أخبار وتقارير

تقرير جديد يكشف عن الدروس المستفادة من تجربة التعليم المهني للاجئين

يعتبر مستوى البطالة المثير للقلق بين صفوف الشباب في العالم العربي من أكبر التحديات التي تواجه المنطقة. وتتضاعف المشكلة بالنسبة للاجئين السوريين، الذين تتضاءل فرصهم بشكل أكبر بسبب عدم قدرتهم في الحصول على تصاريح عمل.

يقول تقرير جديد أصدرته اليونيسف، والذي يدرس التعليم والتدريب التقني والمهني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن من شأن شكل أكثر استهدافاً وشمولية من أشكال التدريب المهني للشباب في المنطقة أن يساعد في سد الثغرات التي تفصل بين التعليم النظامي وقطاع الصناعة.

قال نيلز ريمان، نائب المدير لشؤون التعليم في منظمة الأونروا، “كل من يعمل في مجال التدريب المهني والتقني في المنطقة يبحث عن بديل للفقر والتجنيد في الصراع.”

تشير النتائج التي توصلت إليها الورقة البحثية بأن الدروس المستفادة من مساعدة السوريين وغيرهم من اللاجئين بسبب نزاعات سابقة يمكن تطبيقها في جميع أنحاء المنطقة. وقد تم تسليط الضوء على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كدراسة حالة ذات صلة بالموضوع. حيث بدأ برنامج التدريب المهني للوكالة عام 1953 ويجري ذلك التدريب في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا – على الرغم من أن العديد من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا قد تم تشريدهم بعد ذلك مرة أخرى.

عندما يتعلق الأمر باللاجئين، تتبع وكالة الإغاثة نهجاً عملياً مع الشباب. ويكون هدف ذلك إعدادهم لامتلاك المهارات اللازمة للحصول على فرص العمل والمهن التي يمكنهم في الواقع الحصول عليها بطرق قانونية، بدلاً من محاولة مساعدتهم في مطاردة مهنة الأحلام التي يمكن أن لا تتحقق أبداً.

قال ريمان “يمتلك الناس في بلدانهم كامل الحق في العمل، في حين أن اللاجئين السوريين، وعلى الرغم من القانون الدولي، يمتلكون خيارات محدودة.”

على سبيل المثال، يتم تحديد خيارات اللاجئين في لبنان وفقاً لنوع العمل الذي بإمكانهم التقديم إليه – وتكون المسارات الوظيفية عالية الشأن محجوزة للمواطنين اللبنانيين. قال ريمان “نحن نأخذ في الاعتبار القيود المفروضة على السوق من حيث نوع الوظائف التي يسمح لهم فعلاً القيام بها.”

مع ذلك، يعتبر هذا النهج عدائياً بالنسبة لجماعات حقوق الإنسان الذين يعتقدون بأنه وببساطة قبول وإقرار بذلك التمييز.

تقدم الأونروا تدريباً عملياً في مواضيع تمتد من مجالات مثل السباكة والتمريض وتصليح السيارات وحتى ما يسمى بـ “المهارات الناعمة” مثل الانتباه، والمبادرة، والقدرة على العمل ضمن فريق. والأهم من ذلك، أن الوكالة تقوم بذلك إلى جانب التعليم التقليدي الذي تقدمه لما يقرُب من 500,000 لاجئ فلسطيني.

وهذا هو الأمر الذي ترى وكالة الأونروا بأن بقية أرجاء المنطقة يمكن أن تعتمده، سواء أكان ذلك في التعامل مع الطلاب في بلدانهم الأم أو مع اللاجئين.

سلط التقرير الضوء أيضاً على أن لكل من التدريب المهني والتعليم التقليدي والأكاديمي في العالم العربي نقاط ضعف وقوة مختلفة. لأن التعليم، كما جاء في التقرير، “ليس ضماناً يقي من البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” – لذلك يشير مؤلفو التقرير إلى أن من المنطقي السعي لتجريب نهج أكثر تنسيقاً، والجمع بين التيارين بهدف تجاوز عيوبهما وجمع مزاياهما.

على سبيل المثال، بينما تبلغ نسبة البطالة في صفوف الشباب من خريجي الجامعات 30 في المئة، ينخفض هذا الرقم إلى النصف ليصل إلى 15 في المئة في صفوف خريجي التعليم المهني. مع ذلك، فإن الغالبية العظمى ممن تم توظيفهم بعد التدريب المهني غير راضين عن دورهم. وتحل تونس في المرتبة الأسوأ في هذا الشأن، بحسب التقرير، مع نسبة تبلغ 18.8 في المئة فقط من الخريجين الذين يقولون بأنهم يمارسون مهنة مرضية ومستقرة. فيما قال الآخرون إنهم يعملون بدوام جزئي، أو يشغلون وظائف غير رسمية، أو أنهم لا يزالون عاطلين عن العمل.

قد يميل مستوى الرضا الوظيفي المنخفض أو يتأثر على الأقل بالعدد الهائل من اللاجئين في الشرق الأوسط في الوقت الراهن، بحسب ريمان، حيث قال “في ظل الصراع، تكون أكثر تركيزاً على الحصول على أية وظيفة يمكنك القيام بها ولذلك، من الطبيعي، أن يكون مستوى الرضا منخفضاً.”

وأضاف “الأمر يتعلق في حصولهم على وظيفة ما، وهذا واقعي نظراً لوضعهم.”

يعتقد ريمان أن الوكالة تحاول تأمين وضع ناجح للاجئين الفلسطينيين من خلال التشاور المستمر مع القطاع الخاص. لا يزال القطاع العام المسار المهني الأكثر هيبة في معظم الدول العربية، كما يقول تقرير اليونيسف “أصبح توفير وظائف القطاع العام، الذي لا يزال يشكل العامل الأبرز في “العقد الاجتماعي”، في المنطقة، أمراً لا يمكن الدفاع عنه بشكل متزايد.”

لذلك، فمن أجل حل مشكلة بطالة الشباب، يجب أن يكون هناك نمو في عدد الوظائف في قطاع الصناعة بالإضافة لتغيير في المواقف تجاه السعي وراء مهنة في شركة خاصة على حد سواء.

يقول التقرير إن فهم سوق العمل في كل بلد وماهية المهارات التي تعتبرها الشركات من أولوياتها هو المفتاح لتعزيز الوظائف في القطاع الخاص.

ويتفق ريمان مع ذلك. قال “تحتاج لإجراء استطلاع للقطاع الخاص حول ما يريدونه ومن ثم تدريب الطلاب لتلبية احتياجات السوق. في الأساس، نحن نحاور شركات مثل مايكروسوفت وفيزكو سوفتوير Visco Software.”

من خلال تلك المحادثات، يقول ريمان إن هناك خيط مشترك. تبحث معظم الشركات عن الخريجين الذين يمتلكون “مهارات حياتية” مثل الفضول وروح المبادرة وتسوية النزاعات – لأن المعرفة الإجرائية والمحددة بالشركة أمر يمكن للشركات أن تعلمه للموظفين بسهولة عند العمل.

قال ريمان “نحن نقيم نجاحنا من خلال البقاء على تواصل مع الخريجين بالإضافة لمناقشة أرباب عملهم حول كيفية تقدمهم في وظائفهم.”

وبغياب حلول سهلة لمشكلة بطالة الشباب العربي، فإن الوضع، ومن خلال جهود متضافرة ومنسقة مثل تلك التي سلط التقرير الصادر حديثاً الضوء عليها، يمكن أن يتحسن، بحسب ريمان. قال “في ظل النزاع الحالي في المنطقة، لن يكون حل هذه المشكلة أكثر أهمية عمّا كان عليه في أي وقت مضى.”

https://www.bue.edu.eg/
Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى