أخبار وتقارير

دعوات للحرية الأكاديمية العربية يتردد صداها عبر المحيط الأطلسي

نيويورك – اللافتة وراء مائدة النقاش كان عليها سؤال “هل الحرية الأكاديمية مهمة؟”. قد يكون السؤال بالنسبة للبعض واضحاً، وله إجابة واحدة. ولكن بالنسبة لأحد الأساتذة المتحدثين للجمهور المكون من ٣٠ شخص في جامعة نيويورك في مانهاتن مساء يوم الإثنين فهو مسألة حياة وموت.

كان حبيب قزدعلي ، عميد كلية الفنون والخطابات والعلوم الإنسانية بجامعة منوبة في تونس في مرمى المتطرفين الإسلاميين بعد وقت قليل من انتخابات ٢٠١١ بتونس، وهي الإنتخابات الديموقراطية الأولى بعد موجة الانتفاضات العربية التي بدأت في ٢٠١٠ و ٢٠١١.

وفي تقديم  قزدعلي للجمهور، أشار مصطفى طليلي مؤسس ومدير مركز جامعة نيويورك للحوارات إلى أنه مازال إلى الآن تحت حراسة الشرطة على مدار ٢٤ ساعة يومياً، وذلك لتعرضه لتهديدات بالقتل من المتطرفين الإسلاميين. أحد محاميي قزدعلي، شكري بليد والذي كان شخصية معارضة معروفة تم اغتياله في كانون الأول/ يناير.

وأخبر العميد موقع The Atlantic.com بأن صفحة السلفيين علي فيس بوك قد وضعته ثاني اسم علي قائمة الاغتيالات.

في الجامعة، دفع السلفيون بفرض ارتداء الحجاب وتغطية الوجه على النساء، وأرادوا فصل الجنسين داخل الفصول، كما أشار مقال الفنار للإعلام من قبل. وقد تمت تبرئة  قزدعلي الذي اعترض علي تلك الطلبات خلال قضية استمرت عشرة شهور اتهم  فيها بصفع إحدى طالبتين منتقبتين قاما باقتحام مكتبه، وهو اتهام تصل عقوبته للسجن خمس سنوات، وقد تمت إدانة الطالبتين.

في نيويوك، اللجنة ضمت السفير سيرج تيل، وهو المندوب الفرنسي لوزارات الدول المتوسطية، وروبرت كوين المدير التنفيذي لمنظمة علماء في خطر.

وقام مركز الحوارات و منظمة علماء في خطر سوياً بدعم مؤتمر “الجامعة والأمة: حماية التعليم العالي في تونس وما بعدها” في جامعة المنوبة في شباط/ فبراير الماضي، وأصدرت المجموعات تقريراً من هذا المؤتمر مساء الإثنين.

https://www.bue.edu.eg/

واستنتج التقرير بأن “الأمم العظيمة تحتاج لجامعات عظيمة”، ورشح بأن “تدرك الأمم العرب مسئوليتهم الأولية  في حماية مجتمعات التعليم الأعلى وأعضائها من الاعتداءات” والعمل على منع الاعتداءات المستقبلية عن طريق التحري والمحاكمة للاعتداءات التي قد حدثت، وعن طريق ضمان الحرية الأكاديمية في الدساتير والقوانين.

وقد حثت الاقتراحات كل العاملين بالتعليم العالي بما فيهم العلماء والطلبة بأن يحترموا الاستقلالية والحرية الأكاديمية للجامعات، وأن يقوموا بالدعاية للجامعات على أنها غير حزبية وغير طائفية وغير أيدولوجية.  وذكر التقرير أنه يجب أن يكون هناك دفاع عن الجامعات ضد العنف والإكراه والترهيب، وحث قادة الجامعات وأعضاء الجماهير والآخرون بأن يبقوا أمور الحرية الأكاديمية تحت الضوء عن طريق المحادثات والمؤتمرات.

وأشار طليلي أن منصف مرزوقي الرئيس المؤقت لتونس اليوم كان في وقت ما تحت حماية منظمة علماء في خطر، وقد طلب منه حماية قزدعلي. وقال طليلي بأن الرئيس “عليه أن يفعل شيئاً لأنه يعلم معني أن يكون تحت التهديد”.

وقال السفير تيل بأن جذور الجامعات يمكن تتبعها للفلاسفة والعلماء العرب من القرن التاسع عشر الذين قاموا بتأسيس ديار المعرفة، وهي المكتبات العظيمة التي تحوي كل ما كان معروف في هذا الوقت في مكان واحد.

“للأسف فهذا بعيد في  العالم العربي” هكذا قال. ” مازال يتعين علينا إعادة اختراع ديار المعرفة” .ومن الضروري، كما قال، الحفاظ على الاعتبارات الدينية والسياسية بشكل منفصل عن الجامعات.

إن ضمان سلامة المجتمع الأوسع على المحك في مثل هذه النزاعات، وفقا لطليلي. ” نفس المجموعات التي هددت الجامعة كانت تهدد جماعات أخرى، مثل الصحفيين،”مضيفاً أن عدداً من أفراد الجيش التونسي قد تم اغتيالهم.

“في ايلول/ سبتمبر، هاجمت نفس المجموعات السفارة الامريكية في تونس. لذلك عندما تتردد في حماية الحريات الأكاديمية، فإنك تعرض المجتمع لمخاطر.التساهل حيال ما يجري في الجامعة أدى إلى تعقيد الأمور على المستوى الوطني، وفي المجتمع ككل”.

وقال كوين إن للجمهور الأميركي الذي غالباً ما يعتبر الحرية الأكاديمية أمرا مفروغا منه، يمكن أن يكون من الصعب بالنسبة لهم تقدير أهمية الحاجة إلى حماية هذه الحقوق.

أضاف كوين ” كم منا في هذه اللحظة العصبية لديه شك بأنه قد يعتقل أو يحاكم بسبب وجوده هنا؟ أو أنه يمكن ان يتعرض لأذى جسدي بسبب هذه المشاركة؟ ولكن هذا هو الواقع الذي يعيش فيه عميد جامعة منوبة القزدعلي مع الترهيب الجسدي، والعنف، وذلك ببساطة لمحاولة إجراء محادثة  والقيام ببحوث ونشرها والكتابة والتعليم”.

“تعبيراً عن التضامن، نحن كقطاع تعليم عالي نجتمع سوياً للدفاع عن هذا المجال”.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى