أخبار وتقارير

الدول العربية أكثر تعرضاً للإعتداء على التعليم

طالت اعتداءات متعمدة طلاب وأساتذة ثماني دول عربية بحسب ما وثقت دراسة صادرة عن التحالف العالمي لحماية التعليم الأسبوع الماضي.

يقدم تقرير  “اعتداءات على التعليم 2014″ توصيفاً شاملاً لأنواع وأعداد وعواقب الاعتداءات على التعليم بكافة مستوياته من قبل القوات العسكرية وأمن الدولة والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة. إلا أن الدراسة توثق الدراسة فقط الهجمات المتعمدة على مرافق التعليم والطلاب أو أعضاء هيئة التدريس، وليس الحوادث التي سقط فيها ضحايا في مناطق صراع عن طريق الخطأ.

تقول ضيا نيجاوني، مديرة التحالف العالمي “إن الاعتداءات على التعليم في السنوات الخمس الأخيرة أسفرت عن مقتل مئات الطلاب والمعلمين والأكاديميين، وألحقت الإصابات بآخرين. لقد حُرم مئات الآلاف من الطلاب من الحق في التعليم عندما تضررت أو دُمرت مدارسهم عمداً، أو لدى استخدامها لأغراض عسكرية”.

ووفقاً للدراسة المكونة من 250 صفحة، فقد وقعت 9.600 هجمة على قطاع التعليم حول العالم تم توثيقها في 70 بلداً. إلا أن حجم المشكلة الأكبر، بحسب الدراسة، يظهر في 30 دولة تشهد نمطاً مستمراً من الهجمات المتعمدة منها 8 دول عربية: البحرين، ومصر، والعراق، وفلسطين، وليبيا، والسودان، وسوريا، واليمن.

كما انضمت دول مثل العراق وفلسطين وليبيا واليمن إلى فئة “الأكثر ضرراً” نتيجة وقوع 500-999 هجمة تم توثيقها على المؤسسات التعليمية والأفراد.

وعلى العكس من العديد من التقارير الدولية، التي تركز عادة على التعليم اللأساسي، يرصد تقرير التحالف الدولي الاعتداءات التي طالت قطاع التعليم العالي أيضاً.

يقول روبرت كوين، المدير التنفيذي لشبكة علماء في مخاطر (سكولارز أت ريسك) والتي هي جزء من التحالف العالمي، “يبرهن التقرير أن مشكلة الهجمات على التعليم العالي هي أكبر بكثير مما هو متعارف عليه”. وأضاف في حديثه مع الفنار للإعلام “إن وجود تقارير شاملة كهذه يضع الاعتداءات في إطار أوسع بحيث تظهر المشكلة على حقيقتها: على نطاق واسع ومقصود لتتيح فرصة التفكير وتبادل الأفكار”.

وبحسب الدراسة، فقد وقعت الاعتداءات على التعليم العالي في 28 بلد من أصل 30 تمت دراستهم. كما تسببت الهجمات المتعمدة بأضرار مادية لمباني الجامعة والكليات في 17 بلد من أصل 30.

ومع ذلك، فإن عملية رصد الاعتداءات على التعليم العالي تبدو أقل من مثيلتها لرصد الهجمات على المدارس الابتدائية والثانوية. تقول كورتني إيروين، مديرة برنامج التعليم القانوني في منظمة حماية التعليم في ظروف النزاع وانعدام الأمن – أحد برامج مؤسسة “التعليم فوق الجميع” ومقرها الدوحة قطر- ” يتحسن رصد وتوثيق الهجمات على التعليم، ولكن عدم وجود نظام عالمي لجمع البيانات بشكل منهجي يجعل المهمة صعبة”.

تكتنف عملية رصد كافة الاعتداءات على التعليم صعوبات عديدة. إذ غالباً ما تكون النزاعات المسلحة مستمرة فضلاً على أن القيود الأمنية تحد من توفر المعلومات. تقول إيروين ” هذا صحيح لا سيما في حالة الكليات والجامعات. إذ تصبح عملية جمع المعلومات والتحقق من البيانات معقدة على نحو مماثل في بعض السياقات. إذ تشدد الحكومات الرقابة على تدفق المعلومات وربما تكون هي نفسها من يرتكب الهجمات.”

شهدت اليمن سقوط العدد الأكبر من الطلاب الضحايا بحسب التقرير. ففي عام 2011 وحده، قتل 73 طالب ممن كانوا في طليعة المطالبين بالتغيير السياسي في البلاد. كما سحقت القوات الموالية للحكومة الاحتجاجات، بينما تعرض 139 طالب لإصابات. في السودان، في الفترة ما بين 2009-2012، اعتقلت القوات الحكومية أكثر من 1000 طالب جامعي، وقُتل أكثر من 15 وجرح أكثر من 450، معظمهم خلال مظاهرات في الحرم الجامعي أو في احتجاجات متصلة بالتعليم.

وبحسب ما يقول التقرير فإن الهجمات على التعليم في كثير من الأحيان تكون جزءاً من أساليب الحرب أو الصراع، تهدف إلى إضعاف المجتمعات والحكومات المحلية أو صور سيطرة الدولة.

في فلسطين، تم استهداف المدارس والجامعات بالضربات الجوية، فضلاً عن اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين. كما استخدمت القوات المسلحة الإسرائيلية في بعض الحالات – بحسب التقرير- مراكز التعليم كمراكز الاستجواب أو لوظائف المراقبة. خلال عملية الرصاص المصبوب، تضرر 14 مبنى من مؤسسات التعليم العالي من أصل 15، كما تم استهداف 6 بشكل مباشر، وفقاً لمركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة. ودمرت ثلاث كليات وستة مباني جامعية بالكامل، في حين قدرت الأضرار الإجمالية بـ 21 مليون دولار.

أما في سوريا، فالتعليم هو أحد الأمثلة الأكثر وضوحاً عن التأثيرات الاجتماعية السلبية للنزاع الدائر حالياً. إذ تعرضت اثنتين من الجامعات المرموقة في البلاد إلى اعتداءات متكررة . في كانون الثاني/ يناير عام 2013، وقع انفجاران في جامعة حلب تسببا في مقتل 82 طالباً وموظفاً وإصابة ما يصل الى 150، كما تسبب هجوم بقذائف الهاون على جامعة دمشق في آذار/ مارس في قتل 10 طلاب وجرح 20 آخرين.

في العراق، تزداد الأمور سوءاً. إذ قتل عشرات من الطلاب الجامعيين والأكاديميين في الفترة مابين 2009-2012، وكان هناك العديد من الهجمات المباشرة على المدارس. خلال تسع سنوات من سقوط نظام صدام حسين وحتى نيسان/ أبريل 2012، قتل ما يقارب من 500 أكاديمي عراقي. إلا أن معظم الاغتيالات حدثت قبل عام 2009. منذ ذلك الحين، استمرت الهجمات على التعليم العالي بمعدل أقل بكثير، مع 26 حالة القتل سجلتها وسائل الإعلام وجماعات حقوق الإنسان.

ومع ذلك، فإن الهجمات على التعليم العالي ليست دائما نتيجة الصراع العسكري.

يقول كوين ” يتم استهداف الجامعات، والكليات والأساتذة والطلاب بسبب الأسئلة التي يطرحونها والمعلومات التي يتشاركونها، لكونهم يمثلون شكلاً بديلاً من المجتمع “.

قبل 2011، لم تكن هناك حوادث متعلقة بالتعليم في البحرين، الدولة الخليجية الوحيدة المذكورة في التقرير. ولكن بعد اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2011، وبحسب الدراسة، وقعت العديد من حوادث التهديدات الطائفية والترهيب في المدارس والجامعات.

استغرق إعداد الدراسة نحو عام ونصف. تقول إيروين ” جمع الباحثون ودققوا المعلومات عبر آلاف المصادر بهدف الموثوقية والدقة، وتجنب توثيق حادث واحد أكثر من مرة”.

تتميز الدراسة عن ما سبقها من المنشورات السابقة ( الصادرة في 2007 و 2010 عن اليونسكو) بكونها شملت فترة زمنية أطول واعتمدت على مصادر أكثر لتغطية مجموعة واسعة من الحوادث.

يناقش تقرير “الاعتداءات على التعليم 2014” سبل تفادي تأثر المدارس والجامعات بالنزاعات، ويسلط الضوء على عمل التحالف العالمي لحماية التعليم لتطوير المبادئ التوجيهية لحماية المدارس والجامعات من الاستخدام العسكري خلال النزاعات المسلحة.

في الوقت نفسه، يسعى مشروع رصد الحرية الأكاديمية التابع لشبكة علماء في مخاطر لتتبع الهجمات على التعليم العالي في جميع أنحاء المنطقة العربية، حيث سيصدر تقرير مفصل في وقت لاحق هذا العام.

العام الماضي، نظمت الشبكة مؤتمراً في تونس لاستكشاف الفرص والتهديدات التي تواجه الجامعات في البلدان التي تشهد تحولات بسبب الربيع العربي. يقول كوين “نحن نخطط حالياً لمجموعة من الأنشطة لمتابعة المؤتمر الدولي، مع تركيز خاص على مصر وسوريا، حيث سيتم عرض هذه الموضوعات في المؤتمر الدولي القادم الخاص بالشبكة في أمستردام في 9-10 نيسان/ أبريل 2014″.

يحاول التقرير وسط دوامة العنف التي نشهدها إيجاد بعض الحلول. تقول إيروين “اننا نأمل أن يكون لدينا القدرة على خلق نوع مختلف من الآثر مضاعف، بما يتسبب في عودة التعليم إلى مكانه الصحيح في المجتمع”.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى