أخبار وتقارير

شراكات أكاديمية جديدة بعد رفع العقوبات عن إيران

تعمل إيران على إقامة شراكات مع أفضل الجامعات الأوروبية والأمريكية بعد الاتفاق على الحد من برنامجها النووي ورفع العقوبات الدولية عنها. لكن إقامة شراكات مماثلة مع مؤسسات أكاديمية العربية يبدو بعيد المنال.

قال آرشين أديب مقدم، أستاذ الفكر العالمي والفلسفات النسبية ورئيس مركز الدراسات الإيرانية في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن، “هناك رغبة قوية في إكساب الجامعات الايرانية طابعاً دولياً وتعزيز التعاون مع المؤسسات الأخرى سواء في المنطقة وخارجها.”

يعتقد أديب مقدم، الذي كتب مطولاً عن العلاقات الأكاديمية بين إيران والدول العربية والذي كتب أيضاً كتاب الثورات العربية والثورة الإيرانية: السلطة والمقاومة اليوم، أن “الجانب الإيراني حريص على توثيق علاقاته في هذا الشأن”. لكنه يبدو متشككاً بوجود اهتمام مماثل من الدول العربية، التي مازالت تعادي إيران بحسب ما يعتقد.

حافظت إيران وجيرانها العرب على علاقة حذرة طوال القرن الماضي. وتدهورت العلاقات بسرعة بعد الثورة الإسلامية في عام 1979، إذ توطد الحكم الشيعي في إيران واندلعت الحرب بينها وبين العراق. تتهم دول الخليج إيران أيضاً بنشر الطائفية في المنطقة. وتسبب دعم إيران للحوثيين المتمردين في اليمن في زيادة التوتر مع المملكة العربية السعودية، كما ساهم دعمها للحكومة السورية الحالية في توسيع صراعها مع القوى الإقليمية والدولية.

في المقابل، تبدو علاقات إيران أكثر حيادية مع دول شمال أفريقيا ولبنان والأردن مع وجود أصوات منتقدة للنفوذ الفارسي في تلك الدول على نطاق واسع.

قال أستاذ جامعي عراقي مقيم في الأردن، طلب عدم الكشف عن إسمه، إنه وعلى الرغم من كون “إيران بلد إسلامي، لكنني واثق أنه لا يوجد الكثير من الطلاب العرب الراغبين في الدراسة هناك. الوضع معقد جداً.” وأوضح أنه يعتقد أن الطلاب العرب يفضلون الدراسة في أوروبا واستراليا وكندا والولايات المتحدة، “ليس فقط بسبب التوترات السياسية، لكن أيضاً بسبب الغموض المحيط بطبيعة المجتمع المحافظ هناك وواقع الحريات العامة.”

تتمتع إيران بتاريخ عريق في الفن والأدب وصناعة السينما أيضاً، لكن رقابتها الدينية الصارمة تمتلك شهرة واسعة أيضاً.

مع ذلك، يلقى الانفتاح الإيراني الجديد ترحيباً حاراً من الأكاديميين الغربيين. إذ تم توقيع اتفاقيات شراكة بين ثلاث جامعات إيرانية رائدة وجامعة بوليتكنيك، واحدة من الجامعات العريقة في فرنسا، وفقاً لوكالة مهر للأنباء في طهران. كما وقعت نفس الجامعات الثلاث: جامعة طهران وجامعة أصفهان وجامعة شريف للتكنولجيا اتفاقاً مماثلاً مع جامعات سويسرية.

بدورها، أظهرت الجامعات الأميركية ترحيباً حاراً بالمؤسسات الأكاديمية الإيرانية بعد رفع العقوبات خاصة وأن إيران كانت في وقت سابق المصدر الرئيسي  للطلاب الدوليين للولايات المتحدة. وفي الاجتماع السنوي لهيئة المدرسين العالميين (نافسا)، في حزيران/ يونيو الماضي، عُقدت جلستان لمناقشة فرص التعليم العالي في إيران وسبل التشبيك الممكن.

وبحسب جاكلين كاستين، مستشارة دولية في التعليم والتسويق، فإنه “لايمكن تجاهل بلد كإيران من حيث إمكاناتها في مجال التعليم الدولي،” مشيرة إلى ازدياد الاهتمام بإيجاد “أسواق مجديدة لاستقطاب الطلاب الدوليين وخلق الشراكات العالمية.”

ويعتقد المسؤولون في الكثير من الجامعات الدولية، التي تعتمد على الطلاب الدوليين لتحقيق عوائد مالية، أن التنوع أمر ضروري. إذ لايمكن الاكتفاء فقط بطلاب من الهند والصين، اللتين لطالما أرسلتا الكثير من الطلاب للدراسة في الخارج سابقاً.

شهد التعليم العالي في إيران توسعاً ملحوظاً منذ عام 1979. إذ تمتلك البلاد ما يقرب من 4.5 مليون طالب وطالبة وفقاً لأحدث الإحصاءات الحكومية، 60 في المئة منهم إناث. وبحسب الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، فإن 58 في المئة من الإيرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 كانوا يدرسون في الجامعات الإيرانية عام 2013. وبالمقارنة مع بقية دول الشرق الأوسط، فإن نظام التعليم الايراني منافس قوي، حيث ينفق الأهالي 2.1 مليار دولار أميركي سنوياً على تعليم أطفالهم.

وخلال العقوبات الدولية، حافظت إيران على التبادل التعليمي مع العديد من البلدان – التي كانت لها معها علاقات دبلوماسية طبيعية – بما في ذلك تركيا والهند وكوريا الجنوبية وماليزيا وتايوان وروسيا والصين واليابان وأستراليا.

اليوم، توجد بعض التحديات للعمل مع إيران  حتى بالنسبة للأميركيين.

قال ديفيد.ب. وودورد، رئيس منظمة التبادل الثقافي الغير ربحية والذي ولد في طهران وقضى فترة من شبابه هناك، “لسوء الحظ، فإن عدم وجود علاقات دبلوماسية طبيعية سابقاً وغياب التعاملات المصرفية بين البلدين، إضافة إلى صعوبة حصول الأميركيين على تأشيرات لدخول إيران حد من ازدهار التبادل التعليمي بين البلدين.”

في المقابل، ارتفع عدد الطلاب الايرانيين – خاصة المرشحين لنيل شهادة دكتوراه – المتجهين إلى الولايات المتحدة بشكل كبير خلال العقد الماضي.

قال وودورد “كان التبادل باتجاه واحد إلى حد كبير بالرغم من التدقيق الإضافي الذي يواجهه المواطنون الإيرانيون عند تقدمهم للحصول على تأشيرات دخول للدراسة في الولايات المتحدة أو حتى عند وصولهم للمطارات.”

في عام 2014، فتحت الحكومة الأميركية فرصاً أوسع للتبادل الأكاديمي من خلال “تأشيرات ج” المخصصة للتبادل الأكاديمي. كما أتاحت فرصاً للتعلم عبر الإنترنت من خلال بعض المؤسسات الأميركية  للطلاب الإيرانيين.

يوافق أديب مقدم مع وودورد أن إيران كانت على رأسها الدول المصدرة للطلاب. قال “تواجه البلاد أزمة هجرة الأدمغة بسبب طبيعة النظام التعليمي فيها الذي قدم طلاباً رائعين استقطبتهم جامعات رائدة في العالم، وأيضاً بسبب طبيعة الاقتصاد الإيراني الغير قادر على استيعاب كل الخريجين في سوق العمل.”

ويعتقد أديب مقدم أن إيران قادرة الآن على اجتذاب طلاب أجانب خاصة في مجال العلوم الصعبة والدراسات الدينية.

وعلى الرغم من أن الوضع الدبلوماسي الجديد بدأ في تحسين الشراكات المؤسسية بين إيران والعالم الغربي، إلا أن الطريق مازال طويلاً. قال ووردود “أعتقد أن قيام عمليات تعليمية عادية ستحتاج للمزيد من السنوات للاختبار والخطوات العملية لتعزيز تبادل الطلاب والباحثين في اتجاهين.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى