أخبار وتقارير

شبكات الخريجين وسيلة لربط الطلاب بالجامعات مدى الحياة

القاهرة— من حفلات عشاء واجتماعات واحتفالات إلى سيل من الرسائل الإلكترونية، والمجلات، والرسائل على موقع لينكد ان، تستخدم بعض الجامعات في العالم العربي وسائل مختلفة للربط بين الخريجين وبناء علاقات معهم يكون من شأنها تعزيز المنح والتبرعات المقدمة للمؤسسة.

إلا أن بعض هذه الجهود – والتي طالما اعتمدت عليها الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أساسي – مازالت قيد التطوير، ولكنها كما يقول بعض الخبراء فعالة وتنمو بشكل طموح.

في عام 2007، أسس مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في بيروت جمعية للخريجين، كانت سابقًا مستقلة عن الجامعة. وتعمل الجمعية على إشراك مجموعة كبيرة من الخريجين وقوامهم 55000 خريج على المستوى العالمي من خلال فروع مختلفة تحددها اهتماماتهم المهنية وموقعهم الجغرافي. كما تتواصل الجمعية مع أعضائها من خلال الإعلام المجتمعي ومجلة للخريجين، وتوفر خدمات التشبيك المهني والاجتماعي، وتعقد اجتماعات واحتفالات للعديد من أسر الخريجين.

قال ريتشارد برو، نائب رئيس الجامعة الأمريكية في بيرت لشؤون تطوير الجامعة “ينبغي أن نسعى لتطوير برامج مناسبة للخريجين ولموقعهم الجغرافي في العالم. وبالنسبة لتماشي هذه السياسة مع تنمية الموارد، فنحن نقول إنه عند بناء العلاقات مع الخريجين يجب أن نبدأ ببناء الصداقات، ونحافظ على علاقات وثيقة مع الخريجين بعد تخرجهم، ثم نشركهم في الأنشطة حسب اهتماماتهم، ويلي ذلك تنمية الموارد.”

منذ شهر تموز/ يوليو الماضي إلى شهر أيار/مايو، جمعت الجامعة الأمريكية في بيروت مبلغ 35 مليون دولار أمريكي، نصفها من الخريجين كما قال برو بما في ذلك تبرعات أمناء الخريجين. وفي عام 2016، ستبدأ الجامعة أكبر حملة لجمع الموارد في تاريخها تهدف إلى جمع مبلغ 500 مليون دولار أمريكي.

ولكن علاقات الخريجين مع جامعاتهم لا تقتصر فقط على جمع المال، الذي يمكن استخدامه في أي شيء من دعم المنح الدراسية إلى الحفاظ على مكتبات الجامعات. قال برو”يهتم أي برنامج فعال برعاية الخريجين باعتبارهم أبطال الجامعة، فهم سفراء الجامعة وأصحاب العمل للطلاب الحاليين ووسطاء التوظيف ويشكلون مصدرًا هائلاً لتقديم النصح والإرشاد وأمثلة لأشخاص خرجوا للحياة لتحقيق إنجازات كبيرة.”

وأضاف “تحمل أي جمعية مترابطة للخريجين قيمة كبيرة تتعدى مجرد جمع الموارد وقد يصعب في بعض الأحيان قياسها. ولكنها تشكل شبكة قوية من الأشخاص من مختلف المجالات المهنية التي يمكن للجامعة الاستفادة منها.”

في الجامعات الأمريكية، تعتبر علاقة الجامعة مع خريجيها من أهم مقومات ما يُعرف بالتطوير، والذي يشمل جمع الموارد والتسويق والاتصالات. ويتلخص الهدف من هذه العلاقة في توفير الدعم المالي الخاص من المانحين المحتملين، والاستفادة من الخريجين كداعمين للمؤسسة ومتطوعين فيها ومؤيدين لها، حيث يدعمون الجامعة ويروجون لها بين الطلاب الجدد وغيرهم، ويتحدثون عن المؤسسة مع من لديهم دور في نجاحها، كما جاء عن المجلس الأمريكي لدعم وتطوير التعليم.

ظهر هذا المفهوم كممارسة متعارف عليها منذ أكثر من قرن، ولكنه شهد تغييرًا جذريًا على مدار الأعوام الخمسة عشرة الماضية بسبب التقدم التكنولوجي والاجتماعي، على حد قول أندرو شاندلين، نائب رئيس مشارك لشئون تطوير الجامعة في جامعة كارنيجي ميلون في بنسلفانيا، والتي يوجد لها فرع في قطر. وقال إن الجامعات تحتاج مستقبلاً إلى التركيز على أهدافها أكثر من أنشطتها من أجل جمع التبرعات.

كتب في مدونته “بالنسبة لأي جامعة، الفارق بين الأهداف والأنشطة كالفارق بين وصف المبنى الذي يوجد بداخله المعمل مقارنة بوصف الأبحاث التي ستغير من شكل العالم داخل المبنى. يجب أن يفهم الخريجون أهمية دعمهم المالي، ولكن يجب أيضًا أن يفهم قادة المؤسسة القيمة التي يمكن أن تضيفها علاقة الخريجين بالمؤسسة إلى تطورها وتقدمها.”

في الكثير من الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، يتم جمع الدعم المالي من الخريجين وغيرهم من الداعمين جزئيًا من خلال صناديق سنوية تقدم هدايا سنويًا. وقد تبنت بعض المؤسسات الخاصة في العالم العربي هذه السياسة أيضًا.

شبكة خريجي الجامعة الأميركية في بيروت لعام 1974

ففي الجامعة الأمريكية في القاهرة، يعتبر الصندوق السنوي من أهم مصادر التبرعات من الخريجين وغيرهم من أصحاب المصالح، كما قالت سارة بكر، مسئول أول للصندوق السنوي في الجامعة. وتوجه هذه الهدايا للدعم المالي وتعيين أعضاء هيئة التدريس ومرافق الأبحاث والمباني، حسبما جاء في الموقع الإلكتروني للجامعة، وحوالي 86 في المئة من المساهمين في الصندوق من الخريجين.

كانت الجامعة الأمريكية في القاهرة تهدف هذا العام إلى جمع 300000 دولار أمريكي كتبرعات – وبنهاية شهر أيار/ مايو تم جمع حوالي 275000 دولار أمريكي – من خلال البرنامج والذي يقدم عضوية سنوية في الأندية حسب مستوى تبرعاتهم. قالت سارة بكر “مع الارتقاء في دائرة العطاء، تزيد المنافع.” وعمومًا تكون هذه الفوائد غير ملموسة، مثل الفعاليات مع رئيس الجامعة. ويقع أغلبية المساهمين في الدائرة الأولى وهي نادي “أوفياء مدى الحياة”، حيث تتراوح الهدايا من دولار أمريكي إلى 499 دولارًا أمريكيًا.

كما توفر الجامعة أيضًا أنشطة للخريجين وفروعًا وفعاليات تربط الخريجين بالجامعة بشكل دائم. قالت بكر “عندما يشعر الخريجون بأن الجامعة تسعى لخلق روابط معهم، تصبح مهمتنا كجامعي الموارد أسهل بكثير.”

تظهر بعض الجهود والمساعي الجديدة، حيث يسعى فريق الصندوق السنوي للجامعة الأمريكية في القاهرة إلى اختيار شخص لجمع للموارد في كل لجنة من لجان الخريجين لتشجيع زملائه على التبرع. قالت سارة “رأينا أهمية هذه الخطوة لأنه في النهاية يتشجع الزملاء، سواءً أكانوا طلابًا أو خريجين، على التبرع عندما يطلب منهم ذلك زملاؤهم وليس عضوًا من أعضاء هيئة التدريس؛ حيث يحدث ذلك تأثيرًا أفضل.”

لا تعتبر الجامعات الأمريكية وحدها في جهودها لبناء مجتمع فعال من الخريجين. فلقد أصبحت هذه السياسة أكثر شيوعًا في أوروبا وبعض أجزاء من آسيا، مثل سنغافورة.

كما تنتشر هذه الممارسة أيضًا في العالم العربي، على الرغم من ضعفها واختلاف أهدافها. فعلى سبيل المثال يسعى مكتب شئون الخريجين في جامعة زايد – وهي جامعة حكومية في الإمارات العربية المتحدة حاصلة على الاعتماد الأمريكي – إلى تشجيع الخريجين ليصبحوا سفراء للجامعة، وإلى وضع رؤية للاحتفاظ بعلاقة دائمة بين جامعة زايد وخريجيها يكون من شأنها أن تساهم في توفير التعلم مدى الحياة للخريجين، وتطوير الجامعة، ونمو الأمة بأسرهها.

في الجامعة الألمانية في القاهرة، يسعى مكتب توظيف الطلاب إلى مساعدة أكثر من 7000 خريج لتحقيق مستقبل أفضل من خلال توفير الفرص المهنية، وورش عمل للتطوير، وفرص لمنح دراسية، وخدمات استشارات وتجمعات للخريجين. كما يوجد في جامعة الأردن جمعية للخريجين ونادي للخريجين منذ 1970 أسستهما مجموعة من الخريجين المتحمسين للجامعة.

ولكن هناك تحديات تواجه بناء علاقات فعالة مع الخريجين، وخاصة بالنسبة للجامعات الجديدة. فلقد تخرج سبع دفعات فقط من جامعة كارنيجي ميلون في قطر، والتي أُسست في قطر منذ عشر سنوات. ولم يتجاوز كل الخريجين الثلاثين عامًا ومعظمهم لا يزالون في بداية مستقبلهم المهني. قال موري إيفانز، المدير التنفيذي للتسويق والعلاقات العامة في جامعة كارنيجي ميلون في قطر “ليس لدينا مجموعة من الخريجين تشكل قدوة مؤثرة كما هو الحال مع خريجي كارنيجي ميلون في الولايات المتحدة الأمريكية.”

وأضاف إيفانز أنه يوجد بالجامعة 400 خريج يمثلون 40 دولة مختلفة يجب احترام تقاليدها الثقافية والدينية في كل الفعاليات الخاصة بالخريجين.

ولكن يشعر الخريجون بالوفاء للحرم الجامعي في قطر ولجامعة كارنيجي ميلون بشكل عام، “نراهم يساهمون في دعم جامعتهم من خلال التطوع بوقتهم لإلقاء محاضرة أو حضور فعالية أو تمثيل الجامعة بحماس عندما يطلب منهم ذلك.”

في النهاية، تهدف الكثير من المؤسسات التعليمية الآن إلى غرس شعور لدى الطلاب بأن وقتهم داخل الفصول الدراسية ما هو إلا بداية لعلاقة ستربطهم مدى الحياة بالجامعة

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى