أخبار وتقارير

ماذا حققت الدول العربية للتحول إلى اقتصاد المعرفة؟

يكثر استخدام مصطلح “اقتصاد المعرفة” من قبل الحكومات وشركات تكنولوجيا المعلومات في العالم العربي. يبدو المصطلح شائعاً لكون المعرفة لاتنتهي، على العكس من النفط.

يمكن تلخيص الفكرة بتوجه العديد من الدول العربية في نهاية المطاف لصرف الأموال على البحث والتطوير لمواصلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بعد أن تنضب حقول النفط خاصة مع انخفاض أسعاره مؤخراً. لكن المشكلة تكمن في فقر العالم العربي بالبيانات، مما يجعل من الصعب قياس مدى التقدم المحقق في هذا المجال في المنطقة العربية.

مع ذلك، ألقى تقرير “اقتصاد المعرفة العربي 2014″، الذي نُشر العام الماضي في  دبي من قبل مدار للأبحاث والتطوير وشركة أورينت بلانيت، الضوء على بعض البيانات الهامة. حيث تم تصنيف موقع الدول العربية على مؤشر “اقتصاد المعرفة” بحسب مجموعة من مصادر البيانات والبحوث الخاصة.

لم يكن غريباً أن تحصد دول الخليج الغنية مراكزاً متقدمة، حيث احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى. بينما جاءت جيبوتي في أخر التصنيف. تضمن التقرير بعض المفاجأت كمركز سوريا الجيد نسبياً والأداء المتراجع لسلطنة عمان في بعض المؤشرات.

وبحسب التقرير، فإن توفر التكنولوجيا، خاصة الوصول لشبكة الإنترنت، يعتبر عاملاً حاسماً في تقدم اقتصاد المعرفة. لكن غياب القدرة على توزيع المعارف الجديدة لايسهم غالباً في خلق ثروة. ويظهر مؤشر “تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) تقدم العالم العربي كثيراً في هذا المجال. يجمع هذا المؤشر بين قياسات استخدام الإنترنت، واستخدام الهواتف المحمولة وعدد أجهزة الكمبيوتر.

تصدرت البحرين القائمة هذا المؤشر بفضل انتشار استخدام الإنترنت هناك. بينما احتلت قطر المركز الثاني مع أكبر عدد من أجهزة الكمبيوتر في المنطقة. قال مايكل لايتفوت مستشار التعليم، الذي أكمل أطروحة الدكتوراه في اقتصاد المعرفة العربي في جامعة لندن/ معهد التربية والتعليم لكنه لم يشارك في إعداد التقرير،”تقترب دول الخليج العربية الغنية من المستويات الأوروبية من ناحية الوصول إلى شبكة الإنترنت.”

هناك مؤشرات مشجعة للبلدان المتوسطة الدخل أيضاً. فعلى الرغم من عدم وجود الأردن في القسم الأعلى من القائمة، لكن المملكة أحرزت تقدماً بين عامي 2012 و 2013 بما يقرب من 16 في المئة. كما يبدو مثيراً للدهشة تقدم سوريا، التي مزقتها الحرب الحالية، في مجال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال التقدم بأكثر من 12 في المئة خلال نفس  الإطار الزمني.

لم يظهر التقرير النتائج الإيجابية فقط. إذ كشف ضعف  تقدم المملكة العربية السعودية، التي تقدمت بمعدل نمو 1.3 في المئة فقط. بينما تراجعت سلطنة عمان مع معدل نمو سلبي -0.22 في المئة. ويعزو التقرير الأداء العماني الهزيل لتدفق العمال المهاجرين الفقراء وغير المهرة.

وبحسب التقرير، تلعب أسعار خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عاملاً رئيسياً في تحديد عدد مستخدمي الإنترنت. وتتضمن التقرير ثلاث مجموعات للتعرفة وهي: تعرفة الهاتف الثابت وتعرفة الهاتف المحمول وتعرفة خدمات النطاق العريض للإنترنت مقاساً كنسب مئوية لمتوسطي الدخل وكنسبة مئوية من الدخل على الحد الأدنى للأجور.

بلغت التكلفة الإجمالية لجميع خدمات الاتصالات 1 في المئة من متوسط الدخل في سلطنة عمان. لكن عند النظر إليها كنسبة مئوية من دخل الحد الأدنى للأجور، تقفز النسبة إلى 10.3 في المئة.

مع ذلك، يعتقد لايتفوت أنه لا ينبغي إيلاء أهمية كبيرة جداً لمؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التقرير. مضيفاً  أنه ليس الحل، لكنه جزء منه فقط. قال “من أجل اقتصاد المعرفة مزدهر، نحتاج لباحثين ينتجون  أشياء ذات قيمة اقتصادية. هناك اعتقاد راسخ بأن التكنولوجيا وحدها تفعل ذلك، لكنها ليست عصاً سحرية”.

يقول لايتفوت إن الطريقة الحقيقية لتوليد اقتصاد المعرفة في العالم العربي تكمن في الابتعاد عن أسلوب التدريس  الديكتاتوري والانتقال إلى طريقة أكثر حداثة وتفاعلية. إذ ينتج التعليم الحديث باحثين من الدرجة الأولى يستخدمون التكنولوجيا، وليس العكس، على حد قوله.

لذلك، ينبغي عدم اعتماد الوصول إلى الإنترنت مقياس وحيد للنجاح، قال لايتفوت. مضيفاً أنه من الأفضل عوضاً عن ذلك النظر لما تقوم به الدول في جوانب أخرى ذات صلة كعدد براءات الاختراع على سبيل المثال.

استناداً لهذا المقياس، يظهر التقرير العالم العربي أقل من رائع – على الأقل للوهلة الأولى.

فقد منحت المملكة العربية السعودية الكثير من براءات الاختراع من قبل المكتب الأمريكي لبراءات الاختراع والعلامات التجارية، مع ذلك حلت في المركز 50 عالمياً.

تعود البيانات الخاصة ببراءات الاختراع لعامي 2005 و2006. بينما يشير التقرير الصادر عن مدار إلى أن وضع براءات الاختراع يتغير بسرعة كبيرة في العالم العربي بحيث لم تعد هذه الأرقام دقيقة. فإاذ تم احتساب عدد براءات الاختراع لكل مليون، تكون المملكة العربية السعودية منحت في السنوات الأخيرة بين عامي 2008 و 2012 براءات اختراع أكثر بـ 2.6 مرة.

يبدو هذا جزء من التناقض بحسب وصف لايتفوت، ذلك أنه وبالإضافة لقلة البيانات حول اقتصاد المعرفة في الدول العربية  فإنها لا تكون دقيقة لفترة طويلة جداً.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى