أخبار وتقارير

طلاب جامعة القاهرة يشتكون من برامج اللغة الإنجليزية

القاهرة- يشعر طلاب جامعة القاهرة بالإحباط إزاء دورات اللغة الإنجليزية، التي من المفترض أن تدفعهم إلى الأمام نحو الاقتصاد العالمي. ولكنهم اكتشفوا أنها مجرد تجارة مربحة لا يهتم أعضاء هيئة التدريس بمحتواها.

قالت هايدي إبراهيم، طالبة السنة الرابعة بقسم اللغة الإنجليزية في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، والتي تعد أكبر وأعرق الجامعات العامة في البلاد “توقعت أن أجيد اللغة الإنجليزية وأتدرب على ممارسة ما أتعلمه وأن أحضر محاضرات في أماكن مناسبة وأخوض تجربة جديدة تستحق ما أدفعه من مصروفات.” وأضافت “في الواقع، لا يهتم أعضاء هيئة التدريس بتخصيص الوقت لإدارة القسم، فالإدارة تنظر لنا كمجرد مصدر للربح.”

يدفع الطلاب ما بين 900 إلى 1500 دولار أمريكي للحصول على دورات اللغة الإنجليزية حسب نوع الدرجة العلمية، مقارنة بمصروفات زهيدة لا تزيد عن 40 دولار أمريكي يتحملها الطلاب الدارسين لدورات اللغة العربية التقليدية.

تتيح ست كليات في جامعة القاهرة الدراسة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية. ويروج الإداريون لبرامج اللغات الأجنبية على أنها فرصة عظيمة للحصول على وظائف رفيعة المستوى مستقبلاً.

ولكن الطلاب في معظم دورات اللغة الإنجليزية يشتكون من أن كتبهم ومستوى أساتذتهم والمحتوى الدراسي لدوراتهم ليس بأية حال أفضل –إن لم يكن أسوأ- من برامج اللغة العربية.

من جانبها، قالت هدير سامي، طالبة علوم سياسية في السنة الدراسية الثالثة وتدرس حاليًا أيضًا اللغة الإنجليزية “كان من الأفضل لي أن أنفق هذا المال على الدورات التدريبية خارج الكلية بدلاً من انفاقها هنا بلا استفادة حقيقية.”

بينما رفض جابر جاد نصار، رئيس جامعة القاهرة، طلبنا لمناقشة شكاوى الطلاب. يعتبر الطلاب غير راضين بصفة خاصة عن ضعف مستوى كتب اللغة الإنجليزية التي يحصلون عليها.

ويبرر إداريو الجامعة في أغلب الأحوال ارتفاع تكلفة دراسات اللغة الإنجليزية بارتفاع سعر كتب اللغة الإنجليزية التي تصل لمئات الدولارات على مدار العام للدورة الواحدة. ولكن الطلاب يرفضون هذه الإدعاءات.

قالت هايدي، والتي كانت قد شاركت في مظاهرات الطلاب حول هذا الموضوع “أدفع 900 دولار سنويًا للحصول على الكتب الدولية، ولكني أحصل على كتاب واحد في كل فصل دراسي. أما باقي الكتب فكلها دون المستوى. لذلك، نظمنا هذه المظاهرة.”

هذا العام، قالت هايدي إنها لم تتسلم أية كتب على الإطلاق. وقال الطلاب وأعضاء هيئة التدريس “على الأغلب يحدد الأساتذة مواد للطلاب لقراءتها على شبكة الإنترنت. ويقول بعض الأساتذة إن زملاءهم في بعض الأحيان يستخدمون ويكيبيديا وغيرها من المصادر المشكوك فيها في محتويات الدورة.

بدورها، قالت سهير عثمان، أستاذة الصحافة “إنها حقًا فوضى. فالكتب توزع على الطلاب قبل التحقق من مصدرها.”

وقال وليد بركات، وكيل كلية الإعلام لشئون الطلاب إنه يتوقع وصول كتب جديدة قريبًا. وأضاف “لقد طلبنا من الأساتذة التحقق من محتوى المناهج التي يدرسونها للتأكد من التزام المحتوى بشروط الجودة حتى يتم حل هذه المشكلة.”

وقالت أميرة عصام، الطالبة في السنة الدراسية الثالثة في قسم اللغة الإنجليزية في كلية رياض الأطفال “يمكن أن نتقبل النصوص المأخوذة من الإنترنت إذا لم تكن من مصادر مجهولة.” وأضافت “حتى ترجمتها رديئة. نحن ننفق حوالي 54 دولارًا أمريكيًا في كل فصل دراسي على مواد القراءة الإلزامية.”

نظرًا لنقص الكتب، خفض قسم اللغة الإنجليزية في كلية العلوم السياسية مصروفاته بقيمة 250 دولارًا أمريكيًا. ولكن يتعين على الطلاب الآن إيجاد الكتب وشرائها بمعرفتهم.

من ناحية أخرى، قال طلاب كلية التجارة إنهم تسلموا كتبًا ذات جودة عالية باللغة الإنجليزية، ولكنهم لا يستخدمونها داخل فصولهم. وقالت فرح المنشاوي، طالبة بالسنة الرابعة في كلية التجارة “لدي كتب تسلمتها خلال الأعوام الأربعة الماضية، ولكنها لا تزال بغلافها لم تفتح بعد.” 

كحال طلاب كلية العلوم السياسية، يجب على طلاب كلية التجارة إيجاد مواد أخرى لتضاف لمحاضراتهم. ويتوجه معظمهم لمنطقة بين السرايات، وهي منطقة بجوار الجامعة يوجد بها منافذ لبيع مذكرات وملخصات لمحاضرات وامتحانات الأساتذة.

ويلوم محمد مهنا، أستاذ تجارة والمسؤول عن قسم اللغة الإنجليزية بالكلية، الطلاب على هذه المشكلة. قال “لقد أصبح الطلاب كسالى؛ حيث ينبغي عليهم قراءة الفصول التي ناقشوها أثناء محاضراتهم كاملة من الكتب في منازلهم. ولكنهم يستعيضون عن ذلك بمذكرات خارجية. إنها مسؤولية الطلاب فلا يمكننا إجبارهم على القراءة.”

ويشتكي الطلاب من مشكلة أخرى، ألا وهي الأساتذة  غير المؤهلين لتدريس اللغة الإنجليزية، حيث لا يستطيع الكثير من أعضاء هيئة التدريس التحدث بالإنجليزية أو تقديم المحاضرة بطلاقة باللغة الإنجليزية، على حد قولهم.

قالت غادة الخولي، طالبة في كلية التجارة، والتي درست في مدرسة لغات لتحسين مهاراتها اللغوية “لقد اضطررت للعمل خارج الكلية في مكان يمكنني خلاله أن أتمرن على ممارسة اللغة الإنجليزية؛ حيث لم يتاح لي ذلك في الكلية.”

وأضافت سهير عثمان “يجيد بعض الطلاب التحدث باللغة الإنجليزية أفضل من أساتذة أقسام اللغة الإنجليزية، فلقد حارب الكثير من أعضاء هيئة التدريس لتدريس هذه الدورات للحصول على مرتبات أعلى.”

وقال وليد بركات أدرك الإداريون طبيعة المشكلة وتعهدوا بحلها “لقد بدأنا بالفعل في تحاشي تكرار المشكلة في هذا الفصل الدراسي.” وأضاف أنه كان يتمنى تعيين الأساتذة الحاصلين على درجة الدكتوراة في اللغة الإنجليزية من جامعات في الخارج.

ولكن تعتبر إجادة الطلاب للغة الإنجليزية أيضًا مشكلة، حيث يمكن لأعضاء هيئة التدريس في كلية التجارة التحدث باللغة الإنجليزية ولكن لا يمكن للكثير من الطلاب إجراء مناقشات متنوعة باللغة الإنجليزية. خلال العام الماضي، قبلت الكلية 1800 طالب مقارنة بحوالي 350 طالبًا عند افتتاحها منذ 15 عامًا. قال مهنا  “في البداية، كنا نقبل بأفضل الطلاب من المدارس الأجنبية ولم نكن نستخدم اللغة العربية على الإطلاق. أما الآن يتحدث القليل منهم فقط اللغة الإنجليزية، ولا يجيد بالضرورة أغلبهم الإنجليزية. ومن ثم، لم يصبح الأساتذة بارعين في اللغة كما كانوا فيما سبق، حيث ينبغي عليهم النزول لمستوى الطلاب.”

كما يعاني طلاب جامعة القاهرة الدارسون لدورات اللغة الإنجليزية من قلة فرص التدريب وغيرها من التجارب العملية. 

قالت سهير عثمان “حتى وقت قريب، كانت تتاح للطلاب فرصة الكتابة لمجلة جامعية، ولكن وقف نشرها. ولكن يتاح لطلاب قسم اللغة العربية تدريبًا وظيفيًا في الدوريات المحلية. في الوقت الذي يحتاج فيه طلاب قسم اللغة الإنجليزية إلى التقديم في هذه البرامج بأنفسهم.

في قسم اللغة الإنجليزية في كلية التجارة، يمكن للطلاب التخصص فقط في عامهم الرابع، حيث يختارون ما بين تخصص إدارة أعمال، أو المحاسبة، أو التأمين. ولا تنفع هذه التخصصات كثيرًا عند البحث عن وظيفة في الواقع، كما قال الطلاب.

قالت فرح المنشاوي “تشمل إدارة الأعمال مجالات أخرى مثل التمويل والتسويق. أريد أت أتخصص في إحداها. فنحن ندرسها بشكل عام كجزء من إدارة الأعمال لمدة عام واحد. ولكن كان ينبغي علينا أن ندرسها على مدار الأعوام الثلاثة الماضية.”

من ناحية أخرى، يشعر الطلاب في قسمي اللغة الفرنسية في كليتي الحقوق والعلوم السياسية بالرضا عن تجربتهم الدراسية بصفة عامة.

يدفع الطلاب الدارسون لدورات القانون باللغة الفرنسية نفس المبالغ التي يدفعها طلاب دورات اللغة الإنجليزية، ولكنهم يدرسون من المذكرات التي يدونوها خلال المحاضرات من أساتذتهم ويتابعون من خلال قراءة مواد إضافية من مكتبة الجامعة أو بواسطة قواعد البيانات القانونية المجانية باللغة الفرنسية على شبكة الإنترنت، كما قال محمد نبيل، طالب قانون في عامه الجامعي الأول.

يحمل الطلاب المتخرجون درجات ليسانس من جامعة السوربون بالإضافة إلى ليسانس جامعة القاهرة. وقال نبيل “ندرس نفس المنهج الذي يدرسونه في الجامعات في فرنسا.”

قالت هايدي إبراهيم، الطالبة في كلية الإعلام، إن نجاح البرنامج الفرنسي يؤكد أن جامعة القاهرة يمكنها أن تقدم برامج ناجحة باللغات الأجنبية إذا كان الإداريون والأساتذة على قدر من النظام والدقة. وأضافت هايدي “ينبغي أن تكون هناك خطط واضحة للطلاب الذي يتحملون مصروفات دراستهم، بحيث تضمن لهم الحصول على خدمات تعليمية مناسبة مقابل ما يدفعونه من مصروفات.”
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميل

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى