أخبار وتقارير

محاولات إماراتية لسد الفجوة بين القطاعين الصناعي والأكاديمي

دبي— اجتمع متخصصون من الجامعات والحكومة وقطاع الصناعة في مؤتمر في دبي الأسبوع الماضي في إطار الجهود الكبيرة – التي لا تزال متناثرة- للربط بين التعليم العالي وقطاع الصناعة في الإمارات العربية المتحدة.

جمع المؤتمر المتخصصون معًا لمناقشة أوجه التعاون والشراكات التي يمكن إبرامها استنادًا إلى الدراسة التي أجريت عام 2013 عن القوى العاملة الإقليمية والتي كشفت عن ندرة الخريجين المؤهلين للانضمام لقطاع الصناعات الهامة.

وقال مروان عبد العزيز، المدير التنفيذي لمجموعة العلوم في تيكوم للاستثمارات، في جلسة من جلسات المؤتمر حول قطاع الرعاية الصحية “هناك فجوة واضحة بين احتياجات السوق وما تقدمه الجامعات هنا.”

لا تقتصر هذه المشكلة على الإمارات العربية المتحدة وحدها. ففي مصر، يرجع انتشار البطالة جزئيًا إلى فشل نظام التعليم الحكومي في مواكبة الإمكانات المطلوبة لنمو قطاع الصناعة. قالت شهيناز أحمد، الرئيس التنفيذي لمؤسسة التعليم من أجل التوظيف في مصر، في حوار لها في العام الماضي مع الفنار للإعلام “كل من الحكومة والشباب والقطاع الخاص يفكرون بعقليات مختلفة. كما لو أنهم يعيشون في عصور تاريخية مختلفة ويتحدثون لغات مختلفة.”

في الإمارات العربية المتحدة، قال الخبراء إن سد الفجوة بين الصناعة والقطاع الأكاديمي والحكومة يعد أمرًا حتميًا لتقدم الاقتصاديات المحلية.

في إمارة أبو ظبي، تمثل قطاعات الغاز والنفط والبناء والتعمير حوالي 50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. بينما يعمل أغلب الإماراتيين في مجالات الإدارة العامة والدفاع والأمن. ويعمل أكثر من 30 في المئة من القوى العاملة في قطاع البناء والتعمير، وفقًا للبيانات التي تم تقديمها في المؤتمر من قبل عارف الحمادي، المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في مجلس أبو ظبي التعليمي.

ومع سعي الإمارات لتحويل اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد الكلي على الغاز والنفط والتركيز على مجالات جديدة تضم الفضاء الجوي والرعاية الصحية، يعمل المجلس لضمان تماشي نظم التعليم مع احتياجات أصحاب العمل. كما يوفر المجلس رواتب ومنح دراسية لتشجيع الطلاب على الدخول في المجالات التي يزيد فيها الطلب على الموظفين المؤهلين، كما قال الحمادي. وتشمل هذه المجالات الخدمات المالية، والمحاسبة، والسياحة، والطب، على حد قوله.

وتحاول الجامعات من جانبها سد هذه الفجوة.حيث أسست كلية التقنية العليا –وهي جامعة حكومية تضم 17 مبنًا جامعيًا في كافة أنحاء الإمارات العربية المتحدة – مجالس استشارية في كل المدن التي توجد بها فروع للجامعة، كما قال محمد عمران الشمسي، رئيس الجامعة.  تتألف المجالس من أصحاب العمل من القطاعين العام والخاص ممن يقدمون المشورة لأعضاء هيئة التدريس حول الموضوعات الهامة ذات الصلة بمجالات الصناعة التي يعملون فيها ويحتاجون فيها إلى موظفين.

في العام الماضي، عرض الشمسي مستوى آخر من الجهود التي تبذلها الجامعة للسماح لرؤساء الشركات بالعمل مع ممثلي الجامعة ومناقشة توجهاتهم المستقبلية. وقال الشمسي للفنار للإعلام “لن يؤتي هذا الجهد ثماره غدًا ولكن على مدار الأعوام الخمسة أو العشرة أو الخمسة عشرة القادمة.”

هناك جهد آخر يبذله برنامج كفاءات التابع لمؤسسة الإمارات يهدف إلى توفير الفرص للإماراتيين للانضمام للقطاع الخاص ومساعدتهم على التعرف على هذا القطاع واحتياجاته، كما قال كلير وودكرافت، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات لتنمية الشباب، في المؤتمر.

ولكن لم يتضح بعد جدوى هذه الجهود وسط الكم الهائل من التحديات المتعلقة بالربط بين الجامعات وقطاعات الصناعة.

ومن جانبه، قال أيوب كاظم، المدير التنفيذي لمجموعة التعليم التابعة لتيكوم للاستثمارات والتي استضافت المؤتمر الذي عقد في 10 كانون الأول/ ديسمبر “هناك عنصر شك لا يزال قائمًا بين الكيانين المختلفين. فالجامعات تقلق من التمويل أو الدعم الذي يمكنها الحصول عليه للطلاب والبرامج وبرامج التدريب أو الأبحاث والتنمية، بينما تشك الصناعات في نوايا المؤسسات الأكاديمية التي قد تكون هادفة للربح.”

وقال كاظم “نحن في حاجة إلى تنفية الأجواء بين الجانبين. ففي ظل هذا المناخ الصحي، يمكننا أن نمد جسور التعاون على مختلف الأصعدة.”

وقال دانيال كراتوشفيل، مدير مكتب التخطيط والأداء في جامعة ولونجونج في دبي “إن الكثير من الجامعات قد أدركت الحاجة إلى إبرام شراكات بين القطاع الخاص والتعليم العالي. فقد ناقشت الكثير من الجامعات هذا الأمر، على الرغم من صعوبة تحقيقه. فهناك الكثير من التحديات فيما يخص التزام الموارد البشرية وتحديد مستوى التعاون واللوجستيات الخاصة بإقامة هذه الروابط.” وأضاف “لا أعتقد أن هناك جامعة في هذا البلد قد وصلت إلى أقصى إمكاناتها في هذا المجال بعد.”

وخلال العام القادم، من المزمع تأسيس جامعة جديدة للطب والعلوم الصحية في مجمع يسمى “مدينة دبي للرعاية الصحية” يضم مقدمي خدمات الرعاية الصحية والشركات والمرافق التعليمية. قال عامر شريف، المدير التنفيذي للتعليم في مدينة دبي للرعاية الصحية “نعتبر جميعًا أصحاب مصلحة مشتركة في هذه اللعبة وفي هذا النظام الجديد للرعاية الصحية، ومن ثم نحتاج للتحدث ومناقشة الأمر معًا.”مضيفاُ “لقد كان هناك ما يشبه سور الصين العظيم بين الكيانين، ولكنني أعتقد أنه الوقت قد حان الآن لنجلس ونتحدث مع بعضنا البعض.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى