أخبار وتقارير

هرباً من الفقر يتزوجن دون 18

أسيوط، مصر— تفترش عفاف سويفي وابنتيها قطع من الكرتون على جانب الطريق لتتسول كعادة يومية يائسة. تعول سويفي، 22 عاماً، طفلتين وتحاول نسيان خسارة طفلتها الثالثة التي توفيت لعدم قدراتها على تأمين مصاريف علاجها.

تزوجت سويفي باكراً، لكنها اليوم بدون عمل وبدون زوج وبدون تعليم.

قالت “بالنسبة لي العودة للمدرسة ربما تكون مجرد حلم للهروب من الكابوس الذي أعيش فيه، لكن إذ لم يتغير حالي فلن تفيد الأحلام.”

تسببت الظروف الاقتصادية الخانقة بزواج سويفي في سن مبكر قبل إتمامها 18 عاماً، مما يكشف سبباً من ضمن الأسباب الكثيرة التي  تزيد من معدلات زواج الأطفال في مصر. (إقرأ ايضاً: الزواج المبكر يحرم فتيات مصر من التعليم).

ينطبق زواج الأطفال – والذي يعرف بأنه الزواج قبل عمر 18 سنة – على كل من الفتيان والفتيات، لكن هذه الممارسة أكثر شيوعاً بين الفتيات الصغيرات. فعلى سبيل المثال، نشأت سويفي مع ست شقيقات وأخ في غرفة واحدة في حي فقير في صعيد مصر. تقول إنها حصلت على المرتبة الثانية في الصف السادس الابتدائي لكنها تركت المدرسة لاحقاً لتساعد والدتها في بيع الخضار. لاحقاً، قرر والدها الاستمرار في تعليم شقيقها فقط وإخراجها وإخواتها من المدرسة لأن مصيرهن الزواج.

تزوجت سويفي من سائق حنطور – عربة تجرها الخيول- والذي لم يكن أفضل حالاً من الناحية المالية. لسوء الحظ، ترك زوجها البيت بعد ولادتها لابنتها الثالثة مما اضطرها للتسول لتأمين قوت يومها.

ولأن القانون المصري يحدد سن الزواج بـ18 عاماً، يلجأ كثيرون إلى عدم تسجيل عقد الزواج بشكل قانوني بحسب أحمد سعد ثابت، محامي متخصص في المسائل الشرعية بمحافظة أسيوط. حيث يكتبعقد الزواج من دون توثيق مع إيصالات بمبالغ مالية كضمانات لأهل الفتاة ويتم توثيق العقود وإشهارها بالمحكمة بعد بلوغهما السن القانوني للزواج. أما المواليد فيتم تقييدهم بعد ذلك بما يعرف بساقط القيد (ويعتبر القانون أن عدم الإبلاغ عن المولود خلال ‏15‏ يوما ساقط قيد مجهول الهوية أمام أجهزة الدولة‏).

بالطبع تتسبب هذه الممارسة في بعض الأحيان بنزاعات.

قالت مها عمر، والتي تركت المدرسة في سن مبكر، إنها تزوجت ثم أصبحت أما في عمر 16، ثم مالبث أن طلقها زوجها بعدما رفض تسجيل زواجهما رسمياً. منذ ذلك الحين عادت مها للمدرسة، قالت “أعتزم مواصلة دراستي. لكنني لست ذات الشخص الذي كنته قبل أعوام قليلة.”

تؤكد هدى الطماوي، نقيب المعلمين في محافظة أسيوط أن العوامل الاقتصادية هي المحرك الأساسي لزواج الفتيات المبكر. لذلك تعمد وزارة التعليم إلى تقديم وجبات للطالبات في المدرسة، وتوفير فرص عمل بسيطة لمساعدة أسرهم على كسب الدخل  فضلاً عن السماح لهم بيوم عطلة من المدرسة كل أسبوع للذهاب إلى الأسواق ومساعدة أسرهم.

مع ذلك، فإن أحد التحديات الأساسية يكمن في الإجراءات الإدارية الشكلية التي تتخذها المدارس ضد تسرب الطالبات والتي لا تتجاوز غرامات مالية بسيطة. قالت الطماوي “هذه الإجراءات غير مفعلة على أرض الواقع وتعتمد على متابعه المدارس وغالباً يتجاهل ولي الأمر الموضوع برمته.” وأضافت الطماوي أن الثقافة المجتمعية السائدة في القرى ترى زواج البنت أهم من التعليم. وهو ما يؤكده محمد عبد الملك علي، 33 عاماً، والذي لم يكمل تعليمه المدرسي وتزوج قبل إتمامه عامه 18.

قال “الزواج هو [شكل] لحماية للفتيات، والسبب وراء تسجيلهن في المدرسة في المقام الأول هو تحسين فرصهن في الزواج من الرجل الأفضل تعليماً ويعيش في مدينة.

“بعد مقتل شقيقه في حادثة ثأر، رفض والد علي استمراره في الدراسة خوفاً عليه من التعرض لعملية ثأر مماثلة. كما تسبب الحادث في خروج أكثر من 28 فتاة و30 ولد من العائلة وتركهم الدراسة بمختلف مراحلها.

الآن، يستعد علي لتزويج ابنته فرحة، التي لم تتجاوز الـ15 عاماً. قالت فرحة “لست صغيرة. الفتيات الريفيات مختلفات عن فتيات المدينة. هنا، نعمل ونتحمل مسؤولية عائلة كاملة في سن مبكرة.”

لا يمانع علي في استمرار تعليم فرحة شريطة موافقة زوجها.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى