أخبار وتقارير

السجن: المقر الجديد للعديد من الأكاديميين المصريين

القاهرة- يتشارك شريف أبو المجد البالغ من العمر 63 عامًا زنزانة السجن مع نائب وزير الصحة السابق، وطارق الطالب في السنة الأولى في جامعة الأزهر في القاهرة والبالغ من العمر 18 عامًا.

ينتمي أبو المجد للشخصيات البارزة في جماعة الإخوان المسلمين، ويرأس المركز التكنولوجي في جامعة حلوان. كما يعد عضوًا في اتحاد للمهندسين المصريين. وأصبح أبو المجد، منذ الخريف الماضي، سجينًا في سجن وادي النطرون، مما يجعله هو وطارق ضمن المئات من الطلاب والأساتذة الجامعيين المعتقلين في بداية الانقلاب العسكري الذي اندلع منذ ستة أشهر، وذلك في محاولة من السلطات لكبح جماح المعارضة وتصعيد القمع.

وفي خطاب كتبه أبو المجد ووزعه أصدقاؤه، قال “بعد أكثر من أربعة أشهر دون توجية أية تهمة حقيقية لي، بدأت أنا مع مجموعة أخرى من السجناء السياسيين في إضراب عن الطعام في أوائل عام 2014، وذلك داخل سجن وادي النطرون المعروف. يصل عددنا إلى حوالي 1200 معتقل سياسي في وادي النطرون فقط… ومنذ حوالي أسبوع، انضم إلينا 19 طالبًا من جامعة الأزهر.”

وقد ركزت حملة الاعتقالات واسعة النطاق في الأشهر الأخيرة على جماعة الإخوان المسلمين، وهي الحركة التي دفعت مرشحها الإسلامي محمد مرسي إلى الحكم في عام 2012. ومنذ إطاحة الجيش بمرسي في أب/ أغسطس، بررت الحكومة المصرية حملات الاعتقال ضد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بأنها ضرورية لمكافحة الإرهاب. حيث يتفق الكثير من المصريين مع هذا الرأي. أُلقي بالآلاف من الشخصيات البارزة في جماعة الإخوان المسلمين في السجن، حسب ما جاء عن وزارة الداخلية، وقُتل أكثر من ألف آخرين إثر الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة ضد التظاهرات التي نظمتها جماعة الإخوان المسلمين.

في زنزانته ذات الحراسة المشددة، كان أبو المجد يعاني من احمرار وثقل في عينيه عندما زاره ابنه في الأسبوع الماضي. ونتيجة لرفضه للطعام، لم يستطع أبو المجد أن يتحدث بطلاقة كما كان قبل اعتقاله من منزله في أيلول/ سبتمبر الماضي.

بدوره، قال ابنه إبراهيم أبو المجد، وهو ليس عضوًا في جماعة الأخوان المسلمين “إذا كانت هناك محاكمة حقيقية وتهم فعلية، لكان أبي حرًا طليقًا الآن، ولكن كل هذا عبارة عن تمثيلية كبيرة، فهم يريدون حبسه لإضعاف حدة التظاهرات.”

وهناك أيضًا عماد شاهين، أستاذ السياسة العامة في الجامعة الأمريكية في القاهرة، الباحث المتميز الذي لا ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنه يواجه عددًا من التهم بما فيها التجسس ورئاسة منظمة غير قانونية.

وقال شاهين، الذي سبق له وأن درس في كلية كينيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد وجامعة نوتر دام، في بيان خاص “لقد تلقيت بمزيج من الدهشة والصدمة خبر اتهامي في قضية تعرف باسم “الخيانة العظمة” مع الرئيس السابق محمد مرسي ومجموعة من كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين. وكل هذه التهم ليس لها أي أساس من الصحة، فهي تهم مسيسة”.

كما طالت هذه الاجراءات التعسفية أيضًا الطلاب، بما فيهم بعض الطلاب الذين لا ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين.

منذ بداية العام الدراسي في أيلول/ سبتمبر، تم اعتقال أكثر من 700 طالب من مختلف الجامعات في مصر، كما جاء في تصريحات مؤسسة حرية الفكر والتعبير في القاهرة.

تقول خلود صابر، نائب رئيس الجمعية “ينتمي معظم المعتقلين لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنهم أيضًا يعتقلون طلابًا من مختلف التيارات السياسية. حيث قُتل على الأقل سبعة طلاب داخل الحرم الجامعي جراء إندلاع العنف بين المتظاهرين وأفراد الشرطة، وكان آخرهم الطالب الذي قُتل في جامعة القاهرة الخميس الماضي.”

ويواجه الطلاب أيضًا القمع والعنف خارج الحرم الجامعي.

ففي أوائل هذا الشهر، تم اعتقال طالبين من كلية الحقوق من المتطوعين في حزب مصر قوية، الذي أسسه الإسلامي المعتدل عبد المنعم أبو الفتوح، العضو السابق بجماعة الإخوان المسلمين، وذلك ضمن سبعة نشطاء اعتُقلوا بسبب اشتراكهم في شن حملة لمعارضة الدستور الجديد، الذي طُرح للاستفتاء عليه في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير. إذ اعتُقل كل من إسلام الأكاباوي، طالب الحقوق بجامعة القاهرة، وعلي محمد علي، طالب حقوق بجامعة الأزهر بعد رفعهما للافتة “لا للدستور”، وذلك حسب تصريح شاهد عيان لمنظمة هيومن رايتس واتش.

من جانبها، قالت هيومن رايتس واتش “يأتي اعتقال النشطاء المنتمين لحزب مصر قوية ضمن حملة اعتقالات موسعة شنتها الشرطة ضد النشطاء السياسيين لمجرد ممارستهم السلمية لحرية التعبير.”

وكما جاء في تصريح علا البشير، عضو حزب مصر قوية والمكلفة بمتابعة هذه القضايا “هناك 10 طلاب من بين 25 عضوًا بالحزب تم اعتقالهم في الأشهر القليلة الماضية. وقد اعتقلتهم السلطات داخل الحرم الجامعي، أو في الشوارع، أو المقاهي، أو من داخل منازلهم. واعتُقل واحد منهم من داخل مستشفى”.

وأضافت البشير “يعد أيمن ماهر، طالب الحقوق، من بين هؤلاء المعتقلين؛ حيث تم احتجازه في قسم شرطة في القاهرة. وبالتالي ومع الأسف لن يتمكن من استكمال امتحاناته.”

وفي قضية أخرى ذات تداعيات أشد، حصل 12 طالبًا من جامعة الأزهر على حكم بالسجن لمدة 17 عامًا في الخريف الماضي بعد المظاهرات التي قاموا بها اعتراضًا على اعتقال زملائهم. هاجم حرس الجامعة الطلاب بالأسلحة البيضاء، كما جاء في بيان وقعه مجموعة من الحقوقين، وذلك قبل تسليمهم للشرطة التي استجوبت الطلاب.

ويقول النقاد إن هذا الحكم يهدد الاستقلالية الأكاديمية.

وجاء أيضًا في البيان ذاته “تهدد السياسية الأمنية الموجهة ضد الحركة الطلابية حاليًا استقلال الجامعات ومستقبل حقوق الطلاب وحرياتهم في مصر، وتزيد من احتمالات فرض قبضة أمنية شديدة على الطلاب داخل الحرم الجامعي.”

وأضاف البيان “خلال الأشهر الماضية، توقفت إدارة الجامعات عن معاقبة الطلاب على أية انتهاكات من خلال الإجراءات التأديبية المحددة؛ حيث رأت أنه من الأسهل ترك هؤلاء الطلاب فريسة للشرطة دون أية اعتبار لما قد يسببه ذلك من تأثير على مستقبلهم التعليمي.”

فعلى مستوى جامعات مصر، يمكن لإدارة الجامعة الآن أن تستدعي الشرطة في حال الاحتياج لمزيد من الأمن. ولكن في جامعة القاهرة، حيث قتل طالب الأسبوع الماضي، يطالب أعضاء هيئة التدريس إدارة الجامعة بالسحب الفوري لقوات الأمن من داخل الحرم الجامعي، كما جاء في ديلي نيوز إيجبت، وهي جريدة مصرية تصدر باللغة الإنجليزية.

تقول صابر من مؤسسة حرية الفكر والتعبير في القاهرة “يشكل هذا التعاون بين إدارات الجامعات والشرطة قلقًا إزاء ما ستؤول إليه الأوضاع في النصف الثاني من العام الدراسي.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى