أخبار وتقارير

من هو الرئيس الجديد للجامعة الأميركية في بيروت؟

يتحتم على الرئيس الجديد للجامعة الأميركية في بيروت إجتياز المحيط الأطلسي لتولي منصبه في أيلول/سبتمبر المقبل، وإستبدال مدينة أتلانتا المترامية الأطراف ببيروت الصغيرة نسبياً.

حيث يترك الرئيس الجديد، الطبيب فضلو خوري، منصبه كنائب لمدير معهد ونشب Winship للسرطان التابع لجامعة إيموري. ساعد فضلو خوري المركز في تأمين مبلغ قدره 24 مليون دولار أميركي كمنح بحثيّة، ولعب دوراً رائداً في توظيف المواهب المطلوبة للعمل في المعهد.

في المقابل، شغل الرئيس المنتهية ولايته، بيتر دورمان، منصب رئاسة الجامعة منذ العام 2008. وكان من الصعوبة بمكان إيجاد بديل له، بحسب هدى الزغبي، التي عملت بصفة رئيس مشارك ضمن اللجنة المكلفة بإنتخاب رئيس.

مع ذلك، فإن الزغبي تبدو واثقة من كونهم قد إتخذوا القرار الصائب في إختيارهم لخوري. قالت الزغبي “إنه عالم بارع جداً، نُشرت له أبحاث في مجلات محترمة جداً. لكنني أعتقد بأن إنجازاته كرئيس أكاديمي هي الأهم.” مضيفة “إنه يستثمر في الطاقات البشريّة، وليس فقط في البرامج.”

ستسلم إدارة دورمان لخوري إرث محاولة جعل الجامعة مكاناً أفضل وأكثر أخلاقيّة للعمل فيه. فقد أصبحت الجامعة أول مؤسّسة في لبنان في وضع إجراءات لمواجهة التمييز، والفساد، والتحرش الجنسي. خلال فترة دورمان، تمكنت الجامعة من جمع 420 مليون دولار أميركي من خلال التبرعات الخيرية، والمنح، والعقود. وتم إستثمار جزء من تلك المبالغ في بناء مراكز بحثيّة جديدة والمنح الدراسية، بما في ذلك مجمّعاً هندسيّاً، وتوسعات المركز الطبي، ومعهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة.

تمثل الإنجاز الأحدث في الحصول على منحة قدرها 2 مليون دولار أميركي، من قبل مؤسسة ميلون لتعزيز الفنون والعلوم الإنسانيّة، والتي غالباً ما يتم تجاهلها في المنطقة.

يبدو الرئيس القادم متواضعاً وعملياً فيما يخص أوراق إعتماده. ولكن عندما يتعلق الأمر بالحديث عن الفريق الذي عمل معه في معهد ونشب، فإنه ليس خجولاً على الإطلاق. قال خوري، “وظفت 95 عضواً في الهيئة التدريسيّة وبنيت قسماً. بصراحة، إستمتعت بذلك المناخ الفكري، وربّما يكون ذلك المكان هو أكثر مكان عملتُ فيه وشعرت بروح الزمالة.”

عمل خوري في إيمروي منذ عام 2002. ركزت أبحاثه على مستوى الرعاية التي يتلقاها المرضى ممن يعانون من أمراض السرطان ذات الصلة بالتدخين– سواء أكان ذلك يتعلق بالتشخيص، أو العلاج الكيميائي، أو أية وسيلة أخرى. كما عمل أيضا كرئيس تحرير مجلة السرطان. وقبيل ذلك، عمل في مركز إم دي أندرسون لأمراض السرطان التابع لجامعة تكساس وأكمل فترة إقامته الطبية في مستشفى مدينة بوسطن بعد حصوله على شهادة الطب من جامعة كولومبيا.

يعرف والتر كوران، مدير معهد ونشب، خوري منذ فترة تزيد عن 20 عاماً. ويقول إنّ بحوث خوري في مركز السرطان تعزز روح التعاون. قال “لقد كان رائعاً في تقريب أعضاء الفريق من بعضهم البعض.”

وهو ذات الشيء الذي يقول خوري إنه يستمتع في القيام به – تأسيس فرق وتحفيزها على العمل، ومن ثم التراجع بعيداً عنها ومراقبتهم يزدهرون. إلا أنه لا يحب عندما يكون أحد أعضاء الفريق ممن يمتلكون إحساساً متضخماً بأهميّة الذات ويضايق أعضاء الفريق الآخرين، وهو أمر تحتم عليه التعامل معه في بعض الأحيان.

قال “أشعر بالإحباط عند تعاملي مع أشخاص يرغبون في أن يكونوا نجوماً طوال الوقت.”

تعد تجربته في تأسيس فرق بحثيّة ناجحة في جامعة إيمروي واحدة من المؤهلات التي ساعدته في الحصول على منصب رئاسة الجامعة الأميركية في بيروت، وفقاً للزغبي.

قالت “هنالك أمران رئيسيان على الرئيس الجديد القيام بهما مباشرة. تعيين أشخاص في وظائف جديدة، ورفع مستوى البحث لإقناع الطلاب والكادر التعليمي الدولي بالعودة.”

سارع خوري في القول إنه لن يتجاهل أقسام العلوم الإنسانية والفنون الليبرالية لصالح الأبحاث الطبيّة. لكنه يعترف بأن عليه القيام ببعض الجهود لتعويض النقص في مجال العلوم الإنسانية. قال “معظم الأشخاص ممن يتوجهون للعمل في المجال الأكاديمي يقومون بذلك لأنهم يحبون أن يكونوا طلابا بشكل دائم، ولا أختلف أنا عنهم. لديّ الكثير لأتعلّمه.”

في السنوات التي رافقت وأعقبت الحرب الأهلية في لبنان، خفت إهتمام الطلاّب وأعضاء هيئة التدريس من الدول الأخرى في المجيء إلى الجامعة الأميركية في بيروت، بحسب الزغبي. قالت “نحن بحاجة لأن تصبح الجامعة مركزاً للمنطقة بأكملها مرة أخرى.”

ولكون خوري قد ولد لأبوين لبنانيين في بوسطن، فقد قضى معظم فترة شبابه في لبنان. وقد كان يدرس لنيل شهادة البكالوريوس في الجامعة الأميركية في بيروت خلال الأوقات المضطربة في البلاد، لكنه غادر البلاد بعد السنة الدراسيّة الأولى عندما تم قبوله في جامعة ييل – حيث كانت جاذبية مؤسسة من رابطة اللبلاب الدافع الأكبر من عدم إستقرار لبنان للالتحاق بها، بحسب خوري. الآن يقول إنّه يتطلع للعودة إلى البلاد بعد إنقضاء وقت طويل بعيداً عنها، على الرغم من كونه دائم التردد إلى لبنان منذ مغادرته. كما تم إنتخابه مؤخراً من قبل الأكاديمية اللبنانيّة للعلوم، مؤسسة غير ربحية مرموقة تأسست من قبل الحكومة.

لخوري أهداف نبيلة بخصوص الجامعة. قال “أعتقد بأنه لا يجب أن نكتفي بكوننا جامعة إقليميّة كبرى. إن رؤيتي للجامعة الأميركيّة في بيروت ليست سهلة أبدا.”

يرغب في رؤية الجامعة ترتفع في نظام تصنيف الجامعات لتكون من بين أول 100 مؤسسة تعليميّة في العالم. وليس هذا بالأمر الهين، فقد إحتلت الجامعة المرتبة 249 في أحدث تقيّيم من قبل تصنيف الجامعات العالمي QS.

من السهل جداً أن يمتلك المرء رؤية، يقول وون كي هونغ، المشرف على خوري والمدير السابق في معهد إم دي أندرسون لأمراض السرطان. قال “التحدي يكمن في كيفية التعبير عن ذلك بوضوح والتأكّد من كونها ستتحقق، وفضلو يستطيع فعل ذلك حقّاً.”

أشرف هونغ على المئات من أعضاء هيئة التدريس في أندرسون، لكنه يقول إنّ خوري – الذي يتعاون معه منذ ذلك الحين – يقف متميزاً عن بقيّة السرب. “أنا فخور به جداً. إنّ مهارته تجعل العمل معه مصدراً للبهجة.”

إن الشيء الوحيد الذي يعيق خوري هو حماسه، بحسب هونغ، والذي يمكن أن يعني أحياناً قيامه بالعديد من الأعمال في ذات الوقت. يقول خوري إنه سيعمل على تحقيق أهدافه من خلال زيادة الهبات الممنوحة للجامعة وإبطاء معدل زيادة أجور الرسوم الدراسية. “يبدو ذلك متناقضاً، أنا أعرف ذلك، وسيستغرق تحقيقه الكثير من الوقت.”

كما إنه يرغب في إستعادة المنصب، الذي وضع قيد الإنتظار أثناء الحرب الأهلية. وعوضاً عن السعي للحصول على تصنيف جامعي أفضل من خلال الضغط على الأساتذة لتقديم أوراق بحثيّة بشكل متكرر وبدون عناية، فإنّه يرغب في تحسين شروط المنح الدراسية والتأكيد على المنهج الذي يفضل الجودة على الكميّة. قال خوري “يمنح منصب الرئيس الحريّة للطموحات الفكرية ويسمح للأساتذة بالإجابة على الأسئلة الصعبة من دون القلق حيال إنتاج ورقة بحثيّة أو كتاب من جراء ذلك.”

يقول كوران إنه إذا ما كان في إمكان أحدهم تحقيق ذلك، فإنّه صديقه وزميله. “إنه مفعم بالنشاط، وملتزم بالعمل جداً، وذو شخصيّة نشطة. وعندما يأخذ مشاريعاً على عاتقه فإنه ينجزها في معظم الأوقات.،” مضيفاً “في ظل قيادته أصبح المعهد واحداً من أفضل البرامج في البلاد.”

وبينما يمضي خوري لترك الغرب، فإنه يأمل في ربط الجامعة الأميركية في بيروت بالصين شرقاً، حيث شجع على عقد العديد من التحالفات المؤسساتية مع مركز ونشب للسرطان. يعتقد خوري بأن موقف الصين مع التعليم بصورة عامة يمكن أن يكون درساً مفيدا للجامعة الأميركية في بيروت وبقية المنطقة ككل.

قال “من المهم بالنسبة لنا أن نقارن أنفسنا مع الجامعات الأخرى في المنطقة، لكن يتوجب علينا أن نقارن أنفسنا مع الأفضل. وهذا هو ما يعجبني في الصين، فهم يقارنون أنفسهم مع الأفضل. يمكننا بل وينبغي علينا أن نتنافس مع الأفضل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى