مقالات رأي

“رحلة ممتعة ومحترمة!” أمنية باحثة مصرية عند السفر

ملاحظة المحرر: تصف عبارة “حظر الكومبيوترات المحمولة” القيود المفروضة في آذار/ مارس 2017 من قبل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة على حمل الأجهزة الإلكترونية على متن الرحلات القادمة من تركيا ولبنان ومصر والمملكة العربية السعودية والأردن وتونس لشركات طيران محددة إلى المملكة المتحدة، والرحلات المباشرة من مصر والأردن والكويت والمغرب وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة. وتم تبرير ذلك بكونه استجابة لمعلومات استخباراتية “محددة وموثوقة وجدية” بشأن وجود تهديد إرهابي.

“آمل أن تسافري بأمان وأن يتم التعامل معك بالاحترام الذي تستحقينه طوال رحلاتك”. (هذا نص رسالة بالبريد الإلكتروني تلقيتها من صديقي مايكل بيرمان، الذي يعمل في جامعة كاليفورنيا بتشانل آيلاندز.)

“لو أنك فقط تخلعين حجابك …” (هذا نص رسالة عبر الفيسبوك من صديق أميركي كان قد عاش في مصر، رداً على سؤالي فيما إذا كان يعتقد بأن حظر السفر الأخير قد يؤثر على قدرتي على زيارة الولايات المتحدة في وقت لاحق من هذا العام.)

اعتاد الكثير من المسافرين العرب والمسلمين (ولاسيما الرجال، والنساء المحجبات أيضاً) على الضغط على كرامتهم عندما يسافرون إلى بلدان غربية ودائماً ما يتعرضون لتجارب محبطة ومحرجة:

1- أن تخضع للتحقيق عشوائياً بما يتجاوز أي تعريف يمكن أن تقترحه “العشوائية” – وهو ما حدث معي في 50 في المئة من المرات التي سافرت فيها إلى الولايات المتحدة.

2- أن يجري تفتيشك باليد بطريقة مهينة – في مطار مانشستر، قاموا بوضع أيديهم في داخل بنطالي في رحلتين مختلفتين.

3- أن تؤخذ جانباً في بعض الأحيان ويجري استجوابك بطريقة تتسم بالعنف (وغالباً ما يؤدي لتفويت مواعيد رحلات الربط – وهذا ما حدث للآخرين لكنه لم يحدث لي بعد.)

4- الحاجة للتقدم بطلب للحصول على تأشيرة – وعملية طلب التأشيرة نفسها.

5- ومجرد طريقة نظر الناس إلينا في المطارات في بعض الأحيان.

وتستمر القائمة – اقرأ هذه المجموعة من القصص في صحيفة الغارديان. لكنك إذا ما كنت عربياً أو مسلماً أو تعرف ما يكفي عنا، فإنك ستكون على اطلاع على عدد أكبر من الأمثلة.

مع ذلك، من المرجح أن يكون هذا العام مختلفاً. ففي هذا العام، كانت خطابات السياسيين الغربيين حول المسلمين – وأحدهم على وجه الخصوص – أكثر عدوانية من المعتاد. كذلك الحال بالنسبة للأوامر – بدءً بالأوامر التنفيذية بشأن حظر السفر وتعديلات لوائح المطارات بحيث لا يمكن للأشخاص المسافرون من بعض المطارات بعد الآن حمل الكومبيوترات المحمولة والأجهزة اللوحية معهم في رحلات جوية مباشرة من عدد من البلدان ذات الغالبية المسلمة المتوجهين إلى المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة.

لدي رحلتين قادمتين، إن شاء الله – واحدة منهما هذا الأسبوع إلى المملكة المتحدة، لإلقاء كلمة رئيسية في مؤتمر OER17 في لندن، وواحدة إلى الولايات المتحدة الأميركية في آب/ أغسطس، للمشاركة في تدريس مساق لمدة خمسة أيام في معهد مختبر التربية الرقمية وللمشاركة في هذا الحدث في جامعة ماري واشنطن، بالقرب من واشنطن العاصمة. بالنسبة للرحلتين، كانت لدي حجوزات مسبقة لرحلات تمر عبر مطار هيثرو، وبالتالي فإن حظر حمل الكومبيوتر المحمول في المملكة المتحدة ينطبق علي. تكاليف كلا الرحلتين مدفوعة من قبل منظمي الحدث، ولن أطلب منهم إعادة توجيه رحلاتي لأسباب عديدة – أحدها التكلفة المترتبة عن ذلك، لكن السبب الآخر هو أننا اخترنا تلك الرحلات بعينها لأسباب وجيهة في المقام الأول.

كان الضحك أول رد فعل لي على حظر الكمبيوتر المحمول على متن الرحلات المباشرة إلى الولايات المتحدة. إنه أمر غير ملائم، لكن بإمكان الناس إعادة تحويل مسارهم للذهاب إلى الولايات المتحدة عبر مطارات أوروبية. كتبتُ منشوراً وأطلقت هاشتاغ “اقرضني كومبيوتراً محمولاً ” LendMeALaptop# وانتهى الأمر برفع الوعي قليلاً في المؤتمرات الأكاديمية في أن بإمكان الناس أن يطلبوا من منظمي المؤتمر أو المشاركين مساعدتهم للخروج مع أجهزة الكومبيوتر المحمولة. نصحني جميع الأصدقاء بعدم وضع جهاز الكومبيوتر المحمول في الأمتعة المسجلة، حيث يُمكن أن يتلف أو يسرق أو يفقد على الأقل. لذلك قررتُ ترك جهاز الكومبيوتر المحمول والجهاز اللوحي الخاصين بي في المنزل.

وبينما لا أزال أعتقد بأنني سأتدبر أمري من دون جهاز الكومبيوتر المحمول (حيث أن عروضي لهذا المؤتمر موجودة على شرائح جوجل التقديمية Google Slides، والغالبية العظمى من التعديلات التي أحتاج للقيام بها قابلة للتنفيذ من خلال هاتفي الذكي الذي يعمل بنظام أندرويد، ولدي العديد من الأصدقاء في لندن ممّن هم على استعداد لاقراضي أجهزة كومبيوتر محمولة ليومين أو لدقيقتين حتى). لكنني أعتقد بأن المشكلة أكبر من ذلك.

هناك مستوى فني من إعاقة قدرتنا، أمر يضطرني لعدم العمل على عرضي التقديمي في المؤتمر على متن الطائرة. لكن، لدي طفلة على أية حال، وربما لن أتمكن من العمل على متن الطائرة – مع ذلك، يبقى عدم وجود هذا الخيار معيقاً للقدرة على العمل.

كما أن هناك شيء أكثر أهمية على المحك هنا – وهو الشعور بأنني لا أعامل باحترام في رحلاتي. ما قاله لي صديقي مايكل كان مجرد “تمنياته” لي. عادة ما يتمنى الناس لبعضهم البعض رحلات “آمنة”، لكنهم لا يتمنون لغيرهم في العادة “معاملة محترمة” في رحلاتهم. أليس كذلك؟ فيما كتب صديقي الآخر، محاولاً أن يكون مفيداً (لكنه فشل بطريقة بائسة) مقترحاً علي أن أقوم بخلع حجابي. لقد فوجئت بأن يقترح شخصاً عاش في مصر لفترة طويلة (وقد كان شخصاً حساساً جداً من الناحية الثقافية) شيئاً من هذا القبيل. مع ذلك، وكما شعرت بالإساءة، تذكرت كيف أنني سافرت مباشرة بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر. عندها ارتديت قبعة بدلاً من الحجاب. وأتذكر أيضاً كيف كنت أرتدي ملابسي في نورويتش في إنجلترا (وهي مدينة صغيرة فيها القليل من المسلمين، على العكس من لندن تماماً). هناك، اعتدت على ارتداء غطاء رأس من الصوف في فصل الشتاء، ولكن عاملني الناس بطريقة مختلفة تماماً عندما بدأت بارتداء الحجاب في فصل الصيف.

مع ذلك، لا ينبغي أن يكون لتغطيتي لشعري أو عدم تغطيته عذراً ليعاملني أحدهم باحترام أقل. لذلك، فإنني أخطط للسفر وأنا أرتدي الملابس بالطريقة التي أعتدت عليها في مصر، على الرغم من كوني سأسافر مع طفلتي وأرغب في حمايتها.

نحن بشر نستحق الاحترام، ليس بصفتنا أكاديميون محترمون في مجالات خبراتنا (أو المتحدثين الرئيسيين حتى!)، ولكن لأننا أناس محترمون – لم نرتكب أي جرائم، ونستحق أن نعامل على هذا النحو.

بعد فرض المملكة المتحدة الحظر على الأجهزة الإلكترونية مباشرة، تعرضت لندن لاعتداء إرهابي في واحدة من أكثر المناطق تأميناً في لندن (وستمنستر) وبالقرب من معلم سياحي كنا قد حجزنا لزيارته في رحلتنا القادمة (عين لندن). تابعتُ الأخبار في خوف وحزن من أجل أسر الضحايا، وكرهت الشخص الذي قام بذلك، وقلقتُ على سلامتي، لمعرفتي، بأن كونك مسلماً لا يحميك من الهجمات الإرهابية. كونك مسافراً مسلماً يعني أنك معرض للخطر بسبب هجوم إرهابي غير متوقع، وأيضاً معرض للحدث الأكثر ترجيحاً والمتعلق بسوء المعاملة وانتهاك الخصوصية والإهانة في المطارات. وهذا يساهم في خلق المزيد من الاستياء الذي لا يحتاج العالم للمزيد منه الآن.

يمكن أن يزداد الوضع سوءً، وربما يحدث ذلك، لكنه ليس في أسوأ حالاته بعد. في كل مرة أكتب مقالاً مثل هذا، أتساءل عمّا إذا ما كان سيكون ضربة ضدي عندما أتقدم بطلب للحصول على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة. لكنني، في الوقت الراهن، سأسافر من دون جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص بي، وأنا متمسكة بكرامتي ومتمنية الأفضل.

* مها بالي: أستاذة مشاركة في مركز التعليم والتدريس في الجامعة الأميركية في القاهرة، حيث تدرس أيضاً تصميم الألعاب التعليمية. وهي مؤسس مشارك VirtuallyConnecting.org. يمكن متابعة مقالتها على مدونتها الشخصية أو على المدونة الخاصة بمجلة الكرونيكل أو على تويتر: bali_maha@

إذا ما كنت باحثاً عربياً أو مسلماً (أو مجرد شخص مسافر عبر إحدى الدول التي تواجه هذا الحظر) وسافرت إلى الغرب مؤخراً، فما هي تجربتك؟ وهل قمت بإعادة توجيه رحلتك من أجل أخذ جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص بك، أو هل خاطرت بفحص الكومبيوتر المحمول الخاص بك مع الأمتعة، أو قمت بالسفر من دونه؟ أخبرنا بتجربتك في التعليقات.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى