أخبار وتقارير

ليبيا: حرب مشتعلة وجامعات منسية

يلتحق آلاف الطلاب الليبيون بجامعاتهم هذا الشهر محاولين البدء بعامهم الدراسي الجديد، الذي لطالما تأجل. لكن دراستهم يمكن أن تتوقف في أي لحظة بسبب استمرار القتال وغياب الأمن.

قالت سعاد المبروك، طالبة في السنة الثالثة في كلية الطب في جامعة سبها، “أرغب بالعودة إلى جامعتي، لكنني لست متأكدة من إمكانية حدوث ذلك.”

العام الماضي، احتلت مجموعة مسلحة سكن الطالبات في جامعة سبها ونصبت منصات مدافع الهاون على أسطح السكن مجبرة الطالبات على المغادرة فوراً. لاحقاً، تمكنت المبروك وصديقاتها من العودة للسكن لأخذ حاجاتهم. قالت “صدمنا من حجم الخراب، الطلقات الفارغة وقذائف الأر بي جي كانت تملئ المكان. بينما كانت ملابسنا وكتبنا مرمية في الممرات. لم نتمكن من التعرف على أغراضنا وسارعنا بالمغادرة خائفين.”

اليوم، تشهد ليبيا انقساماً مريراً مع وجود حكومتين ومجلسين تشريعيين والكثير من الفصائل المقاتلة التي تتنازع على السيطرة على البلاد ومقدراتها. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فر أكثر من 400 ألف ليبي من البلاد هرباً من القتال. كما تعرضت جامعات البلاد للقصف، واضطرت بعض الجامعات الحكومية إلى إيقاف التعليم. وأوقف المجلس الثقافي البريطاني ووزارة الخارجية الأمريكية، الذين كانا يعملان على دعم التعليم العالي، أنشطتهما في البلاد.

لا يزال سكن الطالبات التابع لجامعة سبها، والذي كان يستضيف 200 طالبة، تحت سيطرة الجماعة المسلحة حتى الساعة.

قالت المبروك “إذ لم أتمكن من العودة للسكن هذا العام، فلن أتمكن من استكمال دراستي.” مشيرة إلى أن قريتها زويلة تقع على بعد 190كم جنوب غرب سبها.

المبروك ليست وحدها. فهناك مئات الطلاب الغير قادرين على الوصول إلى جامعاتهم بسبب سوء الأوضاع الأمنية. قالت مباركة يوسف، طالبة في السنة الثانية في كلية الطب في جامعة سبها، “الطرق لم تعد أمنة. أريد الانتقال إلى جامعة طرابلس لكن والدي لا يمتلك الإمكانات المالية اللازمة لمساعدتي. لذا حالياً أنا في المنزل.”

جامعة بنغازي بعد تعرضها للاعتداء، 2014 (تصوير محمد ذيب – EPA)

تتمتع جامعة طرابلس بوضع أفضل قليلاً، إذ تقع الجامعة في العاصمة الليبية الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعارضة المدعومة من قبل جماعات مسلحة والغير معترف بها دولياً. مع ذلك، يبدو الوضع الأمني مقبولاً بحيث يسمح للطلاب بالالتحاق بجامعاتهم في معظم أيام الأسبوع.  في الواقع، تحتضن الجامعة الكثير من طلاب المدن الأخرى الذين فروا من مناطق أكثر عنفاً من البلاد.

أما جامعة بنغازي، والتي تضم نحو 83 ألف طالب وطالبة، فقد اضطرت إلى إيقاف الدروس في مبانيها بسبب احتدام الصراع. تعمل الجامعة حالياً بشكل مؤقت في المدارس الثانوية في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة الليبية المعترف بها دولياً، والتي لا تزال تقاتل للسيطرة على المدينة بشكل كامل ضد القوات المتحالفة مع ميليشيا تنظيم الدولة الإسلامية.

في شمال غرب ليبيا، تعمل جامعة الزاوية بأكثر من نصف طاقتها.

قال عمر سلطان، عميد كلية هندسة النفط والغاز بجامعة الزاوية شمال غرب ليبيا، “تكمن المشكلة الرئيسية في انتشار السلاح وعدم وجود ميزانية هذا العام.” بحسب سلطان، فإن 60 في المئة من طلاب الجامعة يواظبون على الحضور.

بدوره، قال أيمن نوري، طالب في قسم الهندسة الكيمائية بجامعة الزاوية، “كل شخص لديه بندقية الآن. الوضع خطير جداً حوادث القتل والخطف يمكن أن تحدث في أي وقت وأمام أعين الجميع.” وطالب نوري  باتخاذ تدابير أمنية أفضل لحماية الجامعات.”

يبدو واقع التعليم قاتماً في البلاد التي تشهد تدهوراً أمنياً كبيراً وظروفاً معيشية سيئة، إذ تصل فترة انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة يومياً في العديد من المناطق.

قال أحمد مختار سويدان، أستاذ مساعد في كلية الهندسة في جامعة المرقب شمال ليبيا، “إن التحديات لاتعد ولا تحصى.” فإلى جانب المشاكل الأمنية تحتاج “المرافق التعليمية والمختبرات إلى صيانة وإصلاح.”

ويعمل الأساتذة الجامعيون في ظروف غير مستقرة، مع عدم الإنتظام في تسديد أجورهم وغياب التأمينات الصحية أو الإجتماعية كما قال علي الأسود، رئيس قسم الهندسة النفطية في كلية هندسة النفط والغاز بجامعة الزاوية. قال “نعمل في ظروف مهنية خطيرة جدا.  لايمكنك التدريس بشكل طبيعي بوجود بعض الطلاب المسلحين.”

يعتقد البعض أنه من السابق لأوانه التكهن بمصير العام الدراسي الجديد. قال الأسود “نحاول القيام بعملنا، لكن يجب توفير جامعات آمنة قبل البدء بالتدريس.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى