أخبار وتقارير

“لم ينجح أحد” في مئات المدارس الثانوية الأردنية

عمان- للعام الثاني على التوالي، فشل غالبية طلاب المدارس الثانوية في الأردن في اجتياز امتحان الثانوية العامة (التوجيهي)، مما يضع جودة التعليم في المملكة موضع تساؤل.

فهذا الصيف، لم ينجح أحد في 338 مدرسة حكومية من أصل 6172 مدرسة و11 مدرسة خاصة من أصل 1055، بحسب البيانات الرسمية. واعتبر العديد من المراقبين قلة كفاءة المعلمين وضعف تأهيلهم أحد الأسباب الرئيسية وراء معدل النجاح الضعيف.

وبحسب ما أعلن محمد الذنبيات، وزير التربية والتعليم في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، فقد “تقدم 49.972 طالب وطالبة لامتحان الثانوية العامة نجح منهم 20.521 طالب وطالبة، بما يشكل نسبة نجاح قدرها 41.1 في المئة،” مشيراً إلى أن نسبة النجاح في العام الماضي بلغت 40.2 في المئة.

هذا العام، شهد أيضاً تقارير عن حالات غش، وبيع أسئلة الامتحانات، وإغماء في صفوف الطلاب أثناء الامتحان، وقيام البعض بمحاولات انتحار بعد إعلان النتائج. وخلال فترة الامتحانات، أثار امتحان اللغة الإنكليزية موجة من ردود الفعل الغاضبة تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووصفت من قبل الصحافة المحلية بـ” الصفعة على وجوه الطلاب”.

إذ أعلنت نقابة المعلمين الأردنية أنها تلقت عشرات المكالمات من الطلاب وأولياء أمورهم يشكون من صعوبة الأسئلة. وقال أيمن العكور، الناطق باسم نقابة المعلمين، “مهما كانت مبررات من وضع الأسئلة، فإنها بالتأكيد لاتتناسب مع إمكانات الطلاب أو تأخذ في الاعتبار قدراتهم المختلفة.”

في المقابل، وعد مسؤولون من وزارة التربية بإتخاذ إجراءات معقولة في حال ثبت أن الامتحان كان صعباً حقاً.

وبالعودة إلى نتائج الامتحانات المعلنة، فإن معظم الطلاب الراسبين من مدارس خارج العاصمة عمّان.

ففي لواء البادية الشمالية الشرقية لم ينجح أي طالب في 50 مدرسة من أصل 75 مدرسة، بحسب مدير التربية والتعليم في لواء البادية الشمالية الشرقية رياض شديفات. يعزي شديفات السبب في ذلك إلى ارتفاع نسبة تغيب الطلاب نتيجة نقص المعلمين المؤهلين، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الأردنية.

وتعتبر نسبة التغيب المدرسي في الأردن ضمن الأسوأ في المنطقة العربية، إذ تصل نسبة الطلاب المتغيبين عن صفوفهم الدراسية 57 في المئة بحسب نتائج المسح المرافق للاختبار الدولي (PISA) التابع للبرنامج الدولي لتقييم الطلاب. (إقرأ القصة ذات الصلة: الصفوف المدرسية خالية من الطلاب في الأردن).

أما في لواء البادية الشمالية الغربية فلم ينجح أحد في 19 مدرسة ثانوية من أصل 59 مدرسة، وفقاً لمدير التربية والتعليم في المنطقة صايل الخريشا. حيث أرجع خريشا فشل الطلاب في اجتياز الامتحان لاعتماد الكثيرين منهم على الغش، الذي انتشر كثيراً في السنوات الماضية، لكن تم ضبطه بإجراءات حازمة أعلنها الوزير الجديد هذا العام.

في منطقة الغور الجنوبي، فشل الطلاب في تسعة مدارس من أصل 18 مدرسة في اجتياز الامتحان، وفقاً لمدير التعليم في المقاطعة، سالم حجازي. وقال حجازي، بحسب وكالة الأنباء الاردنية،  إن ما لايزيد عن أربعة طلاب تقدموا للامتحان، وأحياناً طالب واحد فقط، في المدارس التي لم ينجح منها أحد. ليكون مجموع من تقدم للامتحان 348 طالباً، نجح منهم 28 فقط.

مدرسة ايدون الثانوية في المفرق (تصوير عبدالله الكفاوين)

يعتقد الخبراء أن النتائج الضعيفة تكشف عيوب تعليمية.

إذ قال طلب الحسبان، مدير مدرسة ايدون الثانوية في المفرق، إن “أسباب إخفاق الطلاب ترجع إلى عدم متابعة الأهالي لأبنائهم، وتحويل الطلاب من الفروع المهنية والصناعية إلى الأكاديمية عن طريق الواسطة والمحسوبية على الرغم من ضعف  قدراتهم العلمية.”

أما بسام الزبون، والذي عمل كأستاذ لنحو 20 عاماً، فيعتقد أن التشريعات والقوانين الناظمة للعملية التربوية كان لها أثر كبير على المسيرة التعليمية وعلى النتائج خاصة في  مسألة النجاح التلقائي. قال “إن أسس النجاح والرسوب المحددة من قبل الوزارة لا تسمح للمعلم بترسيب أكثر من 15 في المئة من الطلاب، مما يسمح للطلاب الغير أكفاء بالنجاح.”

من جهة أخرى، يتسبب الاكتظاظ في المدارس أيضاً في ارتفاع معدلات الرسوب بحسب ما يقول البعض.

قال سالم  مطر الحراحشة، أستاذ متقاعد، إن منطقة المفرق تشهد وجود عدد كبير من اللاجئين السوريين، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عدد الطلاب بصورة لا تتحملها البنى التحتية للمدارس.

بدوره، قال الطالب عدي عليمات الذي نجح في الدورة الصيفية  لعام 2014  إن طالباً واحداً نجح فقط في صفه العام الماضي، وما تبقى من الطلاب استنكفوا عن تقديم الامتحان في الفصل الثاني نظراً لرسوبهم في الفصل الأول وشعورهم بالإحباط واليأس. موضحاً أن البيئة المحيطة والتأثير السلبي لبعض الطلاب يلعب دوراً في تراخي الطلاب عن الاهتمام بالدراسة. قال “لا يفكر الطلاب إلا بالتسلية والترفيه.”

أما الطالب خضر عدنان الخزاعلة الذي لم ينجح العام الماضي، فقال “لم يكن تفكيري منصباً على الدراسة ولم أهتم بها لكونها غير مجدية اليوم.” موضحاً أنه يفضل الالتحاق  بالمؤسسة العسكرية التي تقدم مزايا عديدة لأفرادها. وأشار الخزاعلة أن الكثير من الطلاب يدرسون الثانوية العامة في الخارج ثم يلتحقون بالجامعات الأردنية وهو مافكر بالقيام به.

من جهته، عزا الناطق الاعلامي باسم الوزارة وليد الجلاد سبب إخفاق الطلاب إلى جملة من الأسباب تتمثل في عدم إعتماد الطلبة على الكتب الدراسية المقررة وإعتمادهم على الملخصات التي تباع في الأسواق وعلى الدروس الخصوصية في المنازل بالإضافة الى غياب الطلاب عن الدوام الرسمي وضعف إهتمامهم بالتعلم.

كما أقرالجلاد أن الترفيع التلقائي للطلاب كان واحداً من أسباب ضعف الأداء الأكاديمي، مؤكداً أنه تم إيقاف هذا النظام حالياً. وبحسب الجلاد، فقد أعدت الوزارة خطة شاملة لتحسين نوعية التعليم، وأجرت زيارات ميدانية لمراقبة الوضع في المدارس، لاستعراض مهارات التدريس الأساسية للمعلمين الذين يعملون على تحضير الطلاب للتوجيهي لتحسين نسب النجاح للأعوام القادمة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى