الأبحاث التي تصب في مصلحة الصناعة المحلية جميع المجالات، من البيئة إلى العلوم، والطب، والصيدلة، وتكنولوجيا النانو، والزراعة، والهندسة. يساعد بعض الباحثين، على سبيل المثال، المزارعين على استخدام الأراضي بطريقة أكثر إنتاجية. يجري آخرون البحوث لشركات البترول. ويقدم مهندسو المركز استشارات للمشاريع الهندسية الحكومية الرئيسية، بما في ذلك تطوير الموانئ المحلية ومحطات السكك الحديدية الرئيسية في البلاد.

من جهة أخرى، يستفيد الناس الذين يعيشون في منطقة الاسكندرية من المركز أيضاً.

وفقاً للحبشي فإن أكثر من 400 مريض – معظمهم لا يمتلك المال الكافي للحصول على رعاية صحية – شاركوا في 44 تجربة إكلينيكية في مركز الأبحاث، والذي هو جزء من كلية الطب في جامعة الإسكندرية. حيث يتم علاج كافة المرضى مجاناً وصرف الأدوية الموصوفة دون أي تكلفة.

ويشارك المركز أيضاً في عدد كبير من الأنشطة التعليمية التي تفيد الباحثين، والطلاب والموظفين في وزارة الصحة في مصر والأطباء القادمين من الخارج.

إن البحوث ” وسيلة لربط الجامعة مع المجتمع بحيث يستفيد المجتمع من تجربة الجامعة،” قال محمود الخشن، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة في جامعة الإسكندرية.

ويترأس الخشن وتوفيق الجهود الرامية إلى تعزيز هذا التعاون. إذ تعمل الجامعة على إنشاء مركزاً خاصاً للأبحاث، وتأمين المزيد من التمويل من الصناعة المحلية لإجراء بحوث موسعة وتجميع فريق متعدد التخصصات.

إن المحور الاساسي هو مراجعة الخطة الاستراتيجية للجامعة للبحوث ومواءمتها مع اتجاهات البحوث الدولية – وجعلها تتركز على الموارد المائية، والطاقة المتجددة والتنمية المستدامة والبيئة.

ويأتي هذا التحول في أعقاب حملة أوسع للـ “عالمية”. والتي تشمل إجراء البحوث المشتركة، والمشاريع المشتركة، والشهادات، مما يسمح للجامعة بتخطي الحدود والحصول على اعتراف دولي.

” الهدف الرئيسي هو الحصول على اعتراف جيد على الساحة الدولية”، قال توفيق. “البحث هو جزء رئيسي لذلك.”

ومن الشركاء الدوليين الحاليين للجامعة: جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، وجامعة ألاباما وجامعة بوردو في فرنسا. كما يتم نشر الأبحاث التي تجري في جامعة الإسكندرية في المجلات الوطنية والدولية. إلا أن العديد من هذه المنشورات تصدر باللغة العربية. ويأمل كل من الخشن وتوفيق في الحصول على مزيد من المنشورات باللغة الإنجليزية للوصول إلى جمهور أوسع. وبحسب توفيق فإن الجامعة لديها فرع في تشاد وتعمل على إنشاء فروع في جنوب السودان، لبنان، العراق والكويت.

ويأتي الضغط الدولي والجهود لتوسيع التعاون على الصعيد المحلي على الرغم من الاضطرابات السياسية في مصر والتي تعاني حكومتها من تمويل محدود. إذ لا تزال السياحة – والتي كانت في ذات وقت المصدر الرئيسي لاحتياطات مصر من العملات الأجنبية- تعاني في ظل توقف الاستثمار الأجنبي في البلاد. وفي الوقت نفسه، يبتلع الدعم الحكومي للسلع مثل الخبز والوقود جزء كبير من ميزانية الحكومة.

“في الآونة الأخيرة، أصبحت الموارد شحيحة أكثر،” قال الخشن، مشير إلى أن الحكومة هي المسؤولة عن توفير معظم التمويل لجامعة الإسكندرية الحكومية. إلاأنه يأمل أنه مثلما تنظر الجامعة للخارج، أن تعطي الوكالات والحكومات في الخارج انتباهاً لها.

“إن المجتمع الدولي على قناعة بأن التعليم العالي هو واحد من الضروريات لتطوير البلاد”، قال الخشن.

تبدو تحديات التنمية- والحفاظ على النظام وسط الاضطرابات السياسية الجارية – واضحة على طول شواطئ الإسكندرية. العنف السياسي هنا يأتي ويذهب، في كثير من الأحيان على شكل موجات وفي الشوارع الرئيسية.

في وقت سابق من هذا الشهر، اشتبك محتجون مؤيدون للرئيس المخلوع محمد مرسي مع معارضين سياسيين، مما دفع الشرطة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المسيرات. من جهة أخرى، تنتشر ملصقات للقائد الأعلى للجيش المصري، والذي أطاح بمرسي في انقلاب الصيف، على جدران الجامعة، في صورة تعكس الانقسام السياسي العميق.

وهناك أيضاً صراعات أساسية أكثر.

تبدو حركة المرور في الشوارع الأساسية في المدينة بعد الظهر مزدحمة، مما يجعل المهام اليومية للكثيرين هنا شاقة من دون داع. أكوام القمامة المتحللة تملأحتى الطرق المزدحمة، بعضها يتم حشرها تحت السيارات المتوقفة منذ فترات طويلة بينما تعبث الرياح بالباقي منها وتنثرها في الشوارع.

ولكن العديد من الأكاديميين مستمرون في عملهم. إذ قال توفيق والخشن إن أعضاء الجامعة يعملون على مشروع لإعادة التدوير.

“لدينا أشياء إيجابية في مصر،” قالت الحبشي، وهي تسير بين أكوام القمامة المنتشرة على طول الطريق من مكتبها في الجامعة إلى مركز الأبحاث الذي يخضع حالياً للتجديد .

“على الرغم من عدم الاستقرار السياسي، نحن نحاول أن نفعل شيئا،” قالت الحبشي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى