أخبار وتقارير

الشباب العربي لا يبحث عن فرص للتعليم

القاهرة— انخفض عدد الشباب العربي الراغبين بمواصلة تعليمهم بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على انطلاق موجة الاحتجاجات الشعبية في مختلف أنحاء العالم العربي وتراجع النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، بحسب ما أظهرت نتائج دراسة حديثة.

يعتبر العامل المادي السبب الرئيسي لتراجع الاهتمام بالتعليم بالنسبة للكثيرين.

يقول سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي المصري في القاهرة، “يعتقد الناس، أنهم لايملكون المال، لذلك ماذا يمكنهم أن يفعلوا؟” موضحاً “إن التراجع ليس سببه كراهية التعليم، ولكن غياب الموارد المالية اللازمة.”

نُشرت نتائج الدراسة ضمن المسح السنوي السادس للشباب العربي، الذي أجرته وكالة العلاقات العامة أصداء بيرسون- مارستيلر ويوفر مجموعة متنوعة من البيانات عن تطلعات وأراء 200 مليون شاب في المنطقة.

في بيان صحفي لشركة أصداء بيرسون مارستيلر للوكالة، يقول سونيل جون الرئيس التنفيذي ” يكتسب فهم حاجات ورغبات وتطلعات هذه الفئة، من أكبر الفئات ديموغرافية في المنطقة، أهمية كبيرة بالنسبة للحكومات والشركات والمجتمعات لأنها تتطلع إلى خلق فرص عمل على المدى الطويل.” 

تم إجراء 3500 مقابلة شخصية مع شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و24 في كل من: مصر وتونس وليبيا والمغرب والأردن ولبنان والجزائر واليمن، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وقطر، المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان والبحرين والعراق والأراضي الفلسطينية وذلك خلال الفترة مابين كانون الأول/ ديسمير وكانون الثاني/ يناير.

أظهرت الدراسة أن 46 في المئة فقط من الشباب في المنطقة يخططون للحصول على درجة البكالوريوس والماجستير أو الدكتوراه في مؤشر واضح عن تراجع الاهتمام بالتعليم، إذ بلغت النسبة العام الماضي 55 في المئة و56 في المئة في عام 2012. وكان السبب بالنسبة لثلث المشاركين مالي. وذكر المشاركون الأخرون أن عدم وجود تخصصات ذات صلة بسوق العمل ونوعية التدريس هما السبب. بينما لم يذكر الباقون أية أسباب على الإطلاق.

تقول كلير فالديني، مستشارة في أصداء بيرسون مارستيلر، “تتماشى هذه الأسباب مع النتائج الأخرى في الاستطلاع والتي تقول أن الشاغل الأكبر للشباب العربي يتمثل في تأمين تكاليف المعيشة.”

وإلى جانب تكاليف المعيشة، تعتبر البطالة مصدر قلق كبير خاصة بالنسبة للشباب المصري. فمنذ الإطاحة بالدكتاتور حسني مبارك، في عام 2011، تعاني البلاد من ارتفاع معدل البطالة والاضطرابات المستمرة التي أضرت بقطاعي السياحة والاستثمار.

تقول ميرنا زيد، طالبة سنة أولى في جامعات القاهرة، “بطبيعة الحال، يفكر كل واحد منا ماذا سيفعل بعد التخرج؟ المشكلة الأساسية تكمن في غياب فرص العمل بعد التخرج. الوضع الاقتصادي أصبح سيئاً جداً في مصر.” وتضيف زيد أن الكثيرين لا يستطيعون تحمل تكاليف التعليم، “لذلك يرسلوا أبنائهم وبناتهم للعمل بدلا من الجامعات.”

تقول ميساء جلبوط زميلة غير مقيمة في مركز التعليم العالمي في معهد بروكينغز، إنه إذ تمكن الشباب من الحصول على تعليم جيد فإنهم سيكونون أقل قلقا بشأن العبء المالي. “لا يتعارض مايقوله الشباب العربي مع ما نراه على مستوى العالم.” مضيفة أن هذا التخوف يتوافق مع ما يحدث في الولايات المتحدة. حيث يزداد القلق حول تكلفة التعليم العالي وعما إذا كان، في الواقع، سيسهم في استعادة الأموال التي تم إنفاقها في سبيله من خلال تأمين فرصة عمل جيدة.”

وتتابع جلبوط “هناك بالتأكيد عدم تطابق بين سوق العمل والتعليم، لذلك لذا فإن الجواب يجب أن يكون في تقديم تعليم ذو جودة أفضل وإعطاء اهتمام أكبر للنوعية.”

تسلط بعض نتائج الدراسة أيضاً الضوء على طموح الشباب وتركيزهم على مستقبلهم المهني. تقول فالديني، “لا يهتمون فقط بالعثور على فرص للعمل مع الموهوبين، ولكنهم حريصون أيضاً على المساهمة في تنمية بلادهم وشخصياتهم.”

غطت الدراسة مواضيع أخرى مثل المخاوف من السمنة وأمراض نمط الحياة، والمواقف تجاه تغير المناخ ووجهات النظر حول التأثير طويل الأمد للانتفاضات العربية البالغة من العمر ثلاث سنوات. كما أظهرت الدراسة وجود انطباعات إيجابية حيال القطاع الخاص في المنطقة، وارتفاع نسب الاعتقاد بريادة الأعمال بوصفها وسيلة ناجحة لكسب العيش. 

ووفقاً للدراسة “يتسبب الالتحاق بالتعليم العالي في نشر روح المبادرة في العالم العربي نظراً لكونه يطور مهارات الشباب. كما أن الحكومات والبنوك تقدم مساعدات ضرورية لإنشاء مشاريع خاصة.” 

وفقاً للمسح، فإن ثلثا الشباب يرغبون بالبدء بأعمالهم الخاصة.

وبحسب جلبوط، فإن الاعتقاد بأهمية ريادة الأعمال تساعد في تفسير سبب عدم اهتمام الشباب في العالم العربي بمواصلة تعليمهم. إذ يختار البعض البدء بإنشاء أعمالهم الخاصة بدلا من الانتظار للحصول على وظيفة بعد التخرد من الجامعة. لكنها تؤكد أن رجل الاعمال الشاب ما زال بحاجة إلى تعليم عالي الجودة لاكتساب المهارات التنافسية اللازمة للعمل في بيئة عالمية. تقول “إنه ليس مجرد شخص يبحث عن وظيفة، إن خلق خلقة تربطه بالتعليم أمر شديد الأهمية.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى