أخبار وتقارير

الفنون تعود لجامعة أسيوط

أسيوط— في عام 1989، شارك محمد جمعة لأول مرة في المسرح الجامعي. حينها كان طالباً في كلية الزراعة في جامعة أسيوط. وعلى الرغم من أن رهبة الوقوف على خشبة المسرح لأول مرة غالباً لاتنسى، إلا أن جمعة يتذكر تجربته الأولى لسبب أخر.

قال “هاجم طلاب الجماعة الاسلامية المسرح خلال تقديمنا لفقرتنا واحتجزونا لرفضهم إقامة أي أنشطة فنية بحجة تعارضها مع الدين.”

بعد اشتباك لساعات مع قوات الشرطة، تم إخراج جمعة وأصدقاءه من المسرح عبر سلم الإطفاء. منذ ذلك الحين لم تشهد جامعة أسيوط، التي تعتبر معقلاً لغالبية رموز تنظيم الجماعة الإسلامية، نشاطات فنية تذكر. مؤخراً، تغير الحال. إذ شهدت الجامعة الشهر الماضي إنطلاق أول مهرجان طلابي للأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية والرسوم المتحركة.

قال جمعة، الذي يشغل اليوم منصب رئيس قسم الفنون في الجامعة، “المهرجان خطوة مبتكرة وهامة لباكورة الأنشطة الفنية في الجامعة التي تدفع الشباب إلى التفكير والإبداع.”

تناولت الأفلام، التي أعدها ونفذها طلاب الجامعة بإمكانيات فنية ومادية محدودة، موضوعات تمس حياة الطلاب ومجتمعهم المحيط كدور وسائل الإعلام الاجتماعي، وقضايا الدجل وختان الإناث، وتهميش المرأة وانتشار الفساد.

شهدت العروض ترحيباً واسعاً بين صفوف الطلاب والأساتذة.

قال محمد عبد اللطيف، طالب بالسنة الثالثة بكلية التربية النوعية  “قدم المهرجان فرصة لنا لإظهار مواهبنا الفنية كما أنه خلق حالة إحتفالية في الحرم الجامعي لطالما افتقدناها.”

كما لم يؤثر الطابع المحافظ لمدينة أسيوط وجامعتها على مشاركة الطالبات.

قالت يارا عابدين، طالبة سنة الثانية بكلية الأداب قسم اللغة العربية “لم يكن هناك أي استثناء لمشاركة الطالبات في المهرجان، حتى المشاركات من محافظات أخرى قامت إدارة الجامعة بالتواصل مع ذويهم لطمأنتهم وتشجيع مشاركتهم.”

بدوره، قال عصام زناتي، نائب رئيس جامعة أسيوط لشؤون التعليم والطلاب، “كان المهرجان فرصة رائعة للطلاب للتعبير عن أنفسهم واكتشاف مواهبهم.”

دفع نجاح المهرجان زناتي إلى إتخاذ قرار بإنشاء  قناة على اليوتيوب وإذاعة خاصة بالجامعة بالتنسيق مع قسم الاعلام بكلية الأداب لتبنى المواهب التي ظهرت خلال عروض المهرجان. بالطبع، يسهم المناخ السياسي السائد في مصر حالياً والمعادي لجماعة الإخوان المسلمين منذ تموز/ يوليو 2014 في تشجيع إقامة مثل هذه الأنشطة الفنية في المحافظة التي لطالما اعتبرت معقلاً للإسلاميين المتشددين منذ السبعينات في ظل ضعف وجود الحكومة المركزية فيها.

الطلاب الفائزون في مسابقة المهرجان.

قال مصطفى زهران، الباحث المتخصص في شؤون الحركات الاسلامية في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا” التركي والذي يمتلك مكتباً في القاهرة، “يعتبر دعم السلطة للأنشطة الثقافية والفنية فرصة كبيرة فاعلة لحماية الطلاب من الوقوع تحت تاثير التيار الإسلامي المتشدد الذي طالما نشط في الجامعة في الفترة الماضية.”

مع ذلك، يعتقد الطلاب أنهم بحاجة للمزيد من الدعم.

قال رامي لمعي ناشد، طالب في السنة الرابعة بكلية الخدمة الاجتماعية في الجامعة والفائز بالمركز الأول في المهرجان، “لا يوجد دعم كافي من قبل الإدارة، والنشاط الطلابي الفني أو الرياضي يعتمد بالمقام الأول على جهود الطلاب الشخصية والمالية أيضاً.”

يتفق أحمد محمد نجيب، طالب بالفرقة الثالثة بكلية الزراعة والفائز بالمركز الثالث، مع ما قاله لمعي مضيفاً أن إدارة الجامعة لم تسمح له سوى بيوم تصوير واحد داخل الجامعة.

قال “لم يكن هناك تمويل لإنتاج الأعمال الفنية وحصلت على موافقة التصوير بصعوبة.”

من جهة أخرى، اقتصر حضور المهرجان على طلاب الجامعة بسبب عدم وجود إعلانات.

قال عز الدين المنصوري، مدير رعاية الشباب في الجامعة، “جميع أنشطتنا مفتوحة أمام الجمهور العام. لكن ضعف الميزانية لم يسمح بالدعاية بشكل كاف. لكننا سنتفادى هذه المشكلة المرة القادمة.”

لا ينكر جمعة عدم وجود ميزانية لدى الجامعة لدعم الأنشطة الفنية، لكن ذلك لا يعني عدم اهتمام الجامعة بإقامة الأنشطة بشكل مستمر.

قال “بعد انتكاسة طويلة، تعود الأنشطة الفنية للحرم الجامعي. نحتاج لوقت لتوفير التمويل الكافي لذلك. لكن المهم الآن، ترسيخ المناخ المناسب لذلك في أوساط الجامعة وخارجها أيضاً.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى