أخبار وتقارير

إلغاء مخطط فصل الإناث عن الذكور في جامعة بغداد

أجبرت الاحتجاجات المستمرة لطالبات وأعضاء الهيئة التدريسية الحكومة العراقية على التراجع عن خطتها المزمعة بإنشاء كلية مستقلة للبنات في جامعة بغداد، التي تعد أقدم مؤسسة تعليمية في البلاد.
إذ أعلن مسؤولون من وزارة التعليم عن عدم المضي في إنجاز هذه الخطوة، الأمر الذي امتدحه الأساتذة والطالبات وأيضاً أولياء الأمور.
قالت ندى خليل، طالبة علوم الكمبيوتر التي قادت المظاهرات منذ منتصف تشرين الأول/ اكتوبر ضد قرار الوزارة، ” اختارت الطالبات الالتحاق بجامعة بغداد، وليس جامعة بغداد للبنات. لم يكن سيتم الاعتراف بها عالمياً. كما أن تصنيفها سيكون أقل من غيرها من المؤسسات الخاصة والجديدة رغم أن كلياتنا تم تأسيسها في الثمانينات.”

في وقت سابق من هذا العام، أعلن وزير التعليم العالي السابق علي الأديب أن ثلاثة أقسام كانت بالفعل مخصصة للطالبات في جامعة بغداد ستشكل  جامعة بغداد الجديدة للبنات. حيث ستبدأ فصولها الدراسية في كانون الثاني/ يناير. كما كان يتوجب على الطالبات الانتقال إلى كليات بعيدة عن الحرم الجامعي الحالي.
برر الأديب القرار بكونه يمنح مكاناً للطالبات من العائلات المحافظة التي لاتسمح لبناتها بالالتحاق بجامعات مختلطة ولإعطاء فرصة أكبر للمرأة للوصول إلى مناصب قيادية. واستشهد الوزير السابق بتجربة المؤسسات الأمريكية مثل كلية وليسلي، كدليل على أن كون المدارس النسائية تنتج قادة. (تقلص عدد كليات الإناث بالفعل في الولايات المتحدة، مع توجه العديد من المؤسسات لاعتماد الاختلاط).
ونقلت جريدة العرب اليوم عن الأديب قوله في أذار/ مارس الماضي ” جامعة البنات ستكون لها إدارة نسائية وستفتح باب التعليم للبنات اللواتي لا تسمح عوائلهن بالدراسة بسبب الاختلاط مع الذكور.”

وأبدى المعارضون تخوفهم من كون قرار الوزارة خطوة أولى نحو الفصل الكامل لاحقا داخل الجامعات العراقية، وهو اتهام تم نفيه من قبل الوزارة. كما سخروا من إدعاءات محاولة “مساعدة” المرأة للتقدم أكثر في المجتمع.
وقالت طالبة في كلية البيولوجيا رفضت الكشف عن اسمها ” يقولون إن القرار يهدف إلى منح المرأة مزيداً من الحقوق، لكن وجود جامعة منفصلة لا يعطي المرأة حقوقها. التفاعل ضروري، فالمجتمع مكون من الرجال والنساء.” وأضافت “لإنهم يريدون استبعاد الأساتذة الذكور. شخصيا أنا أحبهم وأعتبرهم مهنيين. سنخسر خبرتهم الأكاديمية.”

بعد أيام قليلة على تظاهرات الطالبات وذويهن وأعضاء الهيئة التدريسية، أعلن وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني أمام مجموعة من الطلاب يوم الاثنين الماضي أن القرار تم طيه.
تولى الشهرستاني حقيبة التعليم بعد استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي نتيجة فشلها في التصدي لميليشيات الدولة الاسلامية في وقت سابق من هذا العام. منذ ذلك الحين، انشغل الوزير الجديد بإيجاد مقاعد للطلاب النازحين من المناطق التي سيطرت عليها الميليشيات وأغلقت جامعاتها.

مع ذلك، يبدي العديد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب شكوكاً. إذ لم يصدر حسين الشهرستاني قراراً رسمياً بهذا الشأن، رغم أنه تعهد بذلك في وقت قريب. وقال المنتقدون إنه من الغير واضح بعد ما إذا كان هناك أهداف غير معلنة للحكومة العراقية السابقة.
وأضافوا أن الحكومة لا تحتاج إلى خلق مساحة أكاديمية خاصة للنساء، ذلك أن أقسام الجامعة الجديدة والتي تضم كلية التربية للبنات وكلية العلوم للبنات وكلية التربية الرياضية للبنات مخصصة مسبقاً للطالبات اللواتي يستخدمن مكتبات وكافيتريات منفصلة.
تم فصل هذه الأقسام – وهي ممارسة غير شائعة في العراق لكنها شائعة في البلدان الإسلامية الأكثر تحفظا مثل المملكة العربية السعودية- منذ تأسيسها في الثمانينات. بينما يسود الاختلاط في باقي كليات جامعة بغداد.
وعلى الرغم من التحاق بعض الطالبات بقسم العلوم المخصص للبنات، لكنهن لايفضلن ذلك. قالت طالبة علوم البيولوجيا “أحب علم الأحياء، لذلك تقدمت بطلب إلى قسم العلوم للبنات بسبب معدل قبولها 79 في المئة. تم قبولي في كلية العلوم المختلطة لكنني اخترت كلية البنات.”

تعكس الاحتجاجات الأخيرة طموح الطالبات العراقيات. إذ اشتكت بعض الطالبات بأن انتقالهن إلى جامعة بغداد للبنات الغير معروفة قد يقلل من فرصهن المهنية المستقبلية. قالت طالبة البيولوجيا “كان متوسط معدلي في المدرسة الثانوية 85 في المئة، لذلك التحقت بجامعة بغداد للاستفادة من الفرص. كان بإمكاني الالتحاق بكلية الهندسة في مدينتي لكنني اخترت جامعة بغداد بسبب سمعتها الجيدة.”
كما اشتكت من أن جامعة بغداد للفتيات لن تبدأ بتقديم برامج الدراسات العليا قبل 10 سنوات، بحسب القانون العراقي.
وتتضمن مخاوف الطالبات خسارة التاريخ “الغني” لكلياتهن، وانتقائية نظام القبول المركزي حيث يعتقد المنتقدون أن الجامعة ستقبل طالبات بمعدلات منخفضة.
قالت رسل، طالبة في كلية الكيمياء في الجامعة، “معدلاتنا في المدرسة كانت تقارب الثمانينات. سيتم قبول الطالبات بمعدلات الخمسينات. لماذا يدمرون إرث الكلية المتميز الذي شكله الأساتذة والطلاب على مر السنين.”
وقالت الطالبات إن القرار قد يؤثر على المنح الدراسية وفرص العمل وحجم المشاركة في بعثات الدراسة في الخارج. قالت خليل ” قد نخسر منح دراسية من جامعات أخرى. من سيعترف بجامعة بغداد للبنات عندما ننافس على ذات الوظائف كخريجات مع خريجين جامعات بغداد؟ وهل سيتم تغيير شهادات الخريجات السابقات إلى جامعة بغداد سابقاً؟ لن نقبل بهذا الوضع إطلاقاً.”
انضم أهل رسل إليها في التظاهرات ضد القرار لخوفهم أيضا من تخرج ابنتهم من كلية أقل تصنيفاً من جامعة بغداد. قالت رسل ” تلقينا دعم من أهلنا أيضاً.”

ويبدي أهل رسل ايضاً قلقاً حول سلامتها. إذ تقع الجامعة الجديدة في منطقة الزعفرانية جنوب بغداد والوصول إليها محفوف بالمخاطر كما قالت رسل. “لايمكننا الوصول إلى هناك وسط هذا الوضع الأمني المتردي. الأوضاع تزداد سوءاً.”
تشعر خليل بسعادة غامرة للاستجابة لصوتها وصوت زميلاتها. قالت “نحن راضيات. سنعود لمحاضراتنا من جديد بعدما تمت إزالة اسم جامعة بغداد للبنات.”

* كتب التقرير جلجامش نبيل. 

* شاهدوا فيديو مظاهرة ضد فصل الإناث عن الذكور في جامعة بغداد

http://www.youtube.com/watch?v=ml1ena7WLaA

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى