أخبار وتقارير

طلاب صعيد مصر ورحلة البحث عن فرص للتدريب

للوهلة الاولى لم أصدق أن علاء، 21عاماً، طالب جامعي. فقد اعتدت مشاهدته في المقهى، الذي أجلس فيه مع أصدقائي أسبوعياً بمدينة منفلوط التي تبعد 350 كم جنوب القاهرة، يقدم المشروبات للزبائن. لذا فوجئت عندما طلب مني مساعدته في العثور على أي فرصة تدريبية في أي صحيفة أو موقع إلكتروني خلال فترة الصيف، عندما سألته عن سر حبه للصحافة قال إنه طالب  في السنة الثالثة بكلية الاعلام قسم الصحافة جامعة القاهرة.

بحث علاء طويلاً عن فرص للتدريب في الكثير من الصحف المحلية في القاهرة، لكن الحظ لم يحالفه. إذ لا تقدم هذه الصحف فرصاً تدريبية دون تزكية، كما لاتقدم الجامعات عادة فرصاً تدريبية خلال فترة الصيف. تقوم بعض الجامعات بالتعاقد مع مراسلين وصحافيين مرموقين لإقامة ورشات تدريبية للطلاب ولكن لقاء مبالغ يعتبرها الكثير من الطلاب باهظة.

اعتاد علاء قضاء عطلته الصيفية في مقهى والده، حيث يعمل لتوفير مصروفاته الدراسية. لكنه مازال يحلم بالحصول على فرصة للتدريب قبل التخرج لإثراء دراسته النظرية بخبرة عملية تفتح له أبواباً للعمل بعد التخرج.

في تخصصات دراسية أخرى، ربما يعثر بعض الطلاب على فرص تدريبية لكن الصعوبات لاتنتهي.

فتجربة محمد جمال، 21عاماً، في التدريب لم تكن مبشرة. يدرس جمال بكلية السياحة والفنادق بجامعة المنيا الحكومية في قسم إدارة الفنادق، حيث تشترط الجامعة على الطلاب قضاء شهر من التدريب العملي في أحد الفنادق التي غالباً ما تكون خاصة ووفقاً لعلاقات الطالب ومعارفه. في نهاية سنته الدراسية الثانية، حصل جمال على خطاب معتمد من الجامعة للتدريب وتوجه لفندق بمدينة الأقصر السياحية جنوب مصر. لكن إدارة الفندق رفضت طلبه بحجة وجود عمالة زائدة لديها، واقترحت تزويده بشهادة التدريب دون قيامه بالتدريب فعلياً.

محمد جمال (تصوير طارق عبد الجليل)

في العام التالي، نجح جمال بالعثور على فرصة تدريبية في مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر بفضل بعض أقاربه.  حيث تدرب في عدة أقسام بداية من العمل بقسم الاستقبال والحجز والتليفونات والمطبخ. قال “أصبح لدي خبرة في كيفية التعامل مع الضيوف وتقديم الخدمات لهم وحل المشكلات التي تواجههم، إضافة إلى عملية تسكين الضيوف في الغرف. تعلمت أيضاً كيفية تنظيم الحجوزات الخاصة بالشركات والتعامل مع برامج الكمبيوتر الخاصة بالفنادق. كما تعلمت الكثير من مهارات التواصل والعمل بروح لفريق.”

وأضاف “استفدت كثيراً من التدريب، كما أن إدارة الفندق وعدتني بتوفير فرصة عمل لي في المستقبل في حال عودة نسب السياحة إلى معدلاتها الطبيعية.” يعتقد جمال أن التجربة كانت ناجحة رغم عدم وجود عائد مادي، حيث كان يتقاضى 12 دولار شهرياً فقط ويسكن في غرفة صغيرة جداً بدون أي تهوية.

أما محمود محمد السيد،19 عاماً، الطالب بالسنة الأولى بكلية الهندسة المدنية في جامعة أسيوط فتبدو تجربته مثالية. قال “حصلت على شهادة تثبت تسجيلي في الكلية وقدمت طلباً للتدريب في أيار/ مايو الماضي بشركة النيل للبترول ومقرها في مدينة أسيوط 360 كم جنوب القاهرة. تم قبول طلبي وتحديد شهري تموز/يوليو وأب/أغسطس للبدء في التدريب في قسم الصيانة وقسم العمليات. لقيت ترحيباً من الشركة وتعلمت صيانة طلمبات محطات تمويل السيارات وعرفت الكثير عن إصلاح الأعطال. كما قضيت أسبوعاً في قسم العمليات تعلمت خلاله طرح المناقصات ومنح العطاءات للشركات لتنفيذ أعمال مباني أو إنشاءات لصالح الشركة. ولأن الشركة ليس لديها أعمال إنشائية حالياً فقد اكتفيت هذا العام بتعلم الجزء الإداري على أن أخوض العام القادم تدريباً متخصصاً في الهندسة المدنية.”

بالنسبة للسيد “كان التدريب خطوة جيدة لي حيث ربطت بين الجانب النظري والعملي وتعلمت أمورا كثيرة لم أكن لأعرفها من دراستي الأكاديمية فقط.”

تبحث الطالبات أيضاً عن فرص تدريبية. قالت رحاب بدر عبد التواب، الطالبة بالسنة الثالثة بكلية التجارة قسم اللغة الانجليزية بجامعة أسيوط، “أحاول تطوير قدراتي العملية خلال الاجازة الصيفية عبر اتباع دورات في اللغة والمحاسبة منا أنني التحقت بتدريب لمدة شهر مع بنك التنمية والائتمان الزراعي هذا العام.”

ساعد التدريب عبد التواب على استخدام اللغة الانجليزية في العمل وطريقة التعامل مع الناس وكسر حاجز الخوف من التواصل مع العملاء. قالت “تضمن التدريب تعريف موسع وعملي بالعمل المصرفي كما طلب مني تقديم مشروع عملي يتم تقييمه من قبل مشرفين في البنك.”

لاتبدو رحلة الطلاب والطالبات للحصول على فرص للتدريب العملي في صعيد مصر، المنطقة التي تعاني غالباً من الكساد الاقتصادي، سهلة. إذ لايجد الكثيرون منهم فرصاً للعمل سوى في المقاهي، خاصة أولئك الذين لايمتلكون علاقات شخصية أو ينتمون لعائلات غنية. ليبقى العمل بعد التخرج هو الفرصة الوحيدة لممارسة ما تم تعلمه في الجامعة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى