أخبار وتقارير

فرص وظيفية جديدة للسوريين في السويد

* تأتي هذه المقالة ضمن سلسلة من المقالات عن اللاجئين والنازحين وطالبي اللجوء الشباب وعن سعيهم لاستكمال تعليمهم وإيجاد فرصة عمل.

 مالمو – ما إن جلس أحمد أبو هاشم، 30 عاماً، في حانة في ساحة موليفونغستوريت، الساحة الأكثر كوزموبوليتانية في مالمو، حتى اقتربت منه زوجتان مثليتان تحملان طفليهما لتسألاه عن حاله بالسويدية بقولهما ?Hur mår du. وعلى الرغم من كون أبو هاشم بلحيته الطويلة وشعره الأسود، لا يبدو سويدياً، إلا أنه يبدو مسترخياً، بتحدُّثه السويدية بطلاقة، وبابتسامته العريضة، ورغبته في التفاعل مع الناس بتنوع مشاربهم.

نحدث أبو هاشم، مهندس الاتصالات الطموح، لنا عن حلب، مسقط رأسه، وعن كيفية وصوله إلى السويد.

 في شباط/ فبراير 2013، استقلّ أبو هاشم حافلة صغيرة، حاملاً ثلاثة أرغفة خبز مُعَدّة منزلياً حصل عليها من إحدى زميلاته. وكانت حلب في ذلك الحين تمر بمعاناة لأشهر ثلاث من انقطاع الكهرباء ونقص في الغذاء والمياه، لذلك كان الخبز الطازج على عزيزاً للغاية.

فكّر أبو هاشم في والديه بينما كان يحضن أرغفة الخبز بقوة، وقدّر أنه عاجلاً سيكون بوسعهما أن يأكلا.

أوقف جنود حكوميون الحافلة الصغيرة وقاموا بالتحقق من هوية الركاب. وعندما سُئل أبو هاشم عمّا إذا كان قد أنهى خدمته العسكرية، كذب عليهم.

– “نعم، لقد أديت الخدمة في مصياف [شمال غرب سوريا]! وقد كان ضابط برتبة عقيد قائد سريتي.”

– “انزل أيها الكاذب،” أجاب أحد الجنود. “عادة ما يكون قائد السرية برتبة رائد على الأكثر.”

بعد دقائق، اكتشف الجندي أن أبو هاشم فلسطيني سوري يعمل موظفاً مدنياً في مصرف التوفير المملوك للدولة. فأعاد له بطاقته الشخصية وطلب من سائقٍ أن يأخذ أبو هاشم إلى المنزل.

قال أبو هاشم “لم أكن خائفاً من التجنيد العسكري الإلزامي. لكنني كنت قلقاً من أنني قد أفقد الخبز.”

لم يكن أبو هاشم سعيداً في عمله ولم يكن راغباً في الانضمام للجيش. كما أنه لم يكن قد اكتسب تجربة جيدة في الجامعة. قال أبو هاشم إنه كان لديهم 60 أستاذاً، لكن “خمسة منهم فقط كانوا يعرفون ما يفعلونه.” وكانت أحلامه محدودة قبل التخرج عام 2009 إذ أمِل في أن يفتتح مقهى للإنترنت. كما تطلّع أيضاً لأن يتبع دورة تدريبية لدى شركة من الاثنتين المشغلتين للهاتف المحمول في البلاد، لكنه اعتقد أن ذلك حكراً على النخبة أو الخبراء الأجانب.

وليؤجِّل خدمته العسكرية، سجل فور حصوله على درجة البكالوريوس عام 2009 في برنامج للحصول على شهادة الماجستير في التاريخ لأنه لم يكن مؤهلاً للالتحاق ببرنامج لدرجة الماجستير في الاتصالات التي كان يرغب بها. لم يخطط لدراسة التاريخ، لكنه رغب فقط بالحصول على الأوراق اللازمة لتجنّب الخدمة العسكرية. وكان في جعبته خطة بديلة، حيث كان يدرس الألمانية على أمل أن يتمكن من السفر للدراسة في ألمانيا، حيث كان قد حصل بالفعل على قبول للدراسة في إحدى الجامعات الألمانية.

لكن تغير كل ذلك حين سمع والد أبو هاشم بقصة قيام الجنود باستجواب ابنه بشأن خدمته العسكرية. فاتصل والده بأحد المهربين ليوصل أحمد إلى تركيا.

أخذ مقاتلون معارضون أبو هاشم إلى تركيا، حيث كان سعيداً بتوافر الكهرباء لديه للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر. إلا أنه شعر بالحزن لتركه أسرته في سوريا.

في آذار/ مارس 2013، فرَّ أحمد من تركيا إلى السويد. وبعد حصوله على الإقامة، وفي غضون عامين، أنهى بسرعة مرحلة SFI وهو برنامج رسمي لتعلم اللغة السويدية للمهاجرين. ثم اجتاز اختبارات معادلة التعليم الابتدائي والثانوي. وأخيراً، تم قبوله  في برنامج لدرجة الماجستير في الاتصالات اللاسلكية في جامعة لوند، إحدى الجامعات الرائدة في أوروبا.

يعتقد أبو هاشم أن تدريس اللغة السويدية منهجي وله متطلباته. ويقول إن أفضل ما فيه هو تقييم المعلمين لطلابهم. ففي كل مرة يلتقي الطالب بمدرس اللغة، يتم إبلاغ الطلاب عن مواضع تحسّنهم، وعن مستواهم الحالي، وما يتعيّن عليهم فعله ليتطوّر. ووفقاً لدراسة رسمية نشرت مؤخراً، فإن أربعة من أصل عشرة طلاب لا ينهون دراسة الـ SFI أو برنامج تعليم اللغة السويدية للمهاجرين. وعلّق أبو هاشم بقوله أن السوريين “بحاجة لأن يُظهِروا جدية أكبر في دراسة اللغة.”

وصل والدا أبو هاشم مؤخراً إلى السويد مطلع 2016، وهما يدرسان اللغة السويدية. ويرغب والده منه أن يتزوج من فتاة فلسطينية ولذلك طلب من معلمة سويدية شابة، من أصول فلسطينية، أن تتزوج من أحمد.

وقال أبو هاشم ضاحكاً “لقد تقدم لخطبتها نيابة عني. فليتزوجها هو إذاً.”

دُهِشَ أحمد حين سألته مستشارة العمل السويدية الخاصة به عن طموحاته بقالها: “ما الذي ترغب في تحقيقه وأين ترى نفسك بعد خمس سنوات من الآن؟”

فكر أحمد وقال “لقد مُحِيَت كل تلك الأحلام في مصرف التوفير.”

وأضاف “قبل ذلك، كانت حياتي تتمثل في أن أدرس وآخذ ما يُقدّمُ لي. وإلا فإنني أدرس أكثر.”

ترك نظام التعليم السوري، الذي يُملي برامج الدراسة وفقاً للنتائج الامتحانية وليس الخيارات الشخصية، حيّزاً ضيّقاً من حرية اتخاذ قراراته بشأن مهنته.

مع ذلك، فإن أحمد يعرف اليوم ما الذي يريده. فعلى الرغم من خوفه من الدراسة باللغة الإنكليزية، وهو ما سيتوجب عليه القيام به في برنامج الماجستير بجامعة لوند، إلا أنه يرغب في أن يصبح باحثاً وأستاذاً جامعياً، وهو متفائل بشأن تحقيق هذا الهدف. وخلافاً للوضع في سوريا، فإن هنالك الكثير من الشركات التي يمكنه العمل فيها إذا ما قرر مغادرة المحيط الجامعي.
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميلShare to WhatsApp

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى