مقالات رأي

حوار مع نجيب عطية، مدير قسم التكنولوجيا في شركة IBM

دبي- يتمتع نجيب عطية بتاريخ طويل في الحياة الأكاديمية. حيث درَس في أقسام علوم الحاسب في جامعة جونسون س. سميث في نورث كارولينا وشغل منصب رئيس القسم. كما درس في الجامعة الأميركية في القاهرة في مصر، وجامعة إسيكس في إنجلترا؛ حيث حصل أيضًا على درجة الدكتوراه.

وحاليًا وباعتباره رئيسًا لمسؤولي التكنولوجيا ونائب رئيس مبادرة الريادة التكنولوجية ومهارات إفريقيا في أي بي إم (IBM ) الشرق الأوسط وإفريقيا، يستغل نجيب هذه الخلفية الأكاديمية لتطوير مهارات الطلاب في المنطقة. يعمل نجيب من خلال برنامج يسمى جامعة أي بي إم الشرق الأوسط وإفريقيا. إذ ساعد البرنامج أكثر من 1600 طالب حتى الآن. حصل الخريجون على دورات تساعدهم على النجاح في أي بي إم، ويتاح لهم الدخول إلى بوابة التعليم الإلكتروني وفرص مقابلة قادة الصناعة. كما يجرون تجارب عملية باستخدام آخر التقنيات، ويكتسبون مهارات تساعدهم في الحصول على وظائف.

في مؤتمر عقد مؤخرًا في دبي بهدف ربط قطاع الصناعة بالأكاديميين، تحدث عطية مع الفنار للإعلام حول الصفات التي يبحث عنها في خريجي الجامعات. وكيف يمكن – في رأيه- أن يتغير التعليم. 

عندما تقابل الطلاب،  ما هي المهارات أو الصفات التي تبحث عنها فيهم؟

ما أبحث عنه – وما يبحث عنه قطاع الصناعة – هو الشخص الحاصل على ما أسميه بالتدريب الوظيفي وليس التدريب الجامعي. وسأضرب لك مثلاً على ذلك. عندما تقول عبارة “علوم الحاسب”. ماذا تعني بالنسبة لي؟ هل أنت مطور برامج أم مصمم دوائر كهربائية أم مدير نظم؟ ما الذي تعنيه بعلوم الحاسب؟

هذا ما نقوم به الآن. نطور البرنامج لمنح الطلاب المهارات التي يحتاجونها في الوظائف والتي يمكن أن يدرسونها كمواد اختيارية، بالإضافة إلى سنوات الدراسة الأربعة حتى يتخرج الطلاب ويجيبون على هذه الأسئلة “أنا أعرف البرمجيات، وأعرف هندسة البرامج، وأعرف كيفية تصميم دائرة كهربائية.”

الأمر الثاني هو ما نسميه المهارات الشخصية. أحتاج إلى شخص يمكنه إجراء حوار، وفهم كيفية التعامل مع الزملاء أو الشركاء أو أصحاب الأعمال، وفهم ما ينبغي قوله لهم. ومن هذا المنطلق، تأتي أهمية المهارات الشخصية، وهم للأسف لا يتعلمونها، مثل القدرة الشخصية على التفاعل، والتعاون، والعمل الجماعي.

كما أسأل الطلاب أيضًا عن مهاراتهم القيادية. فأنا دائمًا أقول للخريجين عندما ألقي خطابًا في الكلية “كم منكم سيتخرج اليوم؟” يردون “مئتان أو ثلاثمائة”. حينها أقول لهم “كم منكم سيصبح قائدًا بعد عشرين عامًا؟ حوالي خمسة. لماذا خمسة قادة؟ عليكم اكتشاف هذا الآن.”

عندما أعين شخصًا، يجب أن أرى فيه القدرة على تحمل المسئولية. ومن ثم، فأنت تنظر إلى المجالات الثلاثة، والآن لدينا من يمكنه النجاح في مقابلة العمل.

 هل من الصعب إيجاد هذه الصفات في طلاب وخريجي الجامعات في المنطقة؟

نعم يمكننا “إيجاد” هذه الصفات. ولكن هل زرعنا هذه الصفات في تدريباتهم؟ في تعليمهم الثانوي أو الإعدادي أو الجامعي؟ لقد ألقيت خطابًا في رواندا منذ أسبوعين. وكان ذلك في مؤتمر الابتكار. عندما ننتظر مرحلة التعليم الثانوي، يكون الأمر قد تأخر كثيرًا. فالأطفال الآن يستخدمون التكنولوجيا في عمر السنتين، فعندما يصلون إلى ستة أعوام يصبحون بالفعل أفضل من معلميهم. نحن لا نقدم لهم التدريب السليم. فهذا ليس خطأهم. يأتون إلينا وهم مستعدون للتطور، ولكننا نوقفهم ونقول “هذا هو المنهج الدراسي.” أنا لا أؤمن أن أية منطقة تتمتع بمواهب أكثر من منطقة أخرى، ولكن الأمر يتعلق بكيفية إعداد هذه المواهب، أو بمعنى آخر بكيفية زراعة الشجرة.

 ما الذي نحتاجه لإعداد الطلاب بشكل مناسب؟

المدارس الابتدائية. نبدأ من مرحلة الحضانة. العامل الأساسي هو أن نبدأ منذ الصغر. ثانيًا: عليك أن تعيد النظر، وهذا ما قلته للكثير من رؤساء الجامعات. عليكم أن تعيدوا النظر في التعليم الجامعي لمعلميكم، حيث يحتاج هذا النظام إلى ثورة وإعادة هيكلة كاملة. فلا يمكنكم الاستمرار مع المعلمين التقليديين الموجودين اليوم. فاليوم لدينا جيل جديد يعتبر فيه الطفل في سن السادسة أفضل من معلمه في سن الخمسين أو الخامسة والأربعين، فإذا لم ترجع إلى كليات التعليم والمعلمين، وتعدهم ليسبقوا طلابهم بسنوات، فحتمًا ستواجه هذه المشكلة.

وضربت لهم مثالاً بطفل عمره سنتين أو ثلاث سنوات يستخدم آي باد في أي دولة لا يهم. ففي عمر العامين يعرف الطفل الأشكال والألوان والأرقام والحيوانات. فلقد رأيت طفلاً عمره عامين يردد كلمة “مسدس الأضلاع”. ضحكت وقلت “لقد عرفت هذا المصطلح عندما كنت في المرحلة الثانوية.”

يدخل مثل هذا الطفل المدرسة في عمر السادسة، والمدرس لا يعرف ما هو مسدس الأضلاع. فماذا تفعل حينها؟

 ماذا عن مستوى التعليم العالي؟

ينطبق ذلك على إعداد كل مدرس من مرحلة الطفولة حتى الجامعة؛ ينبغي عليهم اللحاق بالثورة التكنولوجية. لا ينبغي أن يتبع التعليم الطرق القديمة. فالأمر لا يقتصر على استخدام اللوحة والقلم والحساب. ولكن الأمر يتطلب حلاً للمشكلة من منظور أكبر. كيف نفعل ذلك؟ نأخذ الأمر برمته من خلال إعداد مدرس جيد للمرحلة الثانوية، وأساتذة للمرحلة الجامعية يعرفون كيف يُدرِسون، ولا يعرفون فقط كيف يجرون الأبحاث. فهناك فارق بين حامل الدكتوراه الذي يعرف كيف يجري الأبحاث والآخر الذي يعرف كيف يُدرِس ما تعلمه، وهذا هو ما نحتاجه في كلياتنا.

هل تقول هذا الكلام للجامعات في المنطقة؟

من خلال هذا البرنامج، أقابل الكثير من وزراء التعليم، ورؤساء الجامعات. وأحكي لهم هذه القصص ويقولون “نعم معك حق.” أرد قائلاً “إذن دعونا نفعل شيئًا.” ولكن الأمر في النهاية يجب أن ينبع من وزراء التعليم.

*تم تحرير  الحوار بهدف التوضيح والإيجاز.
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى