أخبار وتقارير

تركيا تجتذب الطلاب العرب

القاهرة— في قاعة مؤتمرات واسعة في  فندق خمس نجوم، اجتمع عدد كبير من الطلاب المصريين للتعرف عن كثب عن فرص الدراسة في تركيا.

وخلال معرض “الدراسة في تركيا” الذي أقيم في القاهرة مطلع الأسبوع الحالي، أعرب محمد حسن طالب مصري، عن إحباطه من عدم قدرته على التحدث بالإنكليزية بطلاقة رغم دراسته للغة في مصر لأكثر من عشر سنوات. قال “درست الإنكليزية لمدة تسع سنوات، مع ذلك لايمكنني التحدث بها بطلاقة.”

يعتبر حسن هذا مؤشراً من ضمن مؤشرات كثيرة على تردي نوعية التعليم في بلاده، وهو الأمر الذي يدفعه للتفكير بترك الدراسة في مصر والبحث عن فرصة في الخارج. قال “كطالب في جامعة السويس أنا أعاني.”

وكحال العديد من الطلاب في العالم العربي، يتطلع حسن إلى تركيا البلد المجاور لمنطقة الشرق الأوسط والتي تسعى لأن تكون وجهة للتعليم العالي العالمية عبر جذب الطلاب الذين ضاقوا ذرعاً بسوء نوعية التعليم في بلادهم أو استمرار الاضطرابات.

قال حسن ببطء باللغة الإنكليزية “تركيا بلد عظيم للدراسة، فبلدي لا يساعدني على تحقيق حلمي.”

تجذب تركيا المصريين وغيرهم من طلاب العالم العربي لكونها دولة إسلامية حديثة لاتبعد كثيراً عن بلادهم. كما أن الحصول على تأشيرات الدخول ليس صعباً فضلاً عن الروابط الثقافية الوثيقة مع المنطقة، بحسب ما يقول الطلاب والأكاديميين.

قال علاء حمودة، مدير العمل والتنمية في شركة غلوبال فيجن المنظمة للمعرض، “تعتبر تركيا بالنسبة للكثير من الطلاب المصريين وجهة أكبر من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.” كما أعرب بعض الطلاب عن تفضيلهم لتركيا على ألمانيا التي تقدم تعليم مجاني.

تتركز معظم الفرص الدراسية المتاحة في تركيا في الجامعات الخاصة وبعض الجامعات الرسمية التي تعتمد اللغة الإنكليزية في التدريس وهي اللغة الأكثر شيوعاً بين الطلاب المصريين.

بوستر معرض الدراسة في تركيا (تصوير سارة لينش)

خلال العام الدراسي 2013-2014، درس حوالي 7 ألاف طالب عربي في تركيا، وفقاً لدورموس غوناي، عضو في المجلس التنفيذي لمجلس التعليم العالي التركي. وقال غوناي إن الطلاب العرب يشكلون جزء من عدد أكبر من الطلاب الدوليين يبلغ عددهم 55 ألفاً، بزيادة ثلاث أضعاف عن عدد الطلاب الدوليين عام 2006.

وقال غوناي، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “يوفر تعلم الطلاب العرب في تركيا التفاعل بين الثقافتين ويكسب تعليمنا العالي صفة الدولية.”

يلتحق طلاب من مصر والأردن والمملكة العربية السعودية واليمن والمغرب وليبيا بجامعة سابانجي، وهي مؤسسة خاصة تقع في شرق اسطنبول. وقال رئيس الجامعة، نهاد بيركر إنه يرغب في زيادة عدد  الطلاب القادمين من العالم العربي، لا سيما في ضوء الروابط الثقافية والقرب الجغرافي. “كل طالب أجنبي يثري الحرم الجامعي.”

وبحسب غوناي، فإن جذب الطلاب الدوليين أصبح هدفاً أساسياً للحكومة التركية ومجلس التعليم العالي مؤخراً. فمؤخراً، بدأت الحكومة التركية بتمويل الآلاف من الطلاب الدوليين كل عام لتحقيق هذا الهدف. كما أنه لم يعد مطلوباً من الطلاب الأجانب الخضوع لامتحان القبول المركزي في الجامعات التركية، وسُمح للجامعات بتحديد معاييرها الخاصة لاختيار الطالب الدولييين.

وبهدف تحسين التعاون في مجال التعليم العالي بين الجامعات التركية والعربية، تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم. على سبيل المثال، وقعت الجامعة الأميركية في رأس الخيمة، في دولة الإمارات العربية المتحدة، سلسلة من الاتفاقيات مع العديد من الجامعات التركية في نيسان/ أبريل الماضي لتعزيز التعاون في مجال الأبحاث وتحفيز تبادل الطلاب، وفقا لموقع الجامعة.

وتشير سيلين آيجيل، من مكتب العلاقات الدولية في جامعة سابانجي إلى تحديات في جذب الطلاب من المنطقة. حيث تتسبب المخاوف الأمنية بصعوبة في التواصل مع الطلاب المحتملين في بلدان مثل سوريا وليبيا والعراق. كما أن توتر العلاقات  الدبلوماسية التركية مع مصر ولبنان يمكن أن يؤثر أيضاً في اجتذاب الطلاب. قالت “تسود في الشرق الأوسط ثقافة التخاطب وجهاً لوجه،” فعلى الرغم من التسويق الإلكتروني “إلا أنه لا يشبه زيارة البلد والقيام ببعض الزيارات المدرسية أو حضور بعض المعارض التعليمية. وهو أمر قد يعيقنا.”

لكن هذا التحدي لايهم بعض الطلاب العرب الذين يعتقدون أن التواصل المباشر صعب في بلدانهم وهو ما يدفعهم للبحث عن فرص للدراسة في الخارج. قال حسن ياس، طالب في جامعة سابانجى “اخترت الدراسة في الخارج نظراً لصعوبة الوضع  في العراق. هناك الكثير من التفجيرات والقنابل، لذلك اخترت تركيا.”

في مصر، يزداد عدد الطلاب الراغبين في الدراسة في الخارج خاصة بعد ثورة يناير2011 كما تقول شيماء فخري، مستشارة الطلاب في شركة غلوبال فيجين. إذ تسبب الاضطراب في غياب الأمن ودفع الأهالي لإرسال أبنائهم للخارج. قالت فخري”يأسوا من حال البلاد وعدم الاستقرار وغياب الأمن. لايرون مستقبلاً لأولادهم  هنا.”

بدوره، قال محمد قاسم، طالب في السنة الثانية في تركيا، “ظروف بلدي  ليست جيدة. كنت على وشك الالتحاق بالجامعة الأميركية في القاهرة لكنني قررت المجيء إلى هنا كتجربة جديدة وحياة جديدة.” مضيفاً “هنا، يهتمون كثيراً بالحياة الأكاديمية للطلاب والتقدم الأكاديمي.”

وإلى جانب الطلاب العرب الذين انتقلوا لتركيا لإكمال تعليمهم العالي، بدأت الجامعات التركية أيضا باستقبال عدد من اللاجئين السوريين. فعلى مدى العامين الماضيين، شهدت مؤسسات التعليم العالي التركية زيادة بنسبة 300 في المئة في معدلات التحاق الطلاب السوريين، وفقاً لتقرير معهد التعليم الدولي وجامعة كاليفورنيا، ديفيس الصادر الشهر الماضي.

لكن التقرير أشار أيضاً إلى أن الغالبية العظمى من السوريين في سن الجامعة، لكنهم غير قادرين على استكمال تعليمهم العالي في تركيا بسبب عدة عقبات تشمل عملية القبول اللامركزية، وقوانين الحكومة بشأن الطلاب السوريين إضافة إلى حاجز اللغة ومتطلبات حيازة الأوراق الرسمية. كما يواجه السوريون وغيرهم من الطلاب العرب صعوبة في الالتحاق بالجامعات التركية الخاصة بسبب ارتفاع تكاليف الدراسة رغم وجود عدد من المنح الدراسية لعدد قليل من المتفوقين.

مع ذلك، يعتقد العديد من الطلاب أن تكلفة الالتحاق بالجامعات التركية معقولة نسبياً مقارنة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كما أن تكاليف السفر منخفضة.

من جهة أخرى، حلت أربع جامعات التركية ضمن 200 أفضل جامعة على لائحة تايمز للتعليم العالي لهذا العام وهو ما يشكل عاملاً إضافياً لجذب الطلاب الدوليين.

ويشير محمد أيمن، طالب مصري، إلى الجامعات تمتلك “مرافق بحثية أفضل بكثير من نظيرتها في مصر.” بينما قال زميله شريف حسين ” شاهدت روبوت في جامعة القاهرة عمره 28 سنة. لا توجد مرافق البحوث في جامعة القاهرة. ونكاد لا نجد مختبرات. كل ما تحتاجه هو حفظ المقررات لكنه حفظ من دون أي مشاهدات عملية.”

بالنسبة لعبد الرحمن طوسون، 26 عاما خريج هندسة كيميائية من جامعة القاهرة ويسعى للحصول على شهادة الماجستير من تركيا، فإن الأمر يبدو منطقياً. قال “عليك أن تجد الجودة العالية والتكلفة القليلة وهو ما توفره الجامعات التركية.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى