أخبار وتقارير

مؤتمر في لندن يكشف واقع التعليم الليبي

لندن—كشف المؤتمر، الذي عقدته السفارة الليبية في العاصمة البريطانية مؤخراً، لمحات عن استمرار معاناة قطاع التعليم العالي في ليبيا بعد أكثر من عامين ونصف على رحيل معمر القذافي، الذي أدخل نظامه  الجامعات في عزلة  لمدة 42عاماً.

ففي خضم السياسة غير المستقرة في ليبيا، التقى مجموعة من الأكاديميين الليبين والبريطانيين مطلع شهر حزيران/ يونيو لمناقشة المشاكل الأكاديمية التي تواجهها البلاد والحلول الممكنة خلال محاولات بناء جسور بين الجامعات البريطانية والليبية. لخص وزيرالتعليم العالي الليبي السابق نعيم الغرياني النقطة الأساسية  للمؤتمر بقوله “إن نظام التعليم العالي في ليبيا يحتاج إلى خطة رئيسية جديدة تماماً.”

وبحسب الغرياني وغيره من المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر، تعاني الجامعات الليبية من الاكتظاظ، ونقص التمويل، والمركزية الخانقة فضلاً عن افتقارها لمعايير الجودة. وشدد المسؤولون الليبيون على الطب بوصفه المجال الأكثر حاجة للإصلاح في البلاد، وبالتالي فإن الجامعات يمكن أن تبدأ بالمساهمة بشكل فعال في الرعاية الصحية في البلاد.

قالت راهيدة الجازي، طالبة ليبية تحضر لنيل الدكتوراه في علم الأعصاب في جامعة هيريوت وات في أدنبره، “الحصول على حلول فعلية ليست بالأمر السهل، لكنني أعتقد أن هذه الجلسة هي أول مناقشة مفتوحة بهذا الحجم أشهدها عن حال التعليم العالي في ليبيا.”

طغى الحديث عن الوضع الأمني على الجلسات، والذي كان السؤال الأساسي في أذهان كل المؤسسة البريطانية الحاضرة. وكان رد الغرياني “الأمن مشكلة على المدى القصير، لكن التعليم هو على المدى الطويل.”

وقالت منظمات بريطانية إن صعوبة العمل مع المؤسسات الليبية تكمن في محاولة معرفة الجهات الواجب العمل معها. إذ شهدت السنوات القليلة الماضية نمواً سريعاً في المؤسسات الليبية والأفراد. نتيجة لذلك، عانت الملحقية الثقافية الليبيي التي نظمت المؤتمر، من غياب صناع القرار الحقيقين في مجال التعليم العالي. وقال مسؤول ليبي طلب عدم نشر اسمه “عندما قمنا بتنظيم المؤتمر، اعتقدنا أننا سنحظى بمشاركة عدد من الوزراء وصناع القرار. لكن وبسبب طبيعة الأوضاع في ليبيا الآن كل شيء يمكن أن يتغير بسرعة.”

 بدوره، سخر صلاح ميتو، أحد المشاركين القلائل في المؤتمر الذي يتولى حالياً منصباً عاماً كرئيس للجنة التعليم العالي في المجلس الوطني الليبي، من كونه غير متأكد من استمراره بالعمل في هذا المنصب في ليبيا حتى الأن.

في المقابل، قال فتحي العكاري نائب وزير التعليم العالي السابق إن ليبيا وخلال سنوات حكم القذافي عانت من غياب المعايير.” لم يكن هناك منهجية للاعتماد، إذا كنت مع الحكومة فأنت معتمد. هذا هو المعيار.”

تلتقط البلاد أنفاسها أيضا بعد معاناة طويلة من ضعف التدريب باللغة الأجنبية، بالإضافة إلى عزل الجامعات. كما أن الدراسة خارج البلاد للطلاب الجامعيين والساعين للحصول على الماجستير والدكتوراه تبدو أكثر محدودية، نظراً لحاجة أي طالب لعام على الأقل لإتقان اللغة الأجنبية.

في محاولة لحل هذه المشكلة، أنشأت الحكومة الليبية عشرة مراكز لتعليم اللغات في الجامعات الليبية. يهدف البرنامج، المدعوم من قبل المجلس الثقافي البريطاني، لتشجيع الدراسة في المملكة المتحدة من خلال إعداد الطلاب لإتقان اللغة الإنجليزية. وقال ميتو إن الليبين يطمحون لتحقيق المزيد من التبادل في الاتجاهين “ربما يمكن لهذه المراكز أيضا تعليم اللغة العربية كلغة ثانية لطلاب المملكة المتحدة في ليبيا.”

تبدو المنح الدراسية المدعومة من قبل الحكومية الليبية حجر أساس في التعاون بين ليبيا وبريطانيا. في عام 2013، بلغ عدد الطلاب اليبين الذي يدرسون في الممكلة المتحدة نحو 2.417 طالب بحسب المجلس الثقافي البريطاني. في المقابل، شارك العديد من طلاب الدكتوراه الليبين في المؤتمر لعرض مشاريعهم مؤكدين أن سفرهم لبلد أجنبي كان خيارهم الوحيد المعقول.

قال أشرف أحمد، باحث في جامعة شيفيلد،”أعتقد أن ليبيا تنتج العديد من العقول العظيمة، ولكن للأسف في الآونة الأخيرة معظمهم كان مضطراً للسفر للخارج لتطويرعملهم الأكاديمي.”

تخصص أحمد الدراسي، الطب، كان نقطة محورية في المؤتمر لكونه “مجال يحتاج مساعدة قصوى” بحسب ما قال عبد الباسط قدور الملحق الثقافي للجماهيرية الليبية ومنظم المؤتمر. تضم كليات الطب في ليبيا 25 ألف طالب وطالبة يدرسون ليصبحوا أطباء، بينما يدرس 2.500 طالب وطالبة فقط التمريض وفقاً لوزيرة الصحة السابقة فاطمة حمروش. “هذه الأرقام غير متوازنة وينبغي أن تكون عكس ذلك.”

واعتبرت حمروش أن ليبيا التي تمتلك اليوم نحو 8.280 طبيب، لن تستطيع توفير فرص عمل جديدة للطلاب الذي يدرسون حالياً في الجامعات.

وبحسب محمد جمعاتي، أستاذ البصريات الإلكترونية في جامعة نيويورك، فإن الفجوة بين التدريب السريري والأكاديمي تضرالطلاب الليبين. كما يشعر الغريانى أن ليبيا لا تنفق ما يكفي على طلابها، إذ أن غالبية طلاب الطب البالغ عددهم 25 ألفاً لن يكونوا مؤهلين بمافيه الكفاية.

سعى المؤتمر إلى الدعوة إلى إيجاد وسيلة للاستفادة من الخبرات الدولية ليس فقط لتحسين التعليم فقط، ولكن من أجل تحسين البلاد بطريقة مباشرة. قالت إحدى الطالبات “لم يحن الوقت بعد لأي نوع من تغيير نظام ما قبل الثورة بمختلف المجالات في ليبيا. لكن الآن على وجه الخصوص، أرغب بالعودة والتعلم في ليبيا. يتعين علينا أن ننتظر ونرى.”

بدا المؤتمر كفرصة لتنشق الهواء النقي، قالت “إن مجرد الحديث بصراحة أمر رائع.”

* ورد خطأ في ترجمة التصريح المنسوب لأشرف أحمد، وقد تم تصحيحه وفقاً لما ورد في النسخة الإنكليزية من القصة. 

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى