أخبار وتقارير

تحديات كبيرة تواجه تعليم أبناء السعوديات من أجانب

في المملكة العربيّة السعودية، يواجه أبناء الأمّهات السعوديات والآباء الأجانب ومنذ فترة طويلة صعوبات في الحصول على التعليم وغالباً ما يتحملون رسوما إضافيّة، وهي جزء من مشكلةٍ أكبر يواجهونها تتمثل في الحصول على الخدمات المدعومة من الحكومة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتوظيف. بينما يعتبر أبناء السعوديين من الرجال، حتى أولئك الذين ولدوا وعاشوا خارج البلاد، سعوديين بالكامل ويحصلون على جميع الإمتيازات بشكل تلقائي.

كما يواجه أبناء المغتربين أيضا صعوبات كبيرة في الحصول على التعليم، لاسيّما أولئك المنحدرين من أسر فقيرة. في عام 2013، قال وزير العمل السعودي بأن 7.5 مليون مغترب يعملون بشكل قانوني في المملكة، أو ما يقارب من 25 في المئة من مجموع السكّان.

يمكن للصعوبات التي يواجهها أبناء السعوديات والمغتربين أن تحصل في جميع المراحل – من المدارس الإبتدائيّة وحتى كليات الطب. إلا أن إنتصاراً قانونيّاً صغيراً هذا العام قد يشير في نهاية المطاف إلى إمكانية أفضل لحصول الجميع على التعليم.

ففي شباط/فبراير الماضي، صادقت محكمة الإستئناف السعودية حكماً مسبقا ألزم جامعة الملك عبدالعزيز بدفع ذات الأجور لطلاب الطب السعوديين ونصف السعوديّين “المولودين لأمهات سعوديات” في سنة تدريبهم. في السابق، إعتادت الجامعة دفع مبلغ قدره 9.200 ريال سعودي (حوالي 2.450 دولار أميركي) شهرياً للمتدربين السعوديين، بينما تمنح الطلاب المولودين لأمهات سعوديات ما يقرب من 3000 ريال سعودي (800 دولار أميركي) شهرياً.

أصبح فؤاد سندي، الطالب السعودي الذي كان يعمل للحصول على شهادة في القانون من جامعة جورج تاون في الولايات المتّحدة الأميركيّة، المستشار القانوني للطلاّب المولوديّن من أمّهاتٍ سعوديّات ممّن كانوا يكافحون من أجل الحصول على أجر متساو. ويعتقد بأنّ القانون السعودي كان واضحاً بشأن هذه المسألة. قال سندي “منح المرسوم الملكي رقم 406 المساواة بين السعوديين وأبناء المولودين لأمّهاتٍ سعوديات في مجالي الصحة والتعليم والتوظيف.”

في الماضي، كانت مشكلة الطلاب الذين لا يحبذون الحصول على أجر أقل تتمثل في صعوبة تقديم قضاياهم لأنهم كانوا منشغلين في الدراسة. وقد واجه المسؤولون المتعاطفون مع قضيتهم صعوبة في تغيير هذه السياسة. قال سندي “في كل مرّة تقدموا بالشكوى، كانت الجامعة تحيلهم إلى هيئات أخرى داخل الجامعة، وبهذا تضيع القضية بسبب البيروقراطية.”

ينصح سندي مجموعة من الطلاب الناشطين بإتخاذ الإجراءات القانونية، حيث يعتقد بأنّ ذلك سيجبر الجامعة على “تمثيل ذلك من خلال هيئة واحدة، والحصول على رد واحد، والحصول على إستجابة رسمية موحدة لمثل هذه المطالب.”

في أواخر عام 2012، تقدّم الطلاّب بشكوىً داخل الجامعة، وهو شرط أساسي في القانون السعودي قبل التوجّه إلى المحكمة. وفي حزيران/يونيو من عام 2013، قاموا بتقديم شكوىً ثانية إلى وزارة التعليم العالي. لكنّ شكاواهم لم تثمر عن أيّة نتائج، فقاموا بتقديمها للمحكمة الإداريّة، مؤسّسة قضائيّة تمتلك سلطات القضاء في شؤون الجامعات الحكوميّة.

وفي هذه المرحلة، يعتقد سندي، بأن الجامعة كانت مضطرّة للنظر ملياً في هذه القضيّة. وقد حكمت المحكمة لصالح الطلاّب في عام 2014. قامت الجامعة بالإستئناف، لكنّ محكمة ثانية أيّدت الحكم. وهكذا إنتصر الطلاّب المولودين لأمّهاتٍ سعوديّات.

لا يشمل الحكم سوى جامعة واحدة، لكنّ سندي واجه تدفقاً لسيل متكرر من قضايا مماثلة، يعتقد بأنّ الكثير منها قد يربح عند تقديمه للمحكمة.

تجعل اللغة العامة الواردة في المرسوم الملكي الأمر خاضعاً للعديد من التفسيرات، ممّا يمنح الهيئات الحكومية المختلفة هامشاً كبيراً للمناورة والإلتفاف حوله. كما أن برنامج المنح الدراسية الضخم والذي يمنح آلاف الطلاب السعوديين منحاً سخية للدراسة في الخارج يستثني أبناء السعوديات، بحسب سندي، “يمكن أن يفسّر ذلك على أنه خرق للمرسوم الملكي. ويمكن تطبيق ذات الشيء على بعض خدمات ما بعد التعليم، مثل الترخيص والتوظيف، ولذلك فإنه وبشكل عام هنالك الكثير من الغموض في هذا الشأن.”

ولكن لماذا تعد اللغة في المرسوم الملكي عامة؟ قد ينظر البعض للأمر على إنه وسيلة لإستمرار التمييز. لكن سندي يقول إن المرسوم يمكن أن ينظر إليه أيضاً على أنه يفترض المساواة الشاملة في جميع الحقوق.

على أية حال، لا يزال هناك تميّيز واضح في المدارس الإبتدائية.

فمنذ ما يقرب من عشر سنوات، توجّه مغترب باكستاني عاش طوال حياته مع أسرته في المملكة العربيّة السعودية لتسجيل إبنه في إحدى المدارس القريبة. وبسبب دخله المنخفض، حاول الرجل تجنب الإنتقالات الواسعة التي ستكلفه المزيد من المال والوقت الذي يمكن أن يستثمره في العمل عوضاً عن ذلك.

لكن العاملين في المدرسة فاجأوه بطلب مبلغ قدره 500 ريال سعودي (حوالي 130 دولار أميركي) مقابل توفير كرسي وجهاز كومبيوتر لإبنه. فقد كان يعتقد بأنّ ذلك مفروض على الآباء غير السعوديين فقط.

مرت السنوات، ولم يشعر بصورة عامّة بأنه يتعرض للتمييز بعد هذه الحادثة حتى جاءت سيول جدة عام 2009، التي دمرت الحي السكني الذي يقطنه والعديد من المدارس فيه. فأخطرته المدرسة بأنه سيتم نقل ولده بعيداً عن منزلهم. إعترض الأب وتحدّث إلى مسؤول المدرسة الذي لمّح له بأنه سيتم منح الأولوية لبعض الطلاب على حساب غيرهم. قال الأب “أنا أعرف الكثير من غير السعوديين في منطقتي ممن إضطروا لنقل مدارس أبناءهم عقب السيول.”

تعرف إمرأة يمنية تقطن في أحد أحياء مدينة جدة الفقيرة بأنّ إقامتها وزوجها قد إنتهت لكنهم لا يمتلكون المال الكافي لدفع رسوم التجديد. وإبنتها مسجلة للإلتحاق في المرحلة الثامنة في مدرسة حكومية. قالت المرأة “أرسلت الإدارة إشعاراً لي يطالبونني فيه بالحضور، وهكذا فعلت. فأخبروني بأنه يتوجب علي تجديد إقامتي وإلاّ لن يكون في إمكان إبنتي أن تستمر في الدراسة معنا.” فشرحت لهم بأنه قد يستغرقها الأمر ما يقرب من شهرين لتأمين المال. لكنهم أخبروها بأن أمامها أسبوعين فقط.

واظبت الفتاة الصغيرة على الذهاب إلى مدرستها حتى الإمتحانات النهائية عندما طلب منها مغادرة مقعدها الإمتحاني لتتحدث إلى الإدارة، والتي أنذرتها بوجوب إحضار والديها لأوراق تجديد الإقامة وإلا ستقوم المدرسة بمنعها من إستلام شهادتها المدرسية لتلك السنة. وقد أخبرت والدتها بأنهم “عندما فعلوا ذلك، أصبت بالذعر ونسيت المعلومات التي درستها يوم أمس.”

بعد الإمتحانات وبمساعدة بعض المتبرعين، تمّ تجديد الإقامة وتقديمها إلى المدرسة، والتي قامت بدورها بتحرير الشهادة التي تثبت إتمام الإبنة للصف الثامن بنجاح.

هل تعتبر معاقبة الأطفال بسبب أفعال قام بها ذووهم أو لم يقوموا بها قانونياً بموجب القانون السعودي؟ يبدو أن لا أحد يعرف ذلك. في الواقع، أشارت هذه السيّدة اليمنيّة بأن المدارس التي يذهب إليها أبناءها الذكور أكثر مرونة بكثير حيال مسألة الإقامات المنتهية الصلاحيّة من مدارس البنات، مما يعكس عدم وجود نظام موحّد.

أوردت الجمعية الوطنيّة السعوديّة لحقوق الإنسان، منظمّة حقوق الإنسان الوحيدة المعترف بها رسمياً في البلاد والتي لا تعمل في ظل الحكومة، حالات مماثلة بالتفصيل في تقريرها لعام 2008 المعنون “إلغاء أحكام الكفالة وتصحيح العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد“. وأحد الأمثلة على ذلك كانت الممارسة الشائعة المتمثلة بحجز جواز سفر العمال الأجانب من قبل موظّفيهم في إنتهاك للقوانين السعوديّة. لكن هذه الممارسة، كما أشارت المنظمة، منتشرة على نطاق واسع ومقبولة لدرجة أنّ الكثيرين لا يعرفون حتى بأنّها مخالفة للقانون السعودي.

هناك شبكة معقدة من القضايا بالنسبة لغير المواطنين وأبناء السعوديات في المملكة العربيّة السعودية وليس الحصول على التعليم سوى واحدة من هذه القضايا. وحتى عندما يكون القانون إلى جانبهم، فإن العديد من المغتربين لا يزالون يشعرون بأنهم ضعفاء، ويعتقدون بأنّ مقاضاة مؤسسة حكومية قد يعرّض وجودهم في المملكة للخطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى