مقالات رأي

دور هام للبيانات في التعليم العالي العربي

العين— يحاول فريق صغير من مديري الجامعات المتخصصين القيام بما سبق وتم نفي إمكانية حدوثه ألا وهو  إنشاء ثقافة جمع البيانات في الجامعات العربية.

 هناك الكثير من الخطب الرنانة حول ضرورة تحسين التعليم العالي في العالم العربي. إذ يتفق العديد من صناع القرار السياسي على أن الجامعات العربية بحاجة للتحسين لدعم الاقتصادات والعقول العربية ورفع النفوس. ولكن هذا لن يحدث أبداً ما لم تحصل الجامعات العربية على فهم واضح لموقعهم الآن ومن ثم  تحديد أهداف دقيقة لمستقبلهم.

 لتحقيق ذلك لابد من توفر البيانات. تماماً كمتسلق المنحدرات،  تحتاج الجامعات العربية لدق مسمار في مكان واحد واضح المعالم، ومن ثم النظر للأعلى ثم دق المسمار في مكان آخر واضح المعالم، ومن ثم سحب أنفسهم للأعلى.

 يساعد العاملون في مجال البحوث المؤسساتية في تحقيق هذا التسلق البطئ، فهم يخلقون تعاريف للبيانات ويجمعونها ويفسرونها ويوزعونها.

يطالب الباحثون أعضاء هيئة التدريس بتزويدهم بالبيانات ويحثون الطلاب على اتخاذ اختبارات إضافية، كما يفسرون البيانات للمسؤولين الذين يعانون في بعض الأحيان قصر فترة الإنتباه .

 يعمل الباحثون المؤسساتيون عن طريق الإقناع وليس عن طريق القوة، إلا أن أهمية عملهم تزداد يوما تلو الاخر في عالم التعليم العالي العربي.

 وقال علي رشيد النعيمي، نائب رئيس جامعة الإمارات العربية المتحدة، خلال اجتماع جمعية الشرق الأوسط وجنوب افريقيا للبحوث المؤسسية (MENA-AIR) في الإمارات الأسبوع الماضي،”لا يمكن لأحد أن يجادل حول أهمية البحوث المؤسسية… إن القرارات اليومية تعتمد عليكم.”

 تم استعراض بعض الأمثلة حول ما يمكن للبحوث المؤسسية القيام به خلال الاجتماع الذي عقد في حرم جامعة الإمارات العربية المتحدة. حضر الاجتماع نحو 225 باحثاً وباحثة، بعضهم بدأ للتو القيام ببعض المهامات الأساسية كإحصاء عدد الطلاب في حين يعتبر اخرون مخضرمون عملوا طويلاً في جمع البيانات.

 تحدث باحثون من جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان عن محاولتهم قياس مدى نجاح الجامعة  في تعليم الطلاب  التفكير النقدي. مثل العديد من البلدان الأخرى، تحاول سلطنة عمان التأكيد على روح المبادرة والابتكار في مجال التعليم العالي، وتعليم التفكير النقدي هو أمر حاسم في هذا السياق. ( بغض النظر عن كون إمكانية قياس التفكير النقدي أمر مثير للجدل في حد ذاته.)

اختبر الباحثون 1.725 طالباً وطالبة خلال اجراءات القبول في عام 2010 باستخدام ” اختبار مهارات كاليفورنيا للتفكير النقدي” والذي يعد أحد أكثر المقايس شعبية في مجال مهارات التفكير الأساسية. يمكن للطلاب اختيار ما إذا كانوا يرغبون إجراء الاختبار باللغة العربية أو الإنجليزية.

في عام 2013، تابع الباحثون بحثهم بالطلب من بعض الاساتذة إدارة الاختبار في فصولهم الدراسية بحيث تم الحصول على نتائج قابلة للاستخدام لـ 206 طالب حصلوا بدورهم على بطاقات بقيمة 50 دولار أمريكي لمشاركتهم. حاول الباحثون أيضا تحفيز الطلاب بإخبارهم أن التجارب كانت “فرصة لللطلاب لتقييم ادائنا.”

 وجد الباحثون تحسناً في التفكير النقدي وصفه البحث بأنه “مهماً ولكن ليس ضخماً.”

وتكهن الباحثون أن بعض الطلاب قد لايكونوا أخذوا الاختبارات بجدية، بينما تساءل أخرون عما إذا كان أعضاء هيئة التدريس أنفسهم يفكرون بأسلوب نقدي فعلاً أو بأسلوب تعليمي فعال.

 في محاولة أخرى لقياس ما إذا كانت الجامعات تحدث حقاً فرقا، تحدث اثنان من الباحثين من أبو ظبي عن “مسح توجهات الدراسات العليا” الذي يعكفان الآن على إنجازه ويحاولان الوصول من خلاله  إلى 5.800 خريج مؤسسات التعليم العالي في أبوظبي للاستفسار حول وضعهم والتوظيف، وتجربتهم التعليمية، وإذا كانوا في طريقهم إلى مزيد من الدراسة.

 كان الباحثون يطاردون الخريجين بالمكالمات الهاتفية والرسائل، وفي محاولة لتحفيزهم على المشاركة تم الإعلان عن  سحب عشوائي على iPad. بدأ المسح في 6 شباط /فبراير، وقال  الباحثون في اجتماع الأسبوع الماضي إنهم تواصلوا بالفعل مع 1.713 من الخريجين بينما رفض 41 المشاركة.

وبينما لم يتم الإعلان عن النتائج المزمع إعلانها لاحقاً، إلا أنه يبدو أنه ممكن القيام  بدراسات استقصائية بوجود بعض الموارد.

 استمع الحاضرون أيضاً إلى مناقشة صاخبة بين ثلاث شركات تصنف الجامعات: يو أس نيوز أند وورلد ريبورت، QS، والتايمز للتعليم العالي. إذ أعلنت يو أس نيوز أند وورلد ريبورت مؤخراً عزمها القيام ببعض التصنيفات التي تركز على منطقة الشرق الأوسط، ولكن من الواضح أن منافسيها لن يتنازلوا بسهولة عن المنطقة.

طالب ممثل  QS من الحضور ترقب التصنيف الجديد، في حين قال  المحرر فيل باتي عبر مكالمة مصورة على الانترنت إنه كان تواقا “للمشاركة في جدال جدي حول الجامعات في الشرق الأوسط.”

واتفق باحثو التصنيفات على أن قياس جودة التدريس صعب في منطقة الشرق الأوسط أو أي مكان آخر، حيث يتم استخدام أحياناً عدد الطلاب والاساتذة للقيام بذلك. ولكن، وبحسب ما قال باتي، فإن “عدد  النُدُل في المطعم لا يعني بالضرورة أن الطعام جيد.” ( اقراً : هل التصنيفات الجامعية مناسبة للعالم العربي؟).

 يمكن تفسير عملية التصنيفات بأنها محاولات تلخيص البحوث المؤسساتية في رقم واحد. فهي جذابة للطلبة وأولياء الأمور الذين هم في حيرة أمام مجموعة واسعة من الخيارات في بعض الأحيان.

 بعد جمع البيانات تأتي الخطوة التالية والمتمثلة بتقاسم هذه البيانات بين المؤسسات والجمهور. وتعتبر الجامعة الأميركية في بيروت مثالا يحتذى به في قيامها بنشر البيانات المعروفة باسم  “مجموعة البيانات المشتركة” على موقعها على الانترنت.

خلال خمس أو عشر سنوات، يمكن للطلاب العرب وأولياء أمورهم الإطلاع على الكثير من الأرقام لإتخاذ قرارتهم على أساسها، وربما ستساعد البيانات بعض الجامعات العربية في المحافظة على صعود منحدر الجودة.

ديفيد ويلر، محرر الفنار للإعلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى