أخبار وتقارير

الرسوم الجامعية الباهظة تثقل كاهل الطلاب السوريين في الأردن

الزرقاء- عقب كل إمتحان، يتجمع طلبة من قسم اللغة العربية في جامعة جرش الخاصة حول الطالب السوري باسم العبدلله للتأكد منه من صحة أجوبتهم على أسئلة الامتحان. إذ اكتسب باسم، 33 عاماً، شهرة واسعة بين صفوف الطلاب بسبب تفوقه الدراسي وحصوله على مركز متقدم ضمن الطلاب الثلاث الأوائل منذ التحاقه بالجامعة عام 2013.

لكن طريق التفوق الجامعي لم يكن سالكاً بسهولة أمام باسم الذي لجئ للأردن قبل ثلاثة أعوام.

قال “كان حلمي إستكمال دراستي الجامعية، لكنني إضطررت لترك دراستي والفرار مع عائلتي لضمان سلامتنا.”

يعمل باسم، الذي كان على وشك التخرج من كلية الحقوق في جامعة حلب عام 2012، كمحاسب في عدد من المحلات التجارية في مدينة الزرقاء 25 كم شمال شرق عمّان حيث يقطن في الأردن بصورة نظامية. كما يقطع يومياً مسافة تقارب الـ 160 كم ذهاباً واياباً للوصول إلى جامعته.

قال “ليس بإستطاعتي التفرغ للدراسة، فأنا المعيل الرئيسي لأسرتي كما أنني بحاجة شديدة لتوفير رسوم الجامعة الباهظة جداً.”

رغم ضيق الحال، تمكن باسم من توفير نحو 2,000 دينار أردني (2,800 دولار أميركي)، ليسدد بها رسوم أول سنة دراسية له في الأردن.

وبحسب باسم، فإن الرسوم الجامعية الباهظة في المملكة تشكل العائق الأساسي أمام الكثير من الطلاب اللاجئين الذين يتم اعتبارهم طلاباً دوليين حال رغبتهم الإلتحاق بالجامعة.

قال “في سوريا، كانت الدراسة الجامعية شبه مجانية. لكن الرسوم هنا بحسب عدد ساعات الدراسة بالإضافة للرسوم الإدارية.”

حتى الآن، دفع باسم مايقارب8,000 دينار أردني (11,000 دولار أميركي) لقاء ثلاث سنوات دراسية. وهو الآن مدان لأصدقاء له بنحو 2,000 دولار أمريكي.

مع ذلك، شهد عدد الطلاب السوريين في الجامعات الأردنية إرتفاعاً واضحاً خلال الأعوام الثلاثة الماضية. إذ ارتفع عدد الطلاب من 3,127 عام 2013، إلى 5,718 طالب وطالبة خلال العام 2015، من أصل 313.500 طالب وطالبة على المقاعد الجامعية في المملكة بحسب تصريحات صحفية لوائل الصمادي، مدير البعثات والاتفاقيات في وزارة التعليم العالي الأردنية. في حين يبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن والمسجلين في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين 656 ألف لاجئ.

مؤخراً، بدأت مجموعة من الجامعات الأردنية بتقديم منح دراسية لطلاب سوريين بدعم من مؤسسات دولية. لكن باسم لم يلتحق بأي منها. لعدم امتلاكه شهادة الثانوية العامة بنسختها الأصلية في الأردن، إذ قدّم باسم لمنحة من الاتحاد الأوروبي للدراسة في جامعة الزرقاء الخاصة غير أن طلبه رفض لأنه ما يملكه هو صورة فقط عن الشهادة فقط.

كما لم يتمكن باسم من استكمال دراسته السابقة في كلية الحقوق لرفض الجامعة الاعتراف بكافة الساعات التي درسها سابقاً في سوريا. فبحسب قانون التعليم في الأردن لا يتم معادلة أكثر من 40 ساعة دراسية مما يعني العودة للدراسة من السنة الأولى. لذا فضل باسم البدء من جديد في تخصص جديد خاصة وأنه لن يتمكن بأي حال من الأحوال من ممارسة مهنة المحاماة في الأردن أو أي دولة عربية أخرى.

قال “كنت مصمماً على إستكمال دراستي الجامعية ولو في مجال أخر. لذلك التحقت بكلية أخرى متخصصة بأداب اللغة العربية.”

يرفض باسم الشكاوى القائلة بصعوبة الدراسة في الأردن. لكنه يشير إلى إختلافات في أسلوب التدريس بين سوريا والأردن. قال “المناهج في سوريا أوسع وأشمل، وتعتمد على الحفظ بشكل كبير. لكن المناهج هنا موجزة أكثر والاعتماد على الملخصات والبحث أكبر.”

كما يحظى باسم بإعجاب أساتذته وزملاؤه على حد سواء. حيث يصف سيف بنى حمد، زميل باسم في الجامعة، باسم بـ “المثابر”.

قال “إصرار باسم وتصميمه على متابعة دراسته يدفعنا لإحترامه. الجميع في الجامعة يحبه والسبب تميزه العلمي ودماثة أخلاقه.”

بينما قال عامر ربيع، أستاذ اللغة العربية في جامعة جرش الخاصة، “باسم طالب مجتهد ومثابر وغداً سيكون زميل متميز لي.”

لكن حصول باسم على فرصة عمل في الأردن ليس أمراً ممكناً حتى الأن. فعلى الرغم من توجه الحكومة الأردنية مؤخراً لمنح تصاريح عمل للاجئين السوريين إلا أن المهن المرخص مزاولتها مازالت محدودة جداً ولاتشمل مهنة التدريس. لذا يعتزم باسم السفر إلى قطر بعد التخرج، حيث يسعى شقيقه المقيم هناك إلى مساعدته على إيجاد فرصة عمل كمدرس.

تبدو أحلام باسم الأكاديمية لا حدود لها.

قال “أرغب في استكمال دراستي العليا، في حال وفقت في الحصول على دعم مالي كاف. أحلم بأن أكون أستاذاً جامعياً للغة العربية يوماً ما.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى