مقالات رأي

كيف تجعل جامعتك مشهورة

كثيراً ما يطلب منا – نحن الصحافيين – تقديم مشورات حول كيف يمكن للجامعات أن تتواصل بأفضل الطرق مع وسائل الإعلام حول مهامها وإنجازاتها. وغالباً ما يتوقع القائمون على الجلسات النقاشية في المؤتمرات التعليمية أن نقدم لهم حلولاً سحرية حول سبل توظيف وسائل التواصل الإجتماعي أو علاماتهم التجارية لرفع سمعة مؤسستهم إلى قمة التصنيف العالمي.

لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً. إذ أن التواصل في مؤسسات التعليم العالي مهمة ليست يسيرة واعتقاد مسؤولي العلاقات العامة أن شريط فيديو على شبكات التواصل الإجتماعي يمكن أن يرفع اسم مؤسستهم هو مضيعة حقيقية لوقتهم. في الواقع، تحمل مثل هذه “الإصدارات المفاجئة” انعكاسات سلبية حتى وإن كان هدفها تحقيق أثر إيجابي.

لا يمكن لخبر فوز أحد أعضاء الهيئة التدريسية بجائزة نوبل – على سبيل المثال- أن يحقق الأثر المرجو في ظل غياب العمل اليومي للجامعة لكسب ثقة واحترام وسائل الإعلام. إن كسب احترام الصحافيين يتطلب الرد على مكالمتهم حتى في الأوقات التي قد يفضلون فيها تجنبها، والتزام الصدق في الوقت الذي يبدو فيه من السهل الكذب أو عدم التصريح. عندها فقط يدرك الصحافيون أن الرسائل الإلكترونية لمسؤولي الاتصالات في الجامعة حول “إنجازات الجامعة الرائدة” لن تضيع وقتهم.

إن العمل على بناء علاقات مع هؤلاء القادرين على التأثير على الرأي العام يعني الوصول للمؤثرين من السياسيين والقادة والشخصيات العامة التي يمكن بدورها أن تتحدث عن إنجازات المؤسسات. وعليه، يحتاج قادة الجامعات إلى عقد اجتماعات منتظمة مع هؤلاء المؤثرين. لا يجب أن تنحصر هذه اللقاءات بأحداث معينة مثل طلب تمويل أو تغيير السياسات أو تخفيضات ضريبية، لكن يفترض أن تكون اللقاءات مستمرة وروتينية للحفاظ على تواصل مستمر.

هنا، أقدم بعض الاقتراحات حول ما يمكن القيام به وما يجب تجنبه:

اقتراحات للعمل بها:

– التركيز على جودة عمل مؤسسة أولاً ومن ثم التفكير لاحقاً بوسائل الاتصال مع الإعلام. هناك العديد من الجامعات التي تقوم بالعكس.

– توظيف أعضاء هيئة التدريس الذين يستطيعون الكتابة بشكل جيد والمهتمين بشرح المجال للآخرين، حيث تفيد كتابات الأساتذة الموهوبين في تسليط الضوء بشكل جيد على عمل المؤسسات.

– مكافأة الأساتذة الكبار. يخلق التعليم أفضل العلاقات الأكاديمية في العالم والتي يستمر مفعولها مدى الحياة. لا ينسى الطلاب معلميهم الجيدين. مازلت لليوم أتذكر أساتذتي الذين علموني شعر وليم بتلر ييتس وروايات تولستوي.

– تشجيع خدمة المجتمع. قد تبدو هذه نصيحة إدارية أكثر منها إعلامية، لكن الجامعات التي تشجع أعضاء هيئة التدريس والطلاب على مساعدة مؤسسات زميلة تتمكن لاحقاً من تخطي أزمات محتملة بصورة أسرع. كما تتمتع الجامعات التي تركز على خدمة المجتمع بالقدرة على التكيف وتكسب أصدقاء سيساعدونها وقت الأزمات، إضافة إلى أن سمعة المؤسسة المحلية يمكن أن تتحول إلى سمعة إقليمية وعالمية جيدة أيضاً.

أمور يستحسن تجنبها:

– لا توظف شركات العلاقات العامة أو مستشارين للاتصالات. إذ عادة ما يكلف ذلك الكثير من الأموال مقابل القليل مما تتوقعه. في المقابل، قم بتوظيف مسؤول اتصالات ماهر يهتم ببناء علاقات جيدة داخل المؤسسة نفسها. أردد كثيراً قصة مسؤول علاقات عامة شاب يحرص على التواصل مع كل الأساتذة في مؤسسته، ولا ينتظر الأساتذة ليخبروه عن أبحاثهم بل على العكس يتابعهم بنفسه ليكسب احترامهم وثقتهم. لذا عندما كانت المؤسسة تنشر بيانات صحفية عن أبحاثهم كانت تلقى الاهتمام الذي تستحقه.

– لا تجبر مسؤولي الاتصالات على الإكثار من البيانات الصحفية أو منشورات فيسبوك. إن قياس الأثر بالحجم عوضاً عن النتائج يخلق ضوضاء ولا يبني رسائل.

– إبقاء العين على النتائج كالزمن الذي يقضيه الزوار في تصفح الموقع وجودة وعدد المتقدمين للالتحاق بالمؤسسة. لا تنسى أن معايير قياس الاتصالات قد تخلق إحساساً زائفاً بالإنجاز. على المدى الطويل يتوجب على إدارة الاتصالات إعتماد القياس بكل الطرق، الصغيرة والكبيرة، وأن الجامعة قد غيرت العالم إلى الأفضل. عندها قد يجد كثيرون أنفسهم يعملون في إحدى الجامعات الشهيرة.

*هذه المقال جزء من كلمة ألقاها ديفيد ويلر، رئيس تحرير الفنار للإعلام في مؤتمر إعادة دور التعليم العالي الذي عقد مؤخراً في إسبانيا. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى