أخبار وتقارير

دراسة: طموحات تعليمية كبيرة لأولياء الأمور في الإمارات

يهتم أولياء الأمور في الإمارات العربية المتحدة، عندما يفكرون في تعليم أبنائهم، بحصولهم على وظائف أكثر من غيرهم من الأهالي في بلدان أخرى، وفقاً لما أظهره إستطلاع جديد.

تم إجراء الإستطلاع، الذي يحمل عنوان “قيمة التعلم والتعليم من أجل الحياة لعام 2015″، من قبل مجموعة بنوك HSBC للخدمات المصرفية. حيث تم جمع آراء 5500 شخص من أولياء الأمور في 16 بلد مختلف. كانت الإمارات العربية المتحدة، حيث تمت مقابلة 450 شخصاً من الآباء والأمهات، الدولة العربية الوحيدة التي شملها الإستطلاع.

للمشاركة في الإستطلاع، يحتاج المشارك لأن يكون أباً أو أماً لطفل واحد على الأقل يقل عمره عن 23 عاماً، وأن يكون مسؤولاً جزئياً على الأقل بشأن إتخاذ القرارات المتعلقة بموضوع تعليمه. وتم إجراء المسح في شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل.

وبحسب النتائج التي أظهرها الإستطلاع، يمتلك أولياء الأمور المقيمون في الإمارات العربية المتحدة طموحات عالية بشأن التعليم العالي لأبنائهم. حيث قال 92 في المئة من الآباء الإماراتيين الذين شملهم الإستطلاع إن الشهادة الجامعية ضرورية لأبنائهم لكي يمضوا قدماً في الحياة، مقارنة مع المعدل العالمي البالغ 79 في المئة.

certi ara 2

فيما كان التفاوت أكثر وضوحا عند الحديث عن الحصول على شهادة إضافية. حيث يعتقد ثمانية من كل عشرة آباء إماراتيين بأن أبنائهم يحتاجون  للحصول على درجة الماجستير أو شهادة أعلى – فيما كان المعدل العالمي لهذا السؤال في حدود خمسة آباء من أصل عشرة. وبدا أولياء الأمور في المملكة المتحدة، مع نسبة 14 في المئة، الأقل في إعتقادهم بأن الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه مطلوب من أجل تحقيق النجاح.

إن الرغبة في الحصول على تعليم عالٍ قوي شعور يمكن لشارلوت سيفي، المغتربة البريطانية المقيمة في دبي والأم لطفلٍ واحد، أن  تتفهمه. قالت “أود أن يذهب إبني إلى الجامعة. وقد قمت بالفعل بإجراء حساب توفير خاص به من أجل القيام بذلك.” وأضافت بأن معظم المهن تتطلب الحصول على شهادة هذه الأيام، وإذا ما تبين لها بأنه سيكون ذو توجه أكاديمي، فإنها ستشجع إبنها إدوارد للحصول على درجة إضافية بعد شهادة البكالوريوس.

تعرف سيفي بشكلٍ أفضل بكثير من معظم الناس أهمية الحصول على مؤهلات أكاديمية: فهي تعمل في مجال التوظيف في إحدى شركات الإستشارات الإدارية. وتقول  إن المؤهلات في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة في الغالب الأكثر قيمة من حيث إمكانيات الحصول على وظيفة. ولهذا فإنها ستشجع أيّة طموحات لدى إبنها قد يمتلكها في هذه المجالات. لكنها تقول إنها تريده أن يكون سعيدا في مهنة يستمتع بالقيام بها.

يفكر معظم أولياء الأمور الإماراتيين الذين شملهم الإستطلاع بذات الطريقة – حيث إختار 60 في المئة منهم “أن يكون سعيدا في حياته” بإعتباره واحداً من ثلاثة أهم أهداف يسعون لتحقيقها لأطفالهم عندما يصبحون أشخاصا بالغين. ومع ذلك، فإن هذه النسبة أقل وبشكل ملحوظ مما هي عليه في البلدان الأخرى. ففي فرنسا يقفز الرقم إلى 86 في المئة، تليها كندا والمملكة المتحدة بنسبة 78 و77 في المئة على التوالي.

wishes ara1

لكن العديد من أولياء الأمور في الإمارات، مثل السيدة سيفي، لا يزالون يركزون على الطب، والهندسة، وعلوم الحاسوب على أنها المسارات المهنية المفضلة بالنسبة لأطفالهم.

قد يكون الولع بالمهن التقليدية رد فعل على الوضع الإقتصادي الراهن في المنطقة. فالبطالة في الدول العربية قضية طال أمدها، على الرغم من أن الوضع وبشكلٍ واضح أقل سوءاً بكثير في دول مثل الإمارات العربية المتحدة. لكن تقريرًا منفصلا صدر في أيار/مايو من هذا العام من قبل منظمة العمل الدولية ذكر قضايا من قبيل إنخفاض أسعار النفط، والتحولات السياسية الصعبة كعوامل تعيق النمو الإقتصادي في المنطقة.

يمكن أن تعزى طبيعة التطلعات التعليمية لأولياء الأمور في الإمارات العربية المتحدة للبنية الإجتماعية والإقتصادية في دول الخليج، كما تقول ناتاشا ريدج، المديرة التنفيذية لمؤسسة سعود بن صقر القاسمي لأبحاث السياسة العامة. تعمل المؤسسة ويتم تمويلها من قبل حكومة إمارة رأس الخيمة في الإمارات العربية المتحدة من أجل إنجاز أوراق بحثية في السياسة التعليمية. كما تدير برنامجا لتقديم المشورة المهنية للطلاب من المواطنين الإماراتيين قبل الذهاب إلى الجامعة.

تقول ريدج “إن التركيبة السكانية هنا غير منتظمة جدا. ففي المملكة المتحدة أو فرنسا يمكنك أن تجد جميع الأنواع من أولياء الأمور، لكن هنا يمكنك أن تقابل جماعة يغلب عليها الطبقة الوسطى بشكلٍ واضح.” وأوضحت بأن أغلب السكان في الإمارات العربية المتحدة يتألفون من العمالة الوافدة، مثل سيفي، وهم متعلمون بواقع الحال ومن الطبيعي أن يرغبون في حصول ذات الشيء بالنسبة لأطفالهم. وأضافت “كما إن الإماراتيين مؤهلين أكاديميا جدا في طريقة تفكيرهم.”

أحد التفسيرات في تفضيل أولياء الأمور الإماراتيين للمهن المرتبطة بالعلوم والهندسة يمكن أن يكون بسبب قلة المعرفة بالمجالات الأخرى المتاحة، بحسب ريدج. حيث تقول “الإستشارات المهنية ليست جيدة. قد تمتلك معظم المدارس هنا إستشاريي وظائف، لكنهم في الغالب من المغتربين العرب ممن جاءوا من بلدان ذات خيارات مهنية محدودة هم أنفسهم.” وأوضحت ريدج بأن معظم المؤسسات التعليمية تفتقر لأدوات التشخيص اللازمة لمساعدة الطلاب على معرفة كيف يمكنهم إستغلال مواضع قوتهم وإستثمارها في مجال العمل.

ratio ara 3

تدير مؤسسة ريدج برنامجا لإختبارات الكفاءة للطلاب الإماراتيين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما. وتتم مناقشة النتائج مع الطلاب وأولياء أمورهم. ويأمل القائمون على البرنامج أن توسع تلك المناقشات الآفاق المهنية للطلاب قبل التقدم للإلتحاق بالجامعة.

وأعرب ما يقارب من نصف أولياء الأمور الذين شملهم الإستطلاع في الدراسة عن إعتقادهم بأن جيل أبناءهم يواجه سوق عمل أصعب عما كان عليه الحال في زمانهم. لكن يمكن للتنوع في التطلعات – والتأكد بأنه لن يتنافس كل طالب من أجل أن يكون طبيباً أو مهندساً – أن يساهم في تخفيف الزحام الذي يشهده سوق العمل في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى