أخبار وتقارير

تقرير التنمية البشرية يحذر من ربيع عربي آخر

يحذر تقرير صدر عن الأمم المتحدة من أن الحكومات العربية قد تواجه احتجاجات شعبية متجددة إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة البطالة في أوساط الشباب.

يركز تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2016، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على واقع الشباب العربي بعد مرور خمسة أعوام على انتفاضات عام 2011. أدى الربيع العربي لتشكيل حكومة جديدة وتسوية سياسية في تونس، لكنه، وفي معظم الدول العربية الأخرى، أدى لاتخاذ تدابير مهدئة (في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال)، أو زيادة القمع (كما هو الحال في مصر)، أو لحرب (كما حدث في سوريا واليمن).

أشار التقرير إلى أن “استخدام النهج الأمنية بشكل كبير كاستجابة لمطالب التغيير من دون معالجة الأسباب الجذرية لمشاعر السخط يمكن أن يحقق استقراراً مؤقتاً ويصد سلسلة الاحتجاجات، لكنه لا يقلل من إمكانية تكرار ذلك – وقد يؤدي إلى تراكم تلك المطالب وبروزها من جديد بشكل أكثر عنفاً.”

يعتبر هذا التقرير السادس من نوعه في سلسلة من التقارير بدأت عام 2002. وفي حين أن العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يحللها هذا التقرير قد نوقشت في تقارير سابقة، إلا أن التقرير الجديد يختلف عن التقارير السابقة في اللهجة الملحة التي يتحدث بها.

حوالي ثلثي المجموع الكلي للسكان العرب هم تحت سن الثلاثين. مع ذلك، يواجه هذا الجيل ارتفاعاً في انعدام المساواة، وضعف التعليم، والحرمان الاجتماعي، وضعف المشاركة السياسية، وانتشار منع النساء من المشاركة الاجتماعية، وارتفاع معدلات البطالة، والصراعات المسلحة، بحسب التقرير.

وعلى أمل أن تصل هذه النتائج إلى كلٍ من الحكومات والشباب على حد سواء، قام المؤلفون بنشر ملخص تنفيذي موجز يتضمن توصيات للحكومة، ومحتوى رقمي من رسومات قابلة للتحميل موجهة لجيل من الشباب العرب الذين يعتبر الهاتف الذكي بالنسبة لهم جزءاً أساسياً من الحياة.

يُحمّل التقرير “نموذج التنمية العربية” الكثير من المسؤولية عن الأوضاع الحالية. لأن نموذج التنمية هذا “نموذج يهيمن عليه القطاع العام ويحول الحكومات لتكون بمثابة الملاذ الأول والأخير.” ولا يهدف هذا النموذج لتعزيز روح المبادرة أو الابتكار أو التنوع التجاري، بل يهدف لـ “المحافظة على حصر وصول عدد قليل فقط من الأشخاص إلى مصادر الثروة والسلطة.”

كما تعتمد الاقتصادات العربية بشكل كبير على العائدات غير المكتسبة أو “الإيجارات”، بحسب التقرير، إما على شكل عائدات النفط في أحد طرفي الطيف، وحتى التحويلات من أفراد الأسرة العاملين في الخارج على الطرف الآخر.

يقول التقرير “يلقي النظام الريعي بظلاله على القطاع الخاص لأن المنافسة لا تنشأ من إنتاج السلع والخدمات أو الابتكار، بل من نوعية علاقة العملاء مع المسؤولين في الدولة.”

ويحث التقرير الحكومات العربية على فتح العملية السياسية الخاصة بها لتسمح بمشاركة أكبر من قبل الجمهور. لكنه يتجنب الإشارة إلى الأوضاع السياسية المحددة في بلدان معينة.

يقول عادل عبد اللطيف، مؤلف التقرير المقيم في عمان، بأنه قد توجب على النص تقديم تحليله وتوصياته بطريقة لا تعادي أي حكومة أو زعيم. قال، “نحن لسنا جماعة معارضة، نحن نحاول تقديم المساعدة.”

هنالك تركيز كبير على المعلومات الكمية – الجداول والملاحق المليئة ببيانات إحصائية حول المناحي الرئيسية للحياة داخل الدول العربية ومقارنة ذلك ببقية أنحاء العالم. والقصد من ذلك هو أن الأرقام أكثر فاعلية من الجدال السياسي في إبلاغ الحكومات عما يتوجب عليها القيام به.

قال عبد اللطيف “في جميع تقارير التنمية البشرية العربية منذ العام 2002، كنا نحث الحكومات على القاء نظرة على الأرقام. لكننا واصلنا، في الوقت ذاته، التأكيد على فكرة كون مسألة الديموغرافيا قضية سياسية تحتاج للإهتمام السياسي.”

لكن، هل ستلاحظ الحكومات العربية ذلك وتتخذ الإجراءات اللازمة؟ يقول عبد اللطيف إن “الحكومات تتأخر دائماً في القيام بذلك حتى تشعر بالضغط عليها في الشارع.”

يوصي التقرير بالاهتمام بمشاريع البنية التحتية بوصفها أحد مصادر التوظيف، ويرى في ريادة الأعمال في التقنيات المتقدمة “العالية” إتجاهاً واعداً. ويستشهد بإثنين من قصص النجاح: كرم للطاقة الشمسية، “أكبر مصدر للطاقة الشمسية خارج نطاق الشبكة القومية في مصر”، ومشروع أثر التصوير Visualizing Impact في لبنان، وهي مجموعة تكنولوجيا وتصميم غير ربحية.

هناك حاجة للقيام بتغييرات في الظروف السياسية بشكل يجعل القيام بهذه الإصلاحات الاقتصادية ممكناً، بحسب هنا برقاوي، المحاضرة في مادة الاقتصاد في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن. ترى برقاوي علامات مشجعة في تونس والمغرب والأردن، حيث تتخذ هذه الدول خطوات صغيرة باتجاه انفتاح العملية السياسية.

كما ترى أيضاً نمواً جديداً في عمل المنظمات النسوية والحركات الشبابية ورواد المشاريع كأفراد، حيث يعمل كل ذلك بشكل مستقل عن الحكومة أو المصالح الاقتصادية القائمة.

في أول تقرير عن التنمية البشرية العربية، والذي نشر عام 2002، ورد بأن “على الدول العربية إجراء إصلاح شامل”، وأشار إلى ضرورة “إنشاء نظم للحكم الرشيد”.

وبالإشارة لذات النقطة تقريباً في تقرير عام 2016، وإن بكلمات مختلفة، ومع تعدادٍ سكاني أكبر للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين عاماً، يقول عبد اللطيف، من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، إن الحكومات العربية بحاجة لأن تنظر إلى سكانها من الشباب ليس على إعتبارهم “أطباق إضافية فحسب، بل على أنهم الطبق الرئيسي.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى