مقالات رأي

مذبحة مدرسة بيشاور بعيون صحافية باكستانية

الدوحة– في الصباح الباكر وبينما كنت أتناول القهوة على مكتبي وأطالع الأخبار كجزء من روتيني الصباحي كصحافية، وردتني تغريدات على تويتر حول الهجوم على مدرسة الجيش العامة في بيشاور في باكستان.

شعرت بعرق بارد، فأنا ابنة المدينة ذاتها. وعلى الرغم من أن أسرتي قد استقرت في قطر منذ 25عاماً، حيث يوجد الكثير من المهاجرين من جنوب آسيا، إلا كنت أعرف أن الكثير من أقاربي لديهم أطفالاً يذهبون لتلك المدرسة.

بدأت بالبحث والتحقق من الاخبار الواردة، وعندما علمت بما حدث تماما بدأت بالاتصال بعائلتي في بيشاور.

“توفى آفاق في الهجوم،” قال أحد أبناء عمومتي. كنت أسمع صريخاً، وصوت الإسعاف، وبكاء نساء خلال الاتصال. سألته ” ماذا؟ آفاق؟ آفاق توفي؟” فكان جوابه ” نعم لقد مات. أُطلِق عليه الرصاص!”

كان سيد آفاق طالباً في الصف التاسع، وكثيراً ما تحدثت والدتي عن طموحاته الكبيرة، تماماً مثل إخوته. كان طالباً ذكياً وكان يريد أن يصبح طبيباً.

بدأت بإجراء كل الاتصالات الممكنة، وشاركت في قصة نُشِرت في جريدة USA Today. تحدثت مع الكثير من الطلاب، الذين كانوا جميعاً منهارين لكن أكثر تصميماً من أي وقت مضى على الحصول على التعليم.

تناولت بعض وسائل الإعلام العالمية الهجوم باعتباره حرب على التعليم، لكنه تم كانتقام من عمليات الجيش الباكستاني في شمال وزيرستان. قال أحد أعضاء طالبان المتمركزين في وزيرستان في حديث معي عبر الهاتف “قتلنا هؤلاء الأطفال لكي يشعروا بألمنا حين يُقتَل أطفالنا في عمليات الجيش.”

ولكن أياً كان الدافع، فالنتيجة واحدة. كانت المدرسة منطقة المعركة. مات 132 طفلاً، و10أساتذة داخل فصولها. قال أحد الناجين من الصف الثاني عشر “شاهدت واحدة من أساتذتي وقد قيدت بكرسي من قبل إثنين من طالبان، ثم تم قص شعرها، وإشعال النار في جسدها. لا أستطيع أن أنسى تلك الصور.”

ما حدث في بيشاور ليس بجديد في باكستان، فبحسب تقرير صادر عن  التحالف العالمي لحماية التعليم، كان هناك 9600 هجوماً على المؤسسات التعليمية في 70 بلداً ما بين 2009 و2013.

أعلم أن معظم الناس لا يرغبون بسماع مبررات لهجوم طالبان، لكنني أعتقد أنه من المهم أن نحاول فهمه. قال متحدث من طالبان “لكل فعل رد فعل، لقد تم قتل أطفالنا بوحشية أيضاً.”

في المقابل، أدان أحد أعضاء طالبان بأفغانستان الهجوم على النساء والأطفال. قال ” في رأيي هذا هجوم انتقامي لا علاقة له بالإسلام. في الشريعة الإسلامية، لا يجوز قتل أفراد أسرة الظالمين، فهم أبرياء ولم يرتكبوا أي جريمة.”

تواجه العراق، وسوريا، واليمن، والعديد من البلدان العربية ظروفاً مشابهة. حيث تحولت لمدارس والجامعات لساحات حرب نفسية. في العراق، يجند مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الأطفال من خلال استخدام التعليم كآداة لغسل الادمغة وتربية ورعاية مجموعة جديدة من المؤيدين.

بالطبع، ستكون الأيام القادمة كفيلة لتخبرنا ما إذ كانت الهجمات على المؤسسات التعليمية ستخلق جيلاً يسعى للسلام أو جيلاً محبوساً في الحرب. فخلال تغطياتي السابقة عن أفغانستان، وجدت الكثير من الناس في هذا البلد يروجون للتعليم عن السلام، في محاولة لمواجهة العنف الذي شهده الكثير من الشباب. لكن بعض الأطفال الذين عاصروا الحرب، يرغبون بالمزيد منها. ربما يكون هذا ما يحدث الآن في باكستان.

قال عاكف عظيم، طالب في الصف الثاني عشر في بيشاور” لطالما رغبت أن أكون عالماً فلكياً من الدرجة الأولى. لكنني الآن أود الانضمام لجيش باكستان بعد استكمال تعليمي، لأتمكن من الانتقام.” وأضاف ” سأعود للمدرسة بكل تأكيد. حتى في هذه اللحظة أنا مستعد أن أرتدي زي المدرسة وأعود إلى حيث قتل أصدقائي وأساتذتي. من يعتقدون أنهم يعبثون معه؟”

*شيرينا قازي، صحافية باكستانية مقيمة في قطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى