أخبار وتقارير

النمو السكاني يضاعف من تأثير التغير المناخي

اكتشفت دراسة جديدة تم نشرها الأسبوع الماضي تضاعف تأثير التغير المناخي في الشرق الأوسط بسبب النمو السكاني خاصة في لبنان. إذ يتوقع الباحثون أن تكون منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر المناطق تضررًا من التغير المناخي. إلا أن المنطقة تفتقر إلى البيانات الكافية حول الآثار المحلية لهذا التغير، مما يزيد من أهمية الأبحاث الأخيرة.

في لبنان، اكتشف الباحثون أن وجود أكثر من مليون لاجئ سوري يتسبب في نقص المياه والغذاء في بعض المناطق، مما يؤدي إلى ما يُعرف بانعدام الأمن الغذائي، حيث يعيش الناس في حالة خوف من الجوع.

تعليقًا على هذه الظاهرة، يقول باسم فرج الله، أستاذ مشارك في قسم الهيدرولوجيا البيئية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وأحد الباحثين الرئيسيين الذي أعدوا الدراسة الجديدة بعنوان “آثار النمو السكاني والتغير المناخي على ندرة المياه… الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي”، “يعتبر النمو السكاني أحد القضايا الأساسية. وفي لبنان نحن لا نتحدث عن نمو سكاني طبيعي، ولكننا نواجه تدفقًا هائلاً من اللاجئين.”

زاد التعداد السكاني في لبنان بنسبة 25 في المئة منذ عام 2011، وذلك بسبب تدفق اللاجئين السوريين على لبنان التي يبلغ تعدادها 4.4 مليون نسمة.  أثر هذا التدفق سلبًا على توافر المياه في المناطق التي غطاها المسح، وهي شرق البقاع وقرية كفردبيان على جبل لبنان.

 في الشرق الأوسط، توقع تقرير البنك الدولي لعام 2012 زيادة درجات الحرارة بمعدل ست درجات مئوية بحلول 2060، مقارنة بزيادة أربع درجات مئوية في باقي أنحاء العالم، حيث ستصبح قضية ندرة المياه أكثر إلحاحًا في هذه منطقة باعتبارها من أكثر المناطق التي تعاني من نقص احتياطي المياه على مستوى العالم.

وأكد التقرير الذي نشر الأسبوع الماضي أن المزارعين في مصر ولبنان يواجهون نفس المشكلات بسبب النمو السكاني والتغير المناخي، مما يؤدي إلى زيادة خطر انعدام الأمن الغذائي في البلدين. كما يضغط النمو السكاني في مصر بمعدل 1 في المئة سنويًا على مواردها المائية، ويعاني 18 في المئة من تعداد سكانها من الفقر المدقع وعدم القدرة على شراء الغذاء. أما في لبنان، يعاني 20 في المئة من السكان من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعلهم أكثر عرضة لمجابهة التغييرات المستقبلية الناجمة عن التغير المناخي.

 كما اكتشف الباحثون أن الوعي بتبعات التغير المناخي يختلف بين البلدين، حيث يزيد الوعي حول هذه الظاهرة في لبنان. ولكن المزارعين في البلدين يشتكون من طول موسم الشتاء ونقص المياه، مما يقلل المواسم الزراعية للمحاصيل ويؤثر على الري. في البقاع، اشتكى حوالي 81 في المئة من المزارعين الذين تمت مقابلتهم من نقص المياه في بعض الأوقات. ويمكن أن يؤدي نقص الأمطار والجليد مع ارتفاع درجات الحرارة إلى نقص موارد المياه بنسبة 10 في المئة بحلول عام 2050.

 وفي لبنان، تسبب الشتاء الجاف وضعف البنية التحتية للمياه في معاناة البعض.حيث قضوا أيامًا بدون مياه جارية، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءًا مع حلول فصل الصيف. وعلى الرغم من أن لبنان تحظى بأعلى نصيب للفرد من مياه الأمطار على مستوى المنطقة، إلا أن حوالي نصف شبكات توزيع المياه في البلاد تسرب المياه، كما لا يوجد هناك سدود أو خزانات كافية للمياه، وهي المشكلة التي ينبغي الاهتمام بمعالجتها، على حد قول فرج الله.

وكان فرج الله قد سبق وصرح في بيان صحفي إنه “يوجد سدان فقط في لبنان وهناك ثمة فارق زمني يمتد لحوالي 43 عامًا بين بناء سد  شبروح الحديث وسد قرعون القديم.”

وعليه، يلجأ المزارعون في مصر ولبنان إلى حفر آبار المياه الخاصة بهم بشكل غير رسمي لمكافحة مشكلة نقص المياه.

وقال المزارعون إنهم بدأوا في ملاحظة تغير المناخ على مدار الأعوام العشرة الماضية. وقد تكيفوا مع هذا التغير من خلال تغيير أوقات زراعة محاصيلهم لتعويض الخسائر في الإنتاج التي تسبب فيها الظهور المبكر لفصل الشتاء، بالإضافة إلى استخدام المزيد من المبيدات الحشرية للقضاء على الآفات والأمراض.

في مصر وعلى الرغم من قلة الوعي بمفهوم التغير المناخي، إلا أن المزارعين هناك أيضًا غيروا جدول محاصيلهم للتكيف مع التغير في فصول السنة.

وعلى الرغم من أن المزارعين قد بدأوا بالفعل في استخدام بعض التقنيات للتعامل مع هذه التغيرات، إلا أنه حتى الآن لم تتم معالجة هذه المشكلة بالقدر الكافي سواءً بصورة عامة أو على مستوى الحكومات، كما جاء في التقرير.

تضمن التقرير بعض التوصيات للمزارعين للاستخدام الأمثل لموارد المياه المتاحة لهم وللتكيف مع آثار التغير المناخي. ويشمل ذلك تغيير أنماط الري وتغيير المواسم الزراعية وتنويع المحاصيل والتعاون مع غيرهم من المزارعين لزيادة فعالية تقنيات استخدام المياه.

ولكن التغيير يجب أن يتم على مستوى أعلى، حسب ما ورد في التقرير. يقدم التقرير بعض الاقتراحات على مستوى السياسات الخاصة بالحكومات والمنظمات غير الحكومية، والتي تشمل تدريب المزارعين على تقنيات التكيف مع التغيرات المناخية ودعم الابتكارات المختلفة للتعامل مع هذه المشكلات.

يقول فرج الله “بعيدًا عن المزارعين، يجب أن يتفهم سكان منطقة الشرق الأوسط المشكلة ويبدأون في استخدام التقنيات الخاصة بتوفير المياه.”مضيفاً “نحتاج في العالم العربي إلى تثقيف المستخدمين النهائيين حول الاستهلاك السليم والاستخدام الأمثل لموارد المياه، وهو ما لم ننجح فيه حتى الآن.”

يذكر أن هذا التقرير هو نتاج التعاون بين كل من برنامج التغير المناخي والبيئة في العالم العربي في معهد عصام فارس التابع للجامعة الأمريكية في بيروت وكلية العلوم الزراعية والغذائية، ومركز تطوير الصحراء التابع للجامعة الأمريكية في القاهرة، ومركز أبحاث الشرق الأوسط التابع لجامعة كولومبيا، وذلك من خلال معهد التنمية المستدامة في عمان.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى