أخبار وتقارير

اليمن: مدارس مغلقة وأطفال يقاتلون على الجبهة

صنعاء —يتوجه حسين أحمد مع صديقه علي كل يوم إلى إحدى نقاط التفتيش الموجودة بجانب المركز الأولمبي في شمال صنعاء، حيث يخدم كمجند مع اللجان الشعبية التابعة للحركة الحوثية منذ عامين حين كان مازال في السادسة عشر من عمره.

قال “وزعت لنا الحركة أسلحة نارية ومعنا جدول يومي بأماكن حراستنا في نقاط التفتيش في الوقت الحالي.”

أحمد ليس الوحيد الذي انضم باكراً لصفوف المقاتلين، إذ أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن أكثر من عشرة ألاف طفل تم تجنديهم ضمن الجماعات المسلحة في اليمن.

ففي شهر نيسان/ أبريل الماضي، رصدت المنظمة تجنيد 140 طفلاً على الأقل من قبل الجماعات المسلحة. كما قُتل ما لا يقل عن 115 طفل وأُصيب 172 أخرين في نفس الفترة نتيجة الصراع الذي اندلع في 26 أذار/مارس بين قوات التحالف الذي تقوده السعودية وجماعة الحوثي وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

قال محمد الأسعدي، المتحدث باسم منظمة اليونيسف، “ازدادت نسبة تجنيد الأطفال بنسبة 47 في المئة خلال عام 2014 مقارنة بالأعوام السابقة. كما أن عدد الأطفال القتلى قد يكون أكبر من المعلن لتعدد جبهات المواجهات المسلحة.”

موضحاً أن تجنيد الأطفال يشمل التجنيد الإجباري أو الطوعي للأطفال دون الثامنة عشرة في القوات الحكومية أو الجماعات المسلحة.

في نقطة التفتيش، يوقف حسين السيارات ويقوم بتفتيشها، وبالرغم من جسده النحيل الذي يميل لثقل السلاح الناري الذي يحمله، إلا أن نظراته الطفولية البريئة لاتزال باقية رغم قساوة الواقع.

منذ انخراطه في التجنيد لم يمسك حسين قلماً ودفتراً، إذ استبدلهما بالسلاح والرصاص. قال “لست بحاجة إلى التعليم، أبي يشجعني على حمل السلاح وخدمة الوطن، ولا أجني شيئا من المال.”

لا يعتبر تجنيد الأطفال أمراً حديثاً في اليمن، إذ يُسمح لليافعين بالانضمام لقوات الجيش النظامية قبل إتمامهم سن الـ 18 منذ بدء حركة الاحتجاجات السلمية في اليمن عام 2011. لمواجهة الاحتجاجات، فتحت وزارة الداخلية ووزارة الدفاع أبواب التجنيد أمام الجميع فتقدم آلاف الرجال والمراهقين والشباب العاطلين عن العمل وكان اللافت للنظر وجود أعداد كبيرة من تلاميذ المدارس الأساسية في طوابير التجنيد.

تزايد تجنيد الأطفال واليافعين بصورة هائلة منذ 21 أيلول/ سبتمبر الماضي بالتزامن مع ارتفاع وتيرة المواجهات المسلحة في البلاد وسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على صنعاء، بحيث بات مشهد الأطفال تحت سن الـ18 وهم يحملون السلاح ويشاركون في القتال أو يتجولون بأسلحتهم في الشوارع أمراً مألوفاً لدى الناس.

وفي الوقت الذي نصبت فيه جماعة الحوثي نقاط التفتيش في العديد من شوارع العاصمة بعد سيطرتهم عليها، أعلنت وزارة التربية والتعليم أن 148 مدرسة أغلقت بسبب المواجهات المسلحة في مناطق مختلفة في البلاد.

يلعب الوضع الاقتصادي والثقافة القبلية دوراً كبيراً في انتشار هذه الظاهرة. إذ يضمن التجنيد ضمن القوات الحكومية مصدر دخل للأسر اليمنية (لا يتجاوز 150 دولار شهرياً). بينما تستغل الجماعات المسلحة واللجان الشعبية حماسة اليافعين لتجنيدهم في صفوفها دون مقابل.

ففي تصريح صحفي، قال جوليان هرنس ممثل منظمة اليونيسف في اليمن إن الأطفال يقاتلون في كافة التشكيلات المسلحة هناك من أجل ربح المال والحصول على وجبات غذائية منتظمة. “أن تصبح مقاتلا، فهذا يعني أنك حصلت على طريقة لجني النقود، وهذه طريقة للعيش بالنسبة للأطفال المنحدرين من أوساط اجتماعية هشة. إن هذا يحدث في جميع أرجاء اليمن، من الشمال إلى الجنوب.”

وكان اليمن قد وقع العام الماضي على خطة عمل مع الأمم المتحدة من أجل إنهاء وحظر تجنيد الأطفال من جانب القوات المسلحة. وتتضمن الخطة إصلاح القوانين الوطنية، وإصدار أوامر عسكرية تقضي بحظر تجنيد واستخدام الأطفال كجنود، والتحقيق في مزاعم التجنيد، وتوفير إمكانية إعادة دمج الأطفال الذين تم تجنيدهم في مجتمعاتهم.

إلا أن التطورات السياسية والأمنية الأخيرة تعيق تنفيذ الخطة التي تنتهي في 2016 وتهدف إلى تسريح كافة الأطفال من القوات المسلحة في اليمن وإعادة دمجهم في المجتمع.

تحتل محافظة صنعاء المرتبة الاولى بنسبة 89.9 في المئة في استقطاب الأطفال للتجنيد في الجماعات المسلحة تليها عدن ثم إب فتعز وأخيراً ذمار، بحسب دراسة مسحية قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في اليمن مع كل من المدرسة الديمقراطية ومبادرة حماية الأطفال والشباب – منظمات أهلية- مطلع العام الحالي.

وأشارت الدراسة إلى أن غالبية أفراد العينة المجندين في محافظة صنعاء مازالوا ملتحقين بالتعليم سواء في المرحلة المدرسية أو ما بعد المدرسية، بينما غالبية المجندين في كل من إب وتعز وعدن وذمار متسربين من التعليم.

قال أحمد القرشي، رئيس منظمة سياج الأهلية لحماية الطفولة”إن وضع الطفولة في اليمن حرج ويستلزم من المجتمع الدولي وقفة جادة تتعدى التضامن والتعاطف وتتجاوزه إلى الدعم النفسي والتمكين المدرسي والمساعدات المباشرة.” وأوضح القرشي أن الأطفال المجندين طوعاً أو قسراً عرضة للموت والإصابة الجسدية والاستغلال الجنسي والفقدان (الغياب دون معرفة المصير) والانفصال عن الأهل والاضطرابات النفسية.

وكانت منظمة سياج أطلقت أول حملة لمناهضة تجنيد الأطفال دون السن القانونية في اليمن في العام 2011. حيث رصدت المنظمة آنذاك أطفالاً أثناء أدائهم الخدمة في الشوارع يقدرون بحوالي 5000 إلى 10000 طفل يقومون في الأغلب بالحراسات الأمنية لقيادات الجماعة ومواقعها العسكرية.

قال مهيوب الكمالي، خبير تربوي “الأطفال المجندين تولد لديهم عدوانية شديدة ضد أقرانهم وزملاءهم، فضلاً عن حالات من الانطواء والعزلة التي تطغى عليهم.”

وبحسب الكمالي، فإن 70 في المئة من هؤلاء الأطفال تركوا مقاعد الدراسة لأسباب يأتي في مقدمتها الفقر وركود الوضع الاقتصادي في مناطقهم. قال “فقد هؤلاء الأطفال الثقة بالمستقبل، وهذا أمر شديد الخطورة.”
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميلShare to WhatsApp

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى