أخبار وتقارير

تعليم الكبار في فلسطين فرصة بحاجة للتطوير

رام الله– في داخل مدرسة قديمة وسط الضفة الغربية، يجلس واصف فرحان البالغ من العمر 50 عاماً مصغياً باهتمام بالغ لمعلم مادة الرياضيات.

فرحان ليس الطالب الوحيد في درس الرياضيات، بل هنالك حوالي 25 طالب وطالبة تتراوح أعمارهم بين 18 -50 عاماً انتظموا جميعاً داخل صفهم الدراسي، للتأهل لامتحان الثانوية العامة، بعد انقطاع عن مقاعد الدراسة لأسباب تختلف من طالب لآخر.

تتمتع فلسطين بأقل نسبة في الأمية قياساً بباقي الدول العربية، حيث بلغ معدل الأمية في فلسطين بين الأفراد (15 سنة فأكثر) 3.7 في المئة؛ بواقع 4.0 في المئة في الضفة الغربية (68,093 أميًا)؛ و3.2 في المئة في قطاع غزة (30,339 أميًا) في العام 2013. مع ذلك، ينقطع المئات عن الدراسة في سن مبكرة نتيجة الظروف الاقتصادية المتردية والانقطاعات القصرية بسبب الحروب الاسرائيلية المتكررة.

قال فرحان “بعد أن انقطعت عن التعليم قرابة الـــ 25 عاماً؛ نتيجة قرار اتخذته بنفسي، عدت مجدداً لمقاعد الدراسة بتشجيع من زوجتي التي مرت بتجرية مماثلة حيث تعلمت داخل المنزل وحدها وحصلت على شهادة الثانوية العامة ومن ثم نالت دبلوماً في العلاج الطبيعي.”

ورغم عشقه لمادة الرياضيات وحماسته للمسائل الحسابية إلا أنه يجد بالمقابل صعوبة في فهم منهاج اللغة الانجليزية، قال “لدي مشكلة في اللغة الإنكليزية ولا استوعب بسهولة ما يشرحه الأستاذ في الصف”.

يأتي هذا الصف المدرسي ضمن برنامج التعليم الموازي، الذي يهدف إلى تمكين الفلسطينين بالمهارات الحياتية والمهنية والتقنية والتي تساعدهم لدخول سوق العمل والتخفيف من وطأة الفقر والبطالة.

ففي قطاع غزة وحده، بلغت نسبة البطالة 49.9 في المئة في مدينة دير بلح.

قالت باسمة جبارين، 40 عاماً، من غزة ” التحقت بالبرنامج لاستكمال تعليمي والحصول على دبلوم يساعدني في العثور على فرصة عمل.” انقطعت باسمة عن الدراسة لإعالة أسرتها بعد وفاة والدتها وهي مازالت في الصف الأول إعدادي. قالت “سعادتي لا توصف الآن حيث بت قادرة على  فهم بعض عبارات اللغة الانجليزية.”

بلغ عدد خريجين برامج تعليم الكبار نحو 30 ألفاً بحسب الاحصاءات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم العالي العام الماضي، ضمن  1235 مركزاً تقدم هذه البرامج.

لاتعمل وزارة التربية والتعليم وحدها في هذا المجال، إذ تقوم مؤسسات رسمية ودولية أخرى بتنفيذ برامج مماثلة مثل وزارات العمل والشؤون الاجتماعية والأسرى، ومراكز التعليم المستمر في الجامعات والكليات، والمعاهد التدريبية الخاصة، والمؤسسات الدولية ومنها وكالة الغوث الدولية، ومنظمات المجتمع المدني. وتتنوع البرامج المقدمة لتشمل التعليم الثانوي والتدريب المهني والتقني.

تستمر معظم هذه البرامج لنحو عامين، حيث ينخرط الطلاب في صفوف مسائية غالباً. بعضهم ممن يلتحق ببرامج التعليم الموازي يتمكن من التقدم لاحقاً لامتحان الثانوية العامةـ بينما يحصل الملتحقون ببرامج التدريب المهني على شهادات موقعة من الوزارة لكنها غير مقبولة في سوق العمل.

من جهة أخرى، يعتقد بعض الطلاب أنه البرامج بحاجة للمزيد من التطوير. قالت باسمة “لايوجد برامج توعية كافية لهذه البرامج. هناك المئات ممن يحتاجونها لكنهم لايعرفون عنها أو يمنعهم خجلهم من الالتحاق بها.”

وأوضحت غدير فنّون رئيس قسم التعليم غير النظامي في وزارة التربية أن برامج تعليم الكبار تعاني من تحديات عديدة منها عدم وجود إطار اعتماد وطني للشهادات الممنوحة، وضعف التنسيق بين المؤسسات العاملة في هذا القطاع، وقلة برامج التمويل والدعم، وهيمنة الصورة النمطية السائدة عن النظام التعليمي الفلسطيني؛ بوصفه نظاماً تقليدياً يعتمد على التلقين.

بدوره، يعتقد منسق برنامج التعليم الموازي في مدرسة ذكور رام الله محمد المطور أنه يتوجب إضافة برامج زراعية وتجارية لتلبية حاجات سوق العمل بفاعلية أكبر. قال “يجب التفكير بالبرنامج ليكون ضمان حقيقي للدارسين لتحقيق طموحاتهم وتحسين ظروف حياتهم.”

مؤخراً أعدت وزارة التربية والتعليم خطة لتنظيم قطاع تعليم الكبار خاصة مع تعدد الجهات التي تقدم هذا البرنامج.

قال سامر سلامة، مدير عام التشغيل بوزارة العمل – في رام الله – الضفة الغربية، “إن تنظيم هذا القطاع التعليمي يخدم الطلاب لكونه يضمن الاعتماد الأكاديمي والوظيفي والتجسير، الذي قصد به الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى.” مضيفاً “لايجب أن ننسى ضرورة انسجام تعليم الكبار مع حاجات سوق العمل الفلسطينية التي تعاني من زيادة مضطردة في أعداد الوافدين اليها، وإلا فإننا سنكون كأننا ننفخ في قِرْبة مخزوقة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى