أخبار وتقارير

وعود وشكوك حول حوار إصلاح التعليم التونسي

تونس- بعد خمسة أعوام على إندلاع الثورة التونسية والإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي الديكتاتوري، تبدو تونس على أعتاب ثورة جديدة في قطاع التعليم هذه المرة.

إذ تشهد البلاد، التي تعتبر قصة النجاح الوحيدة للربيع العربي، منذ الصيف الماضي لقاءات رسمية متتالية لبحث سبل إصلاح منظومة التعليم المدرسي والجامعي. تضم الاجتماعات ممثلين عن الوزارات المعنية والجامعات والنقابات وأيضاً الطلاب لمناقشة أربعة نقاط أساسية هي:  الحوكمة والحياة الجامعية وتطوير المناهج ودعم البحث العلمي.

قال ناجي جلول، وزير التربية، “نحن كوزارة ندق ناقوس الخطر لأن المنظومة التعليمية في المدارس والجامعات تشهد تراجعاً مستمراً”، مشيراً إلى أن وضع التعليم في البلاد يستدعي إعلان الحداد العام وتنكيس الأعلام.

تبدو التحديات كبيرة. إذ إ شهدت تونس بعد الثورة إرتفاعاً في  نسبة الانقطاع المبكر عن الدراسة وصلت إلى حوالي 130 ألف طالب سنوياً بحسب مكتب اليونيسف في تونس. كما حلت البلاد في مرتبة متدنية في التقييم الدولي المتعلق بقياس كفاءة النظم التعليمية للبلدان والقدرات الاستيعابية للتلاميذ ضمن البرنامج الدولي لمتابعة مكتسبات التلاميذ حيث جاء تصنيفها بين الخمس دول الاخيرة على مقياس يحتوي 65 دولة. من جهة أخرى، تعاني تونس من نسبة بطالة مرتفعة، وصلت إلى 15 في المئة في الثلثين الثاني والثالث من العام الحالي، 32 في المئة منهم من حاملي الشهادات العليا بحسب نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للمعهد الوطني للإحصاء. (إقرأ القصة ذات الصلة: شباب تونس بلا عمل أو أمل).

وبحسب نتائج المسح، فإن النظام التعليمي المعتمد في الجامعات لا يمنح الطالب التونسي المهارات الكافية واللازمة لسوق العمل. حيث تعتمد الجامعات التونسية منذ عام 2006 نظام “لـ.م.د.” المعتمد في فرنسا، والذي يستغرق فيه الحصول على شهادة البكالوريس 3 سنوات فقط، سنتين للماجستير وثلاث أو أكثر للدكتوراه.

يبدي بعض المشاركين في الحوار حماساً لوجود فرص للتغيير.

قال حسين بوجرة، أستاذ جامعي وكاتب عام جامعة التعليم العالي، “أخيراً تحقق ما كنا نطالب به منذ عهد النظام السابق، الذي كان يرفض الإصلاح ويعمل على تطويع التعليم والجامعات لفائدته.”

يكتسب الحوار أهمية، بحسب بوجرة، لكونه حواراً أفقياً بين الطالب والأستاذ وليس حواراً من أعلى إلى أسفل.

قالت أروى البركاتي، طالبة ماجستير في قسم البيولوجيا وإحدى المشاركات في الحوار، “سعيدة بالسماح لما بالمشاركة أنا وزملائي وإبداء رأينا بمنظومة الإصلاح، لأننا نحن من نعيش المشكلات ونواجهها يومياً.”

لكن وائل نوار، أمين عام الاتحاد العام لطلبة تونس، يعتقد أن عناصر الحوار غير مكتملة. إذ لم تتم دعوتهم للمشاركة كمنظمة طلابية في الحوار، وإنما تم تبني مشاركات لطلاب بصورة فردية وليس ضمن منظمات.

قال “يبدو الحوار صورياً لكسب دعم لمشروع وزاري جاهز لإصلاح التعليم. لم يكن الطلاب نقطة إنطلاقة هذا الحوار، ووجودهم شكلي لضمان تمرير مشروع معد مسبقاً.”

ويعتقد نوار أن اقتراحات الطلاب المقدمة لا تلقى اهتماماً كافياً ولا تطال الحلول المقترحة مشكلة البطالة التي يعاني منها غالبية خريجي الجامعات في تونس. قال “نسبة البطالة بين صفوف الشباب وخريجي الجامعات في ازدياد، فما الفائدة من نظام تعليمي ضعيف الجودة لا يتماشى مع متطلبات سوق الشغل.” وأضاف “نعلم جيداً أن النظام التعليمي الحالي جاء في إطار اتفاقات مرتبطة بقروض زمن الرئيس المخلوع بن علي وقد تم اعتماده دون أية دراسة جدية، فثلاث سنوات لاتكفي للحصول على شهادة الإجازة في ظل غياب المعدات اللازمة للتدريس وضعف البنية التحتية ومحدودية الإطار الكفء للتدريس.”

يتفق بوجرة، مع نوار على ضرورة مراجعة النظام التعليمي المعتمد حالياً بالإضافة لقضايا أخرى لا تقل أهمية كالمناهج والحوكمة. قال “تتطلب منظومة التعليم العالي الحالية إصلاحاً جذرياً يبدأ بالمناهج وإعداد الأساتذة مروراً بالحوكمة ونظام لـ.م.د.” مشيراً إلى ضرورة أن يشمل الإصلاح أيضاً التعليم المدرسي.

بدوره، يعقد  عبد الستار السحباني، رئيس المرصد الاجتماعي، بأهمية “تحديد المشكلات كخطوة أولى في طريق حلها، وأولى المشكلات تبرز في التعليم المدرسي الذي يجب أن يحظى بحصة جيدة من النقاش.”

مؤخراً، تم إيقاف جلسات الحوار إلى أجل غير مسمى في ظل استمرار تطبيق حالة الطوارئ في البلاد بعد الاعتداءات الإرهابية التي وقعت في العاصمة التونسية مطلع الشهر الماضي. كما لم يتم الإعلان عن موعد استئناف الجلسات، إلا أن البعض مازال يبدي حماسة لإستمراره.

قال بوجرة “دارت عجلة التغيير ولاشئ سيوقفها وإن توقفت لبعض الوقت.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى