أخبار وتقارير

تركيا ترسل إشارات متباينة لطالبي العمل من السوريين

تأتي هذه القصة ضمن سلسلة قصص عن واقع عمل اللاجئين السوريين في دول الجوار وتضم ماذا تعرف عن حقوق العمال السوريين في دول الجوار و أبواب مواربة أمام عمل السوريين في لبنان والأردن

قبل عام، سمحت الحكومة التركية بإصدار تصاريح عمل رسمية تنظم عمل السوريين في البلاد. مع ذلك، مازال العدد الأكبر من السوريين بلا عمل.

قال أيهم، خريج كلية الهندسة المدنية بدمشق، “تعد اللغة التركية شرطاً أساسياً للحصول على فرصة عمل وتحديدًا لحملة الشهادات الجامعية، فضلاً على أن الكثير من الشركات التركية لا ترغب بتوظيف سوريين.”

خلال ثلاث سنوات في تركيا، تنقل أيهم بين عدة مهن جميعها ليست في مجال تخصصه الدراسي. قال “عملت في ورش حدادة وفي أفران ومحلات لبيع الخضار قبل أن أعثر على وظيفة في فندق صغير بالقرب من ميدان تقسيم.”

تعتبر تركيا من أكثر دول العالم تعاطفاً مع السوريين، حيث استقبلت حتى اليوم أكثر من  2,854,968 لاجئ بحسب أخر إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أي نسبة 3.5 في المئة من إجمالي عدد سكان تركيا يسكن 9 في المئة فقط منهم في المخيمات.

في 15 كانون الثاني/يناير 2016، صدر قرار يتيح للسوريين المسجلين لمدة ستة أشهر في نظام الحماية التركي العمل في المدينة التي استصدروا منها وثيقتهم.، ونظام الحماية التركي هو نظام خاص أوجدته الحكومة التركية لتسجيل السوريين في البلاد والسماح لهم بالحصول على خدمات طبية وتعليمية مجانية ويحميهم من إمكانية الترحيل في حال مخالفة القوانين.

لتشجيع تشغيل السوريين، حدد القانون التركي  10 في المئة كحصة “كوتا” لتشغيل السوريين في أي مؤسسة تركية. وسمح القانون بزيادة العدد عن الحصة المسموح بها في حال لم يتمكن صاحب العمل من إيجاد موظفين أتراك للوظيفة التي يطلبها. تختلف “الكوتا” في ما يخص قطاعات الزراعة وتربية المواشي، ويعود لكل ولاية تقريرها بحسب احتياجاتها. كما يُمنع تشغيل السوريين براتب أقل من الحد الأدنى العام للأجور، وتنطبق عليهم أيضاً قوانين “الضمان الاجتماعي” وهو أمر غير متاح للسوريين في دول الجوار الأخرى كلبنان والأردن.

مع ذلك، لا زال أيهم يعمل بصورة غير قانونية.

قال “يتوجب على صاحب العمل إصدار التصريح لي، وجميع أرباب العمل الذين التقيتهم يرفضون القيام بذلك لتجنب تسديد الرسوم وتسديد الحد الأدنى من الأجور المنصوص عليها.” مشيراً إلى أنه وغالبية من يعرفهم من السوريين  يعملون لساعات طويلة وبأجور تقل عن الحد الأدنى والبالغ نحو 1200 ليرة تركية (325 دولار أميركي) وفي العديد من الحالات لا يتم الدفع لهم، وهم يخافون الذهاب إلى الشرطة وتقديم الشكاوى، بما أنهم يعملون بشكل غير قانوني.

تبلغ رسوم العمل لأول مرة 600 ليرة تركية (163 دولار أميركي) يتحملها رب العمل بحسب القانون وتحتاج لمجموعة إجراءات روتينية تستغرق نحو شهر ونصف.

بين عامي 2011 و2015، تم منح 7.700 لاجئ سوري تصاريح عمل وتم إصدار 5.500 تصريح عمل إضافي خلال الستة أشهر التي تلت إصدار القرار بحسب دراسة منتدى الشرق.

ويعود انخفاض عدد السوريين الحاصلين على تصاريح عمل إلى عدة عوامل منها عدم اتقان السوريين للغة التركية وتحديد عملهم في المحافظات المُقيدين بها وهو الأمر الذي يرفع معدلات البطالة في صفوف السوريين في المحافظات التركية الواقعة في الجنوب والشرق بسبب ارتفاع أعدادهم في هذه المناطق.

مع ذلك، يعتقد رامي شراق، نائب المدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي السوري، مؤسسة سورية فكرية بحثية مستقلة مقرها مدينة غازي عنتاب، أن هناك فرص جيدة في السوق التركي أمام الشباب السوريين خاصة مع وجود العديد من الاستثمارات السورية في تركيا.

قال “إنتاجية العامل السوري أعلى بكثير من إنتاجية نظيره التركي فضلاً على أن أجور العمالة السورية أقل بنسبة ٤٠ في المئة تقريباً من العمالة التركية وهذا يشجع الكثيرين على توظيف السوريين.”

وبحسب تقديرات اتحاد الغرف والبورصات التركية، فقد تم تأسيس 4450 شركة سورية بتركيا خلال الفترة ما بين2011 و2015 تشغل عدداً كبيراً من العمالة السورية بحسب شراق.

لكن المشكلة، تكمن في سبل الحفاظ على حقوق العمال السوريين والدفاع عنهم. قال “لا توجد أي جهة قانونية تحمي حقوق العمالة السورية في تركيا.”

الشهر الماضي، أعلن العاملون في مكتب راديو روزنة السوري المعارض في مدينة غازي عنتاب – والبالغ عددهم 14 صحافياً وتقنياً عاملاً- عن إضراب مفتوح استمر لمدة أسبوع احتجاجاً على قرارات إدارة الراديو بتخفيض تعويضاتهم ودفعها بالليرة التركية في ظل الهبوط الحاد لها أمام العملات الصعبة. وبسبب احتجاجاتهم قامت الإدارة بفصلهم جميعاً وتعيين موظفين جدد مكانهم الأمر الذي أثار نقاشات كثيرة حول حقوق العاملين السوريين في دول الجوار.

إلى جانب ضمان حقوق العمال السوريين، يعتقد شراق أن هناك حاجة لإجراء مسح ميداني لمهارات السوريين واحتياجات أسواق العمل في البلدان المستضيفة.

قال “مع تقديم الكثير من المنح الدراسية للطلاب السوريين في تركيا وغيرها من دول الجوار، لابد من التفكير بحاجة سوق العمل المستضيف أولاً وأيضاً احتياج سوق العمل في سوريا مستقبلاً في مرحلة السلام، لبناء القدرات المهارات اللازمة لذلك منذ الأن.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى