أخبار وتقارير

مجلة طلابية جريئة تتحدى الرقابة في مصر

القاهرة- قرر بعض الطلاب – الذين شعروا بأنهم يتعرضون لتيار من التغطية الإعلامية المتحيزة والمسيسة للحياة الجامعية – مواجهة هذا الوضع من خلال إيجاد متنفس إعلامي خاص بهم.

بعد 25 كانون الثاني/يناير 2011، لم يتمكن شاهير شاهين من إيجاد إجابات صادقة لأسئلته حول ما يدور داخل جامعته، وهي الجامعة الألمانية في القاهرة. وكانت باقي الجامعات في البلاد تعج بالمظاهرات. ومن ثم، في نيسان/إبريل 2011، أسس جريدة ذا إنسيدر الطلابية التي سرعان ما اتسعت تغطيتها لتشمل تسع جامعات، بما فيها جامعة الأزهر في طنطا والقاهرة.

قال شاهين “لم تكن هناك أية جهة محايدة تقدم تغطية إعلامية متوازنة. فقررنا إصدار جريدة طلابية مستقلة لا تدعو لأي فكر أو اتجاه محدد، وإنما تنظر للأحداث بشكل محايد.”

بعد ذلك بقليل، بدأت ذا إنسيدر في التوسع في الجامعات الخاصة والعامة، وتدريب الطلاب على ممارسة مهنة الصحافة، ومساعدتهم على إيجاد دعم مالي، وإعطائهم الرأي حول الطبعات الجديدة.

تؤكد ذا إنسيدر على استقلالياتها التحريرية. فهناك بعض الجامعات التي تصدر جرائد يكتبها الطلاب بما فيها جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية في القاهرة. ولكن شاهين يقول إن ذا إنسيدر تختلف عن غيرها من الجرائد الجامعية، فهي لا تخضع لرقابة الإدارة.

قالت دينا رضوان، مسئول التحرير لجريدة ذا إنسيدر الصادرة عن جامعة القاهرة “تخضع جريدة صوت الجامعة والتي تصدرها جامعة القاهرة لرقابة الأساتذة وتعتبر جزءًا من دورة الإعلام الخاصة بالطلاب، وبالتالي يقرر الأساتذة ما يجب نشره. ولكن جريدتنا تتمتع بحرية أكبر فنحن من يشرف عليها.”

كما تفتخر ذا إنسيدر بكونها تصدر في توقيت مناسب غالبًا ما تُطبع أسبوعيًا أو شهريًا. قال شاهين “تواكب ذا إنسيدر الأحداث، فلدينا حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتغريدات مباشرة، وتغطية لأحدث الأخبار.” ويشرح شاهين أن الجريدة تركز على الشباب الذي يشغل تويتر وفيسبوك حيزًا كبيرًا من حياتهه.

تعتقد ريم جودة، رئيسة تحرير جريدة ذا إنسيدر، أن تواجد الجريدة على شبكة الإنترنت قد أحدث تغييرًا فعليًا على أرض الواقع. تحكي ريم كيف ساهم مقال حول ارتفاع أسعار المشروبات في الكافيتريا في إصدار قائمة أسعار جديدة. كما تسبب مقال حول تحرش سائق تاكسي بطالبة في منع الإدارة لهذا السائق من دخول الحرم الجامعي.

ساعدت هذه التغطية في بناء جمهور عريض متابع لذا إنسيدر؛ حيث يوجد أكثر من 24000 متابع لصفحة ذا إنسيدر الصادرة عن الجامعة الألمانية على الفيسبوك. ولكن الكثير من الطلاب يشعرون بالقلق إزاء تواجد أي صحفي داخل الجامعة.

نشرح آية مرسي، مراسلة صحفية لجريدة ذا إنسيدر الصادرة عن جامعة القاهرة أن المتظاهرين، وخاصة من داعمي الإخوان المسلمين، لا يرغبون في الظهور على الكاميرات أو الفيديو بسبب الضغوط الأمنية. كما تحكي قصة طالبة اتهمها بعض المتظاهرين بأنها “أمنجية” وهي تعني باللغة العامية شخصًا يتعاون سرًا مع الشرطة. بدوره، قال رضوان “يخاف الطلاب بشكل عام من الظهور على الكاميرات.”

يواجه المراسلون الصحفيون في جامعة الأزهر الأمن بشجاعة في التظاهرات ولكن عليهم أيضًا أن يواجهوا شكوك الطلاب. قال عبد الحميد طهطاوي، رئيس تحرير فرع جامعة الأزهر “نواجه صعوبات في الحصول على إجابات من الطلاب أكثر من الحصول على موافقة الجامعة. فدائمًا يسألوننا من نكون ولأي اتجاه ننتمي وإذا ما كنا ضمن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.”

ويشرح شاهين أنه على الرغم من حرية التعبير التي يوفرها الإنترنت للطلاب، لا يتقبل الكثير منهم الآراء المختلفة بسهولة. قال شاهين “هناك القليل من التسامح والكثير من الاستقطاب بين الناس والطلاب فهم دائمًا في صراع فيما بينهم حول الأخبار أو الأحداث الجارية.”

ولم تكن عملية الحصول على تصريح رسمي لنقل الأحداث من داخل الحرم الجامعي وطباعة الجريدة بالأمر السهل. فلم يوافق الإداريون أبدًا على فكرة تواجد صحفيين داخل الجامعة لا يخضعون لرقابتهم.

حصلت ذا إنسيدر الصادرة عن الجامعة الأمريكية في القاهرة والجامعة الألمانية في القاهرة على تصريح بنشر نسختها الشهرية داخل الجامعة، ولكن الجامعات الثمانية الأخرى لا تزال تجاهد لتحصل على هذه التصاريح.

تعتقد فاطمة خالد رئيسة تحرير ذا إنسيدر الصادرة عن جامعة مصر الدولية، أن الجامعة تماطل في الموافقة على طباعة الجريدة بسبب وجود الكثير من القضايا الجدلية في الجامعة، مثل عدم وجود اتحاد للطلاب أو أندية أو أنشطة طلابية. وأضافت أن الإدارة تريد أن تراجع المقالات قبل طباعتها.

ولكن فرق التحرير في الجامعات الثمانية لم تسمح للإجراءات المتعسفة أو محاولات فرض الرقابة بمنعهم؛ حيث اتجهوا للنسخ الإلكترونية والإعلام المجتمعي ليصل صوتهم للجمهور.

ولكن حتى تواجدهم على الإنترنت يُقابل في بعض الأحيان بالازدراء. فعلى سبيل المثال، تم تهديد طلاب جامعة مصر الدولية بالفصل من الجامعة بسبب مقال لم توافق عليه الجامعة.

كما ترفض الجامعات في أغلب الأحيان السماح للطلاب بالتقاط الصور داخل الجرم الجامعي أو إقامة أكشاك دعائية.

ولكن شاهين على ثقة من أن المسألة ستستغرق بعض الوقت حتى توافق الجامعات على إصدار ذا إنسيدر وتتفهم هدفها الأساسي في ضمان توازن المعلومات ودقتها. ويقول الصحفيون من الطلاب إن دورهم يكتسب أهمية خاصة في جامعة مثل جامعة الأزهر والتي واجهت الكثير من الصادمات والنزاعات تقريبًا بشكل يومي. بدوره، قال طهطاوي “نريد أن نحول جامعة الأزهر من مكان يخشى الطلاب فيه من التحدث بحرية ولا يفهم الناس طبيعة ما يجري بداخله إلى كيان ينعم بالتواصل فيما بين الطلاب والإدارة والناس بصفة عامة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى