أخبار وتقارير

مصر: إجراءات أمنية مشددة مع بدء العام الدراسي

أمام سور جامعة القاهرة الحديدي، أحد أبرز معالم الجامعة،  وقف عادل، مدير متجر أمام الجامعة، يحدق مطولاً إلى توافد الطلاب إلى الجامعة ومحيطها. كان موسم الصيف مجزياً مادياً بالنسبة له. اليوم، ينتابه قلق شديد على دخله، فالعام الدراسي الجديد سيبدأ خلال بضعة أيام فقط. قال “إن شاء الله سيسود الهدوء مع بدء الجامعات من جديد،كان العام الماضي مليئاً بالفوضى.”

يعتقد الكثير من سكان القاهرة أن الأمن والإستقرار في كبرى جامعات المدينة، يعد مقياساً للأوضاع الأمنية في البلاد.

يبدو أنها أيضا وجهة نظر وزير التعليم العالي، السيد عبد الخالق والعديد من رؤساء الجامعات اللذين قرروا تكثيف وتصعيد الإستعدادات الأمنية للعام الدراسي الجديد في اجتماع يوم الأحد الماضي للمجلس الأعلى للجامعات.

دعا عبد الخالق الجامعات لرفع مستوى أمنهم قبل العام الدراسي الجديد، الذي تم تأجيله لهذا الغرض. قال “لن نسمح لأي شخص أو مجموعة بإعاقة العملية الدراسية هذا العام”. وأضاف عبد الخالق في الاجتماع، أن الحكومة والجامعات قد استثمرت بكثافة في نظام أمني جديد ومتكامل يقوم على التعاون بين الأمن الاداري الداخلي الخاص بالجامعة والشرطة المصرية المتواجدة خارج أسوارها لتحقيق الأمن.

يجمع الطلاب والأساتذة على أن الحاجة إلى تعزيز الأمن في الحرم الجامعي ضرورة. إذ شهد العام الدراسي الماضي ارتفاعاً حاداً في وتيرة العنف جراء مظاهرات وإشتباكات وقعت إما داخل الجامعات أو خارجها، الأمر الذى تسبب في مقتل أكثر من ثلاثين طالباً.

قالت مها الوزير مساعد مدرس وطالبة دكتوراه في كلية الإعلام بجامعة القاهرة “العام الماضي، كان صادما لنا، إذ وقعت الكثير من الحوادث الخطيرة التي اضطرتنا لإخلاء الجامعة. بنهاية العام الدراسي، توفقنا عن التدريس بشكل شبه كامل.” مضيفة أن التدقيق الأمني عند بوابات الجامعة كان “غير كافي” وبحاجة إلى التكثيف.

صرح العديد من رؤساء الجامعات بأنه تم تكثيف الاستعدادات لتعزيز الأمن الجامعي طوال إجازة الصيف. وبينما وضع رئيس الوزراء، إبراهيم محلب حداً للتخوفات من عودة جهاز الشرطة الحكومية إلى الحرم الجامعي إلا أن العديد من الجامعات الكبرى تكثف من تعاونها مع وزارة الداخلية على الصعيد الإستشاري والتنسيقي.

فقد صرح جابر جاد نصار رئيس جامعة القاهرة أنه سيتم التعاقد مع ضباط أمن متقاعدين من الشرطة للمساعدة في وضع خطة وجهاز أمني جديد. كما خصصت الجامعة 26 مليون جنيه مصري (نحو 3.6 مليون دولار) لتحديث نظام أمنها. وذكرت صحيفة الأهرام أن الشرطة ستدرب 850 من أفراد الأمن الجامعي بجامعة القاهرة وستسلحهم  بالعصي البلاستيكية، وسيتم تدريب 150 من هؤلاء الحراس  “للانتشار السريع”، وستتم زيادة عدد الحراس من الأمن النسائي لتسهيل تفتيش السيدات.

أما في جامعة الأزهر التى شهدت حوادث كثيرة من من العنف والإحتجاجات في عام 2013 ، فقد أعلنت عن  تعيينها 1000 موظف أمني إضافيين للحرم الجامعي الذي يرتاده نحو  400,000 طالب. وهي تعد النسبة الأكبر من بين الجامعات المصرية.

قال رئيس الجامعة إبراهيم الهدهد في مؤتمر صحفي مؤخراً “إن رئيس الجامعة مازال يحتفظ بحق إستدعاء قوات الشرطة (التي ستقوم بدوريات دائمة  خارج أسوار الجامعة)، في حال وجود أي أعمال شغب.”

يعتبر البعض أن الهدف الأبرز لقوات الأمن في  المرحلة القادمة هو قمع إحتجاجات الإخوان المسلمين كما حدث العام المنصرم، خاصة أن جامعة الأزهر كانت واحدة من المصادر الرئيسية لنشاط طلاب الجماعة. تكلفت الاحتجاجات التي نظمها في الأغلب طلاب الجماعة في مختلف فروع الجامعة حوالي مئة مليون جنيه مصري خلال العامين 2013 و2014.

وفقا ً للخطة الأمنية الجديدة فإن مداخل ومخارج الحرم الجامعي ستحظى باهتمام أكبر، إذ أنها ستكون  نقطة التمركز الأمني الرئيسية للحرس الداخلي للجامعات. كما يفترض أن تقوم جامعة الأزهر وغيرها من الجامعات الرئيسية الأخرى بتركيب أنظمة رقمية لتنظيم عملية الدخول والخروج. استقر المجلس الأعلى للجامعات أيضاً على تنفيذ نظام بطاقات الهوية الممغنطة ليستخدمها  الطلاب عند دخولهم وخروجهم من الجامعات.  وينفق الهدهد ونصار وغيرهم من رؤساء الجامعات مبالغ كبيرة لإحاطة الجامعات بشكل كامل بأسوار أعلى من ذى قبل.

قال وسام عطا، طالب سنة رابعة فى كلية تجارة بجامعة الأزهر “كنت آمل أن أرى أمن مهني بالفعل.” وأضاف عطا وهو ناشط سياسي في جبهة طريق الثورة “على مدى السنوات الثلاث الماضية، لا أتذكر أن هويتي جري التحقق منها مرة واحدة.” للمرة الأولى، ستضاف  كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة ((CCTV بجامعة القاهرة لمراقبة البوابات والأسوار وتحديد هوية مثيري الشغب.

تعاقدت معظم الجامعات الكبرى مع شركات أمن خاصة لإدارة نقاط الدخول والخروج إلى الجامعات ومساكن الطلبة. وقال تقرير نُشر في صخيفة المصري اليوم إن 15 من أكبر الجامعات المصرية تعاقدت مع شركة “فالكون”، واحدة من أضخم شركات الأمن الخاصة في مصر.

وأكد شريف خالد، المدير التنفيذي بفالكون إن شركته لن تتدخل في الأمن داخل الحرم الجامعي لكن  العاملين بشركته سيتمكنون من تشغيل نقاط الدخول وتفتيشها تحسباً لوجود أسلحة أو أي مواد أخرى غير مصرح بها من خلال أجهزة الكشف عن المعادن وغيرها من التدابير.

يلاقي تعزيز الأمن ترحيب الكثيرين. إلا أن البعض يعتبر بعض بنود النظام الأمنى الجديد مدخلاً للتعدي على استقلال الجامعات. إذ يحظر الطلاب من التظاهر والاحتجاج في معظم الجامعات، في حين منعت جامعة القاهرة ممارسة أى نشاط سياسي حزبي داخلها.

لم تُستثنى مساكن الطلاب الجامعية من النمط التصاعدي نفسه لحجم الترتيبات الأمنية. إذ أعلنت بعض الجامعات مثل جامعتي الأزهر والقاهرة أنهما ستخفض أعداد الطلاب الجدد الملتحقين بالسكن الجامعى الخاص هذا العام. كما تم فرض متطلبات أمنية جديدة للطلبة الراغبين فى الالتحاق بالسكن الجامعي  كتقديم إستمارة أمنية تؤكد خلو سجلهم الجنائي من أي شبهة.

دفعت الإجراءات الجديدة العديد من الأكاديمين للتساؤل عما إذا كان سيتم اتخاذ الخطوات الصحيحة للوصول إلى الأسباب الجذرية للعنف والاضطرابات.

قال خالد سمير أستاذ في كلية الطب بجامعة عين شمس وأحد المنسقين  في حركة إستقلال الجامعات، “نحن جميعا متفقون على أن هناك مشكلة أمنية كبيرة تحتاج لحلول سريعة. لكن لإيجاد حل فعلي لهذه المشكلات يجب التعامل مع أصولها السياسية والاجتماعية.” وأضاف سمير أنه يجب على الجامعات إيجاد خطة موازية للتعامل مع الطلاب وتعديل آراء المتطرفين منهم. فالحل لن يكون يوماً أمنياً فقط، على حد قوله.

يرغب سمير وغيره من الأساتذة، مثل أفراد مجموعة ٩ مارس لإستقلال الجامعات في جامعة القاهرة، أن يشهدوا المزيد من الحوار. قال ” الفكر يحارب بالفكر.”

وبينما يؤكد عطا على أن جامعة الأزهر في حاجة ماسة إلى تعزيز الأمني، إلا أنه يرى أن الإفراط في استخدام “القبضة الحديدية” يزيد من احتمالات خلق رد فعل عنيف للبعض. قال” أننا نشعر وكأن هناك نية من جانب قوات الأمن لاستخدام هذه الأزمة الأمنية لتعيدنا إلى أيام مبارك [عندما كانت الجامعات تحت سيطرة مباشرة من قوات الأمن]”.

في جامعة القاهرة، رحبت الوزير برؤية بعض المظاهر الواضحة لزيادة الأمن، مثل الكلاب البوليسية عند بعض مداخل الجامعة. لكنها تشعر بأنه إذا نجحت إدارة الجامعة  في إثراء الحياة الطلابية وتم إشراكهم فى صنع القرار سيكون لهذا تأثير أفضل من الناحية الأمنية على المدى الطويل.

بالطبع، يبقى بدء الدراسة الجامعية فى 11 تشرين الأول/ أكتوبر هو الاختبار الحقيقي للاستعدادات الأمنية الجديدة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى