أخبار وتقارير

جامعة دمشق ومساعي لمكافحة الشهادات المزورة

أصدرت جامعة دمشق مؤخراً أول شهاداتها المعززة رقمياً، كجزء من مبادرة لمكافحة إستخدام الشهادات المزورة من قبل الطلاب الذين قد يزعموا بأنهم قد تخرجوا من أقدم مؤسسة للتعليم العالي في البلاد. إذ ظهرت تقارير عن عمليات إحتيال تتعلق بشهادات مزورة في تركيا ودول الخليج، حيث يحاول اللاجئون السوريون الذين فروا من الحرب الوحشية في بلادهم تعزيز مؤهلاتهم بهدف الحصول على فرص في التعليم أو العمل، سواء في المنطقة أو خارجها.

قالت نور مراد، 29 عاماً، طالبة سورية تدرس للحصول على شهادة الماجستير في الصحافة من جامعة مرمرة بإسطنبول، “يعتقد البعض بأن حمل شهادة جامعية من شأنه أن يحسن من فرصهم في الحصول على حق اللجوء في أوروبا.”

لا توجد إحصاءات دقيقة حول هذه الظاهرة، لكن عباس صندوق، أمين جامعة دمشق، أخبر صحيفة الوطن السورية مؤخراً أنه اكتشف مجموعة من 70 شهادة مزورة عام 2014 وأن هذا بكل وضوح يمثل قمة جبل جليد من الشهادات المزورة التي يتم تداولها بين المهاجرين السوريين. وقد بدأت الجهود لتفادي المشكلة سريعاً في أعقاب ذلك.

في العام الماضي، تلقت جامعة دمشق 800 طلباً لتصديق أوراق التخرج، بحسب المسؤولين. في عام 2011، أي قبل الحرب، كان هذا الرقم بحدود 550 طلب. وحتى مع هذه الزيادة، فإن حصيلة العام الماضي تبدو منخفضة.

قالت ريم نادر، مديرة قسم حماية المعلومات بجامعة دمشق، “ربما لم يبدأ معظم السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا العام الماضي بالدراسة أو العمل، لذلك فإن الأرقام لم ترتفع بشكل كبير بعد.”

تتضمن المبادرة الجديدة في جامعة دمشق قاعدة بيانات على الإنترنت مؤلفة من شفرات سيتم تضمينها على الشهادات الممنوحة بدء من عام 2016. كما ستتضمن الشهادات أيضاً ملصقات أمنية ليزرية ثلاثية الأبعاد تم إستيرادها من ماليزيا. وستتم طباعة الشهادات على ورق عالي الجودة بحيث تكون عملية تزويره أكثر صعوبة. سيتسلم الطلاب الذين تخرجوا بعد الفصل الدراسي الربيعي الذي إنتهى في السابع عشر من نيسان/ أبريل الشهادات الجديدة هذه.

قال إياد قدور، رئيس قسم التدريب والتأهيل بالجامعة، “من خلال هذه الجهود، سنقوم بالحفاظ على سمعة ومكانة جامعة دمشق بإعتبارها مؤسسة أكاديمية محترمة، فضلاً عن توفير الوقت، والمصاريف، والجهود المبذولة من قبل الخريجين الجدد.”

كما ستحدد الشهادات الجديدة أيضاً وبوضوح أسماء الطلاب كما تظهر على جوازات سفرهم، لتتمكن المؤسسات الأجنبية من التحقق بسرعة من هوية الطالب من دون الحاجة للإتصال بجامعة دمشق. قال قدور “في العادة، تستغرق جامعة دمشق ما يقرُب من الشهرين للتحقق مع صحة وثائق كل خريج.”

عمل فريق من المشرفين على ملء سجلات الطلاب في قاعدة بيانات الجامعة على مدى العام ونصف العام المنصرم.

كانت ماريا الريس، 25 عاماً أحد أعضاء الفريق الـ90 العاملين في المشروع، تقوم بمسح البيانات إلكترونياً وإدخالها بمعدل 85 ملف للطلاب يومياً. ويتخرج من جامعة دمشق حوالي 10.200 طالب سنوياً. قالت “كان هنالك الكثير من العمل، لاسيما بالنسبة للكليات التي تتطلب من الطلاب عدة سنوات للتخرج، مثل كلية الحقوق.”

سيستمر الخريجون بحمل الشهادات القديمة المطبوعة على ورق عادي ومن دون العناصر الرقمية، مما يجعلها قابلة للتزوير بكل تأكيد. لكن الشهادات البديلة ستحتوي على بصمة قابلة للتعقب، بحسب قدور. كما يطلب مسؤولو الجامعة من الخريجين توفير تقرير من الشرطة يشير إلى أنهم قد فقدوا شهاداتهم، أو إظهار النسخة الممزقة من شهاداتهم القديمة، في حال رغبتهم في الحصول على نسخة بديلة. فيما ستطبع شهادات الخريجين المصدرة حديثاً على ورق آمن.

يعتبر عدم وجود وثائق إعتماد رسمية، يمكن التحقق منها، مشكلة شائعة في أوساط الطلاب السوريين من اللاجئين الذين غادروا بلادهم، في كثير من الحالات فجأة ومن دون أية وثائق. ويزيد  ظهور شهادات مزيفة في النظام التعليمي من صعوبة وضعهم، مما يلقي بالشكوك على جميع الطلاب اللاجئين، بما في ذلك أولئك الذين حصلوا على شهاداتهم بشكل قانوني.

يدفع اللاجئون وغيرهم أحياناً ما لا يزيد عن 100 دولار أميركي للحصول على نسخة مدققة من شهاداتهم، بحسب مراد، مضيفة بأنه من السهل الحصول على شهادات سورية مزورة في إسطنبول. لكن، بإمكانهم أيضاً دفع ما يصل إلى 2000 دولار أميركي للموظفين الفاسدين في جامعة دمشق للحصول على شهادات قانونية ظاهرياً وهو ما يتطلب من المسؤولين تزوير سجل أكاديمي بصورة غير قانونية للخريج المفترض، كما أضافت مراد.

وقد يستخدم الطلاب السوريون شهادات مزورة للإلتحاق في برنامج الدراسات العليا التركي والذي يوفر لهم تأميناً صحياً، بحسب مراد.

في ألمانيا، حيث إرتفع عدد الطلاب السوريين المتقدمين إلى الجامعة بشكل ملحوظ على مدى العامين الماضيين في وقت إستمرار أزمة اللاجئين إلى أوروبا، إكتشف مسؤولو القبول في الجامعات شهادات مزورة، بحسب مارتن نيشتغز، مساعد مجلس الإدارة في مؤسسة يوني أسيست uni-assist، المؤسسة الخدمية التي تساعد الطلاب الأجانب على التقديم للكليات في ألمانيا. لكن هذه المؤسسة والجامعات الأوروبية تعلمت كيفية رصد التزوير وإستشارة الخبراء أو التأكد مرة ثانية من قواعد بيانات أخرى إذا ما كانوا في حالة شك، بحسب نيشتغز. وأشار نيشتغز إلى أن غياب المهارات اللغوية، وليس غياب دليل على التخرج، غالباً ما يكون سبب رفض الطلبات التي يتقدم بها الطلاب السوريون.

قالت عزيزة عثمان، عضوة مجلس الإدارة في جسور، منظمة سورية غير حكومية تساعد الطلاب السوريين الساعين للدراسة في الخارج، “تعتمد الكليات أيضاً على إختبارات معيارية لقياس قدرات المتقدمين. لكنهم بحاجة لشهادة معترف بها.”

كما يعتبر إجراء المقابلات طريقة أخرى تعتمدها الكليات لإختبار مصداقية الطلاب. حصل أكثر من 200 سوري من أصل 5000 متقدم على منح دراسية من قبل الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي DAAD، بعد أن خضع حوالي 500 طالب مهتم منهم للمقابلة العام الماضي، بحسب كريستيان هولشهورشتر، المسؤول في الهيئة الألمانية.

اكتشف المسؤولون بأن هناك سبعة من بين الـ500 متقدم الذين تمت مقابلتهم قد قدموا أوراقاً ثبوتية مزورة، بما في ذلك جوازات سفر، بحسب هولشهورشتر. لم يكتشفوا أية شهادات مزورة، لكنهم لا يزالون حريصين على التأكد من تدقيق أوراق الجميع عن كثب.

قال هولشهورشتر “لدينا أساتذة جامعات يعملون جنباً إلى جنب مع الموظفين ذوي الخبرة لفحص معلومات المتقدمين والتأكد فيما إذا كانوا قد حصلوا على التعليم الذي تزعم وثائقهم بأنهم قد حصلوا عليه.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى