أخبار وتقارير

المملكة المتحدة تعتزم تقديم قروض إسلامية للطلاب

بعد سبع سنوات من العمل في مصر، التحق مصطفى عطية ببرنامج ماجستير التمويل الإسلامي في جامعة دورهام في المملكة المتحدة الشهر الماضي.

تبلغ تكاليف الدراسة 45.000 دولار أمريكي، وهو مبلغ لايمكن لشاب مصري في الثلاثينات من عمره أن يدفعه. لكن مصطفى تمكن من تسديد هذه الرسوم من مدخرات عمله السابق في تجارة الأسهم في بنك استثماري مقره القاهرة ويغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كحال طلاب آخرين في دورهام، تلقى عطية مؤخراً رسالة إلكترونية من الجامعة تعلمه بتوفر قروض حكومية لتمويل تعليمه. لكن القروض المقدمة تتضمن فائدة تتعارض مع تعاليم الشريعة الإسلامية. لا يعارض عطية فكرة الحصول على قرض نظراً لعمله السابق كوسيط، قال “أنا مسلم، ولكن في حال توفر قرض بنسبة فائدة معقول سأقبل به.”

لحسن الحظ، لم يحتاج عطية لتقديم قرض. إذ استطاع تسديد مصاريف دراسته وسكنه وكتبه من مدخراته الشخصية. مع ذلك، أبدى عطية استغرابه من عدم وجود قروض تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية في بلد مثل المملكة المتحدة. قال “من الضروري تطوير نظام متوافق مع الشريعة الإسلامية. ستتلقى حكومة المملكة المتحدة ردود أفعال اجتماعية إيجابية من خلال تقديم هذه القروض إلى المسلمين.”

مؤخراً، يبدو أن القروض بلا فائدة تشق طريقها الآن للطلاب المسلمين مثل عطية.

في عام 2010، سمحت الحكومة البريطانية برفع رسوم الجامعات إلى 14.400 دولار أمريكي في السنة (9000 جنيه استرليني) عوضاً عن 4800 دولار أمريكي في الأعوام السابقة. بالطبع، يستطيع الطلاب التقدم بطلبات للحصول على قروض لتسديد الرسوم الجديدة، بالإضافة إلى 7000 دولار أمريكي لتغطية نفقات أخرى، وفقاً لتقرير وزارة الأعمال والتجديد والمهارات البريطانية. تتراوح أسعار الفائدة من 1 إلى 3 في المئة وهي نسبة أكبر من معدل التضخم للطلاب الذين يحصلون على أكثر من 33.601 دولار أمريكي بعد تخرجهم.

بعد تصويت نحو 20 ألف جمعية خيرية ورجال الأعمال ونقابات وأكاديميين، قررت السلطات البريطانية في أيلول/ سبتمبر الماضي للنظر في تقديم قروض تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية للطلاب المسلمين استنادا لمفهوم التكافل، الذي يعود أصله لأكثر من 1400 سنة ويقوم على مبدأ الإقراض بدون فوائد باستخدام الأموال التي تم جمعها من قبل المساهمين وفق مبدأ تشارك الأرباح.

بالطبع، لا تلقى فكرة الإقراض بدون فائدة قبولاً من قبل المقرض الغربي، ذلك أن قيمة المال تقل عادة مع مرور الوقت بسبب التضخم. لكن الحكومات تدعم فكرة القروض بدون فوائد للطلاب لإدراكها حجم تكلفة الدراسة، خاصة وأن الأموال المدفوعة لا تكفي في نهاية المطاف لتعويض نقص صندوق الإقراض.

من جهة أخرى، يمنح تقديم قروض بدون فائدة المملكة المتحدة ميزة تنافسية لاستقطاب الطلاب الأجانب في مواجهة دول أخرى كالولايات المتحدة وكندا أو أستراليا التي تقدم برامج مماثلة. ( لاتفرض ألمانيا رسوم دراسية، وبالتالي لا يعتبر موضوع القروض أمراً ضرورياً عموماً.)

وعلى الرغم من توجه وزارة الأعمال والتجديد والمهارات البريطانية إلى اعتماد القروض المتفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، إلا أن موعد إطلاقها لن يكون قبل العام الدراسي 2016-2017 بحسب ما ذكرت مصادر في الوزارة للفنار للإعلام.

بالطبع، يعتقد الكثير من الطلاب المسلمين أن العمل على إنجاز القورض التكافلية لا يسير بالسرعة المطلوبة.

قال محمد حرتا، المدير الإعلامي للاتحاد الدولي لجمعيات الطلابية الإسلامية ومقرها لندن “سنواصل ممارسة الضغط مع الاتحاد الوطني للطلاب على الحكومة للتأكد من تنفيذ القرار في أقرب وقت ممكن. إن النظام الذي تم فرضه في عام 2010 تمييزي لم ينظر لوجود العديد من الطلاب المسلمين الراغبين باستكمال تعليمهم الجامعي لكنهم لا يريدون الحصول على قروض. نحن نريد أن تكون الجامعة متاحة للجميع.”

ويعتقد مسؤولون بريطانيون أن التمويل البديل للطلاب المسلمين يعود بالنفع على الاقتصاد البريطاني. قال متحدث باسم الوزارة في بيان “جعل التعليم العالي متاحاً للجميع هو جزء من خطة الحكومة طويلة الأجل لتعزيز المهارات الاقتصادية وتعزيز النمو.”

وبحسب حرتا، لايبدو من السهل معرفة عدد الطلاب المسلمين من أصل 115000 طالب التحقوا بالجامعات البريطانية وانقطعوا عن الدراسة بسبب نقص التمويل وعدم قدرتهم على الاقتراض. قال “لايوجد احصاءات. لكن يمكننا القول إن عدد كبير من الطلاب ربما كانوا قرروا الالتحاق بالجامعة لو لم يكن ذلك صعباً جداً.”

وكان استطلاع للرأي أجرته الحكومة البريطانية في نيسان/ إبريل قد كشف أن 83 في المئة من حوالي 20 ألف شخص تم استطلاع رأيهم يعتقدون أن الزيادات في الرسوم الدراسية كان لها “تأثير كبير” على الطلاب مع “اعتراضات دينية على تقاضي الفائدة.”

تقول عائشة نور الدين، طالبة تركية تبلغ من العمر 23 عاماً وتدفع 32000 دولار أميركي رسوم دراسية للالتحاق بجامعة دورهام، إن الوضع المزري “هناك العديد من الطلاب المسلمين الذين لايستطيعون إكمال تعليمهم العالي بسبب المشاكل المالية. ولا يستطيعون الحصول على قرض طلابي.” موضحة أن إجبار الطالب المسلم على الحصول على القرض قد يشعره بالذنب وعدم الراحة. قالت “كخيار أخير قد أذهب للبنك في حال كونه بنك إسلامي يعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية.”

في الوقت الحالي، يعتمد معظم الطلاب المسلمين في المملكة المتحدة على ذويهم لاستكمال تعليمهم الغربي.

يبحث فائز نظير شرامبيكل، 23 عاماً، على فرصة عمل في الخليج بعد حصوله على شهادة الماجستير في التمويل الاسلامي والادارة من دورهام. حصل فائز لى منحة غطت ربع تكاليف دراسته، بينما تكفل والده بتسديد الباقي. سابقا حصل فائز على شهادة البكالوريس في التجارة من جامعة المهاتما غاندي في كوتشي، الهند. قال “من الواضح أن معظم الجامعات تحصل على دخلها الأساسي من الطلاب الدوليين. على الأقل تحاول الدولة ضم الجميع.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى