أخبار وتقارير

بعد القضاء على داعش: الجامعات العراقية تعاود نشاطها

أغلقت عشر جامعات عراقية أبوابها عندما استولى تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء من شمال غرب العراق قبل ثلاث سنوات. إذ تحولت إلى ساحات للمعارك، ودمرت القنابل وقذائف الهاون العديد من مبانيها.

لكن الآن، ومع استعادة التحالف الذي يقوده العراق للأراضي من تنظيم الدولة الإسلامية، تظهر بعض هذه المؤسسات علامات التعافي.  يتطوع الأستاذة والطلاب أو يقومون بجمع الأموال لإعادة بناء جامعاتهم واستئناف دراستهم، بينما يعدّ المسؤولون الحكوميون التعليم العالي العراقي لحقبة ما بعد تنظيم الدولة الإسلامية.

اكتسبت هذه الجهود زخماً في كانون الثاني/ يناير عندما قامت القوات العراقية بتحرير الحرم الرئيسي لجامعة الموصل، والتي كانت تعتبر من أفضل مؤسسات التعليم العالي في العراق قبل أن تقع في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي أواخر الشهر الماضي، وبعد استعادة القوات الحكومية لغرب الموصل أخيراً، أعلن وزير التعليم العالي عبد الرزاق العيسى عن تشكيل لجان جديدة لتقييم الأضرار التي لحقت بالجامعات في المناطق المحررة ووضع خطة لإعادة الإعمار.

قال في مؤتمر صحفي “نود أن نتقدم بالشكر لقواتنا المسلحة والحشد الشعبي لإعادتهم هيبة العراق وتحرير الأرض والإنسان وأماكن العلم المقدسة، ولاسيما جامعة الموصل.”

بعيداً عن الموصل، كان لجامعات عراقية أخرى المزيد من الوقت للنهوض من حكم التنظيم. كانت جامعة تكريت من أول الجامعات التي تم تحريرها في نيسان/ أبريل من عام 2015. لكنها بقيت كقاعدة عسكرية عراقية لمدة خمسة أشهر قبل استئناف الدراسة فيها، حيث اندفعت القوات الحكومية بشكل مطرّد داخل الأراضي التي يسيطر عليها  التنظيم.

قال ميثم علي عباد، مدير قسم الإعلام والعلاقات العامة في جامعة تكريت وأستاذ الأدب العربي، “لقد بدأت عملية إعادة الإعمار بسرعة بعد التحرير. وشمل ذلك إعادة تأهيل المباني المحترقة والحدائق وتجهيز المختبرات.”

تسبب القتال بين المسلحين والقوات الحكومية العراقية في هدم مباني كلية الادارة والاقتصاد والاقسام الداخلية وحوالي 70 في المئة من المختبرات العلمية في جامعة تكريت وغيرها من المرافق، بحسب عباد.

قامت الجامعة ووكالات الأمم المتحدة ومجلس شباب تكريت التطوعي، وهي منظمة محلية غير حكومية، بجمع الأموال وإيجاد العمال لإعادة البناء على مدى عام واحد، بحسب مصطفى مثنى، العضو في المجلس التطوعي.

يشارك الطلاب في إعادة تأهيل جامعتهم- جامعة الأنبار.

قال “لقد قمنا بتنظيف الفصول الدراسية وفتحنا الثكنات التي كانت تتواجد على البوابات الخارجية ليتمكن الطلاب من استئناف دراستهم،” مضيفاً أن بإمكان 24.000 طالب وطالبة و4.000 من أعضاء هيئة التدريس والموظفين الآن العودة إلى عملهم ودراستهم. قال “كانت مشاعر لا يمكن وصفها.”

وكانت تكاليف إعادة الإعمار، التي بلغت نحو 3.4 مليون دولار أميركي، قد انخفضت بفضل جهود المتطوعين، بحسب عباد.

كما تم تحرير جامعة الأنبار في الرمادي بغرب العراق في وقت لاحق من عام 2015.  قبل ذلك، كانت الجامعة تستخدم كقاعدة عسكرية أيضاً حتى أيلول/ سبتمبر من عام 2016. كلفت إعادة إعمار الجامعة 253 مليون دولار أميركي، بحسب عبد الرحمن الفهداوي، مدير قسم الإعلام والعلاقات العامة في الجامعة.

قال “تسبب تركز عناصر تنظيم داعش في المباني الجامعية خلال المعارك بأضرار جسيمة بحوالي 30 في المئة من مبانيها. كما قام عناصر تنظيم داعش أيضاً بنهب المختبرات وحملوا المعدات إلى مواقع مجهولة.”

يتذكر مصطفى خزعل، الطالب في المرحلة الرابعة في قسم العلوم التربوية والنفسية في جامعة الأنبار، المرة الأولى التي رأى فيها جامعته بعد التحرير.

قال “لقد وجدت الحرم الجامعي وكأن زلزالاً قد ضربه. لم يكن هناك سوى الدمار الكامل ولا أمل في استئناف الحياة هناك. كانت المباني مهدمة، والنادي المركزي محترق، وقام حراس أميركيون بمنعنا من الدخول إلى كليتنا.”

وكان على خزعل والطلاب الآخرين الذين عادوا إلى الأنبار توخي الحذر بسبب الألغام الأرضية.

قال “كنا نتجول من دون أن نعلم اذا ما كان المكان آمناً أو لا. وبعد أسبوعين من استئناف الدراسة، طلب منا الأميركان المغادرة لأن قسمنا لم يكن آمناً بما فيه الكفاية. ولم تكن الحدائق آمنة أيضاً، حيث وجدوا مخبئاً للأسلحة تحت السور الخارجي.”

لا يزال مركز الحاسبات في جامعة الأنبار نصف مدمّر، فيما تقف مباني كلية الآداب محترقة. ويواضب طلاب الآداب الآن على الدوام في مبنى إداري سابق. فيما تم إصلاح كلية التربية، لكن طلابها يواصلون استخدام مبانيها لمدة أربعة أيام في الأسبوع فقط، ليتمكن الطلاب من الأقسام الأخرى ممّن لا يمتلكون مبان صالحة للدراسة من استخدامها أيضاً. كما انتقل مكتب رئيس الجامعة إلى مبنى تابع لكلية التربية أيضاً.

كلية الجيولوجيا_ جامعة الموصل. الصورة لأوس إبراهيم.

لكن محمد حامد، الطالب في المرحلة الثانية من كلية القانون بجامعة الأنبار والذي خسر سنة دراسية قبل استئناف دراسته في كركوك، بدا متفائلاً على الرغم من أن جامعته لا تزال نصف مدمرّة.

قال “كانت الأضرار جسيمة للغاية في البداية. الآن، الوضع أفضل. لكن، ليس هناك إعادة إعمار للمباني المدمرة، الأمر يقتصر على التنظيف ورفع الركام وإزالة الألغام.”

أعيد بناء كلية القانون إلى حد كبير. لكن، اذا ما عاد جميع الطلاب السابقين الآخرين في العام المقبل، فلن تتمكن الجامعة من توفير المقاعد الدراسية الكافية لاستيعابهم.

قال خزعل “إذا ما عادوا، كما هو مخطط للعام الدراسي المقبل، فإن المباني المتاحة لن تكون كافية. أشعر بحزن شديد، لقد كانت كالجنة: أشجار وحدائق وذكريات حلوة.”

بالعودة للموصل، تكافح كلية طب جامعة الموصل المحررة مؤخراً لفتح أبوابها. فيما ينتظر أعضاء هيئة التدريس في الاقسام الأخرى أيضاً معرفة الموعد الذي قد يتمكنون فيه من العودة إلى العمل.

قال علي البارودي، المحاضر في قسم الترجمة في جامعة الموصل والذي لم يستلم راتبه منذ عامين، “نحن بحاجة لإعادة الكهرباء والمياه للحرم الجامعي. والكوادر تعمل حالياً على ذلك.”

إلا أن باقي أجزاء الجامعة مدمرة إلى حد كبير.

في بيان صحفي صدر في نيسان/ أبريل، أقر أبي الديوه جي، رئيس جامعة الموصل، بأن الجهود الشعبية كانت حاسمة في مسألة إعادة الإعمار. قال “هناك مبان لم تتضرر كثيراً وهي تعود للحياة بفضل جهود أساتذة الجامعات والمنظمات الإنسانية.”

قال أوس إبراهيم، 22 عاماً، والطالب في قسم الجيولوجيا في الموصل، إنه بحاجة للمساهمة لأنه يريد أن يتخرج وينال شهادته الأكاديمية يوماً ما، مضيفاً أن تخرجه كجيولوجي سيكون طريقته لإثبات فشل الدولة الإسلامية.

قال ” شكلنا فريقاً من المتطوعين. مؤخراً، بدأت الكوادر الهندسية في إصلاح إمدادات الكهرباء والمياه. لقد عملنا – كطلاب وأساتذة على حدٍ سواء – باستخدام الأدوات لإعادة تأهيل وتنظيف قسمنا.”

يذكر أن 10جامعات في ثلاث محافظات كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. في الأنبار، كانت هناك جامعات الأنبار والفلوجة والمعارف، وفي تكريت: جامعتي تكريت وسامراء، وفي نينوى، جامعات نينوى والموصل والحمدانية وتلعفر والجامعة التقنية الشمالية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى