أخبار وتقارير

نموذج للتعليم الدولي: جامعة عالمية مع شبكات موازية

لندن– لا يربط معهد نيويورك للتكنولوجيا، على الرغم من إسمه، هويته بتلك الولاية الأميركية الشهيرة. فبفضل تواجده الملحوظ في إمارة أبو ظبي وستة بلدان أجنبية أخرى، ينظر المعهد لنفسه بإعتباره مؤسسة دولية تجاوزت نموذج الفرع التابع لحرم جامعة ما.

يعتبر المعهد نفسه جامعة واحدة كبيرة تتجاوز الحدود وعابرة للثقافات. قال رحمة شوريشي، عميد المعهد “من ناحية المنهج الدراسي، فالأمر نفسه في جميع الجامعات على الرغم من تأطير المساقات بما يتلاءم مع البيئة المحلية.”

وأضاف “عندما يتخرج طلابنا، فإن دبلومة تخرجهم تقرأ إسم معهد نيويورك للتكنولوجيا فقط. ولا يتم ذكر أي مكان في العالم [تخرج الطلاب منه] لأننا نعتقد بأننا جامعة واحدة.”

منحت الجمعية الدولية للمعلمين (NAFSA) معهد نيويورك للتكنولوجيا جائزة بول سيمون للتدويل الشامل لعام 2016 الشهر الماضي. قالت دوروثيا أنطونيو، أحد كبار المديرين لدى NAFSA، إن النهج المدروس والمبتكر الذي يتبعه معهد نيويورك للتكنولوجيا للحفاظ على التواجد في الخارج هو ما حظي بالتقدير.

كما أشادت أنطونيو أيضاً بالجامعة وإلتزامها الطويل الأمد مع دولة الإمارات العربية المتحدة وإهتمامها المبكر بمجال التدويل. حيث قالت “لقد كان معهد نيويورك للتكنولوجيا في أبو ظبي، على سبيل المثال، أول جامعة أميركية معتمدة ومرخصة في الإمارة.”

ينشط معهد نيويورك للتكنولوجيا حالياً في سبع دول، إما من خلال وجود حرم جامعي مكتمل كما هو الحال في أبو ظبي أو من خلال وجود درجات معينة من الشراكات. فإلى جانب الولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة، تتواجد الجامعة أيضاً في تايوان، وكندا، والبرازيل، وفرنسا، وتركيا، والصين.

وبحسب شوريشي فأن هنالك خطط للتوسع أكثر ويأمل في إضافة الهند والمكسيك وكوريا الجنوبية لملف جامعته في غضون 10 أشهر. بعد ذلك، “إن أفريقيا والنصف الجنوبي من الكرة الأرضية، وأستراليا ونيوزيلندا على قائمة أهدافي.”

قالت أنطونيو إن الجامعة أثارت إعجابها لأن موظفي وطلاب معهد نيويورك للتكنولوجيا ليسوا منعزلين أو عالقين في مكانٍ واحد، “إن أعضاء هيئة التدريس مرتبطين عالمياً من خلال الأقسام وهم منخرطون بشكل تام في التبادل الدولي.”

يجلس الطلاب والأساتذة بشكل روتيني ويعطون الدروس في مختلف الجامعات عن طريق برمجيات إتصال مرئي عالية السرعة، تعرف بإسم Zoom.

قالت آن-ماري باركس، أستاذة تكنولوجيا التدريس في حرم الجامعة بأبو ظبي، “يمكن أن يكون لدي طلاب من فانكوفر، أو طلاباً صينيين، أو طلاباً من نيويورك، يحضرون معي من خلال هذه التقنية.”

لا يكتفي هؤلاء الطلاب الذين ينضمون لمحاضرات باركس بالمشاهدة من خلال الفيديو فحسب، بل يقومون بالمشاركة عندما تحدث مناقشات للمحاضرات في داخل الفصل الدراسي، كما إنهم يكونون قادرين على طرح الأسئلة.

قالت ضاحكة “في الواقع، لا يمكننا إيقافهم.”

يعتبر فرق التوقيت التحدي الرئيسي في ذلك، لكن باركس تعمل على ترتيب دورسها بطريقة إستراتيجية لتحقيق الإستفادة القصوى من الوقت عندما يكون معظم الأشخاص المسجلين في المواقع المختلفة لمعهد نيويورك للتكنولوجيا مستيقظين.

تقول باركس إن ذلك يجعلها قليلاً كما لو كانت أستاذة تحاضر في حرمٍ جامعي بعيد ومنفصل، “إنها ليست مجرد علاقات عامة صاخبة، لكنني حقاً لا أشعر كما لو أنني أحاضر في فرع لجامعة ما.”

في أبو ظبي، يستوعب معهد نيويورك للتكنولوجيا حوالي 400 طالب وطالبة مقسمين على ثلاثة مباني، تضم كل واحدة منها سبعة فصول دراسية مع مختبرات للكومبيوتر. كما يضم أيضاً مكتبة في الحرم الجامعي، ومطعماً، ومقهى، ومساحات خضراء مفتوحة حيث يتجمع الطلاب في الأشهر التي لا يختمر فيها الحرم الجامعي بسبب حرارة فصل الصيف اللاهب.

تدرس رنا القاسم، المنحدرة في الأصل من فلسطين، حالياً لنيل درجة الماجستير في كلية التربية في أبو ظبي. وتقول إن فلسفة “الجامعة الواحدة الكبيرة” لمعهد نيويورك للتكنولوجيا قد منحتها الضمان بالحصول على نفس نوعية التدريس كما لو كانت طالبة تجلس في قاعة محاضرات في مانهاتن.

قالت “أنت تتلقى نفس التعليمات في جميع البلدان. وهذا يعطينا الثقة في أن الأمر مشابه لتخرجنا من نيويورك.”

على مدى العقد أو العقدين الماضيين، تنافست جامعات أوروبا وأميركا الشمالية بحماس لتوسيع مؤسساتهم في الخارج – وخصوصاً في الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى.

وتلجأ الجامعات المختلفة لتحقيق ذلك بطرقٍ مختلفة، حيث يختار البعض إفتتاح فرع جامعي واضح، بينما يذهب آخرون لإتباع نهجٍ أسهل من خلال عقد شراكات إستراتيجية مع جامعات موجودة فعلا على الأرض أو من خلال إفتتاح جمعيات للخريجين الدوليين.

إن أسباب القيام بذلك متنوعة، بحسب جورجو مارينوني، مدير سياسة التدويل في  التابع لمنظمة اليونسكو. قال “نحن ننظر إلى التدويل مع كل إيجابياته وسلبياته. إذ يمكن أن يكون الأمر متعلقاً بإستقطاب الطلاب لكسب المزيد من المال.”

لكن، وفي أكثر أهدافه جدية، يسعى التدويل لتبني الجامعات لمنظور عالمي.

قال مارينوني “إن الهدف النهائي من التدويل هو تحسين  التعليم والبحث العلمي للطالب العالمي.”

يعتقد شوريشي أن جامعته لا تقوم بذلك من أجل المال، بل من أجل تبني التدويل للبقاء على صلة وثيقة بالآخرين في هذا العالم المتغير، حيث قال “الأمر يتعلق بتدريس الطلاب بغض النظر عن مكان تواجدهم ليكونوا أعضاء أفضل في المجتمع العالمي.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى