أخبار وتقارير

التونسيات والأردنيات حاضرات في الجامعات لكن غائبات عن سوق العمل

حققت المرأة قفزات كبيرة في مجال التعليم العالي في تونس والأردن مقارنة بالدول الأخرى في المشرق العربي وشمال إفريقيا. لكن بعد التخرج من الجامعة، تصطدم النساء بحاجز غياب فرص العمل.

في كلا البلدين، ترتفع نسبة التحاق الإناث بالتعليم العالي عن الذكور. إذ تصل لنحو 159 في المئة في تونس و115 في المئة في الأردن وفقاً لإحصائيات البنك الدولي. مع ذلك، لم تتجاوز نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل 35 في المئة من القوى العاملة المحلية في عام 2014.

وبحسب تقرير صادر عن البنك الدولي العام الماضي “ترتفع البطالة مع ارتفاع المستوى التعليمي للمرأة، في الوقت الذي يقل فيه احتمال البطالة للذكور من خريجي الجامعات.” (إقرأ أيضا: المرأة في الخليج.. أفضل تعليماً وأقل توظيفاً).

في تونس، حيث اندلعت ثورة 2011 إلى حد كبير بسبب ارتفاع مستويات البطالة بين صفوف الشباب، لم يتغير الوضع كثيراً بعد الثورة خاصة بالنسبة للمرأة. فقد بلغ معدل البطالة بين التونسيات 22 في المئة مقابل 11 في المئة للرجال العام الماضي.

يقلل التعليم العالي فرص النساء في الحصول على وظائف. إذ أن 40 في المئة من النساء الحاصلات على درجة البكالوريوس عاطلات عن العمل مقابل 21 في المئة للرجال من نفس العام، وفقاً لدراسة قام بها المعهد الوطني للإحصاء.

الشهر الماضي، بدأت امرأتان إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على البطالة في قابس، جنوب شرق تونس العاصمة. فعلى الرغم من حصول مروة حامد على درجة البكالوريوس في المحاسبة عام 2007، وحصول شهيرة عبد الله على شهادة الدكتوراه في علم الأحياء عام 2003، إلا أنهما ماتزالا بدون عمل. وقالت السيدتان في بيان وزع على وسائل الإعلام “الإضراب عن الطعام هو شكل نضالي من أجل المطالبة بتحسين وضعية التشغيل […] ولإعادة رفع الشعار الذي رفعته نساء تونس ورجالها معا شغل حرية كرامة وطنية.”

بعد 30 يوماً من الإضراب، نقلت السيدتان للمشفى مع وعود بتوفير فرص عمل قريباً.

https://www.bue.edu.eg/

الخوف من البطالة يطال طالبات الجامعة أيضاً.

قالت ريم غولي، طالبة بكلية الآداب، “الحصول على وظيفة في تونس يعتمد على الحظ والمحسوبية. فالشهادة جامعية ليست كافية، ومستقبلنا الوظيفي غامض.”

في المقابل، تبدو حذامي ساسي، طالبة في السنة خامسة بكلية الطب بتونس، أكثر ثقة بمستقبلها. قالت “أنا لست متشائمة، سأجد عملاً بالتأكيد.” مضيفة “لا يواجه طلاب الطب عادة صعوبات في العثور على عمل بعد التخرج.”

ما قالته ساسي يعكس دور التخصصات الدراسية في دعم عمل المرأة. قالت فتحية السعيدي، الأستاذة الجامعية في علم الاجتماع والمختصة في الجندرة، “تتوجه الفتيات للتخصصات الأدبية والاجتماعية أكثر من توجههن للشعب العلمية، وهذا لا يتناسب كثيراً مع متطلبات سوق العمل اليوم.”

تحتاج النساء التونسيات أيضاً للعمل على تطوير شخصياتهن في مجتمع يسيطر عليه الذكور، بحسب بعض المراقبين.

قالت سكينة بوراوي، المديرة التنفيذية لمركز البحوث والتدريب والدراسات حول المرأة (كوثر) “تحتاج المرأة للمزيد من الثقة بالنفس وامتلاك روح التحدي لإثبات ذاتها.”

وكان تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) الذي صدر في الشهر الماضي، قد وصف البطالة في تونس أنها “مأساة اجتماعية حقيقية تحتاج بقوة لعلاج.”

بالانتقال للأردن، تبلغ نسبة الشابات خريجات الجامعات والعاطلات عن العمل 50 في المئة في مقابل 25 في المئة للشباب خريجي الجامعات وفقاً لإحصاءات البنك الدولي.

ويعتبر محللون إن الكثير من النساء المتعلمات في المملكة غير فاعلات نتيجة عدم ترحيب سوق العمل بهن وليس بسبب غياب الحافز. “في الأردن، تصنف 37 في المئة من الإناث  خريجات  الجامعات بإنهن غير فاعلات، مقارنة مع 10 في المئة من الذكور،” بحسب ورقة بحثية عن حالة التعليم في الأردن للمعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو.

قالت سناء موسى، طالبة بالسنة الثالثة في كلية علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، “أتعلم لأكون ربة منزل. أما البحث عن العمل بعد الدراسة فأمر مرفوض بالنسبة لوالدي إلا إذا كان في القطاع العام.”

بدورها، لا تعاني رؤى القواسمي، طالبة بالسنة الرابعة في كلية الحقوق، من قيود أسرية على عملها. مع ذلك، لا يبدو طريقها للعمل سالكاً تماماً. قالت “تخرجت أختي الكبرى من الجامعة قبل أربع سنوات بدرجة ممتازة. لكنها لليوم بلا وظيفة.” مضيفة “يتمتع الرجال وأصحاب الخبرة بالأولوية دائماً.”

تجبر الحواجز بين الجنسين الأردنيات على البحث عن عمل في قطاعي التعليم والصحة غالباً. إذ يضم القطاعين 38 في المئة و12 في المئة على التوالي من مجموع عمالة الإناث في الأردن، وفقاً لدراسة للبنك الدولي. لكن، لسوء الحظ، شهدت فرص العمل في كلا القطاعين ركوداً كبيراً مؤخراً.

وتعاني النساء الأردنيات ممن يحالفهن الحظ في العثور على عمل من ظروف عمل سيئة، وغياب الدعم المؤسسي والمجتمعي.

قالت سميرة صالح، معلمة لغة عربية عثرت على وظيفة بعد انتظار امتد لـ11 عاما، “معاناتي لا تنتهي. بعد عثوري على عمل وقعت في فخ الصعوبات التي تواجه المرأة المتزوجة العاملة، مثلا في المدرسة التي أعمل بها لا وجود لحضانات للأطفال مما يضطرني لترك ابنتي الصغيرة عند أقاربي.”

كما تواجه النساء في الأردن مشكلة أخرى تتعلق بغياب المساواة في الأجور. إذ تحصل المرأة العاملة على أجر يقل 41 في المئة عن ما يتقاضه الرجل في القطاع الخاص وأقل بنحو 28 في المئة في القطاع العام، وفقاً لمنظمة العمل الدولية.

قال تيسير أبو عرجة، رئيس قسم الصحافة في جامعة البترا، “هنالك جزء كبير من المسؤولية تتحملها المؤسسات والشركات التي تفرض قواعد الأجور والحوافز.”

من جهة أخرى، تشكل بطالة النساء عبئاً على الاقتصاد الأردني، الذي يخسر فرصاً لزيادة متوسط دخل الفرد يمكن لعمل المرأة أن يحققها. إذ يتوقع أن ينمو لناتج المحلي الإجمالي للبلاد 0.5-0.9 في المئة سنوياً فقط.

قالت السعيدي “تدعم السياسات الحكومية تعليم المرأة وليس عملها. إن دخول المرأة لسوق العمل هو التحدي الأكبر اليوم.”

 * أية عليان كتبت من الأردن وابتسام جمال من تونس. 
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميل

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى