أخبار وتقارير

اكتشاف أقدم بقايا بشرية يعزز شعور المغربيين بالفخر

لندن –لا يمكن أن تكون الدراسات بشكل عام أهم من تلك التي نُشرت في مجلة “نيتشر” الشهر الماضي، والتي يشرح كاتبوها كيف تم اكتشاف أقدم بقايا بشرية في العالم في المغرب وكيف يتم تحليلها.

تسبّب البحث ببلبلة كبيرة في هذا البلد الواقع في شمالي أفريقيا، حيث احتفت وسائل الإعلام والشعب المغربي بالخبر مع إحساس عال بالوطنية. وعلى الرغم من أن البحوث المتعلقة  بتطوّر الإنسان تلاقي عادة ردة فعل عنيفة في العالم العربي، لكن الأمر يبدو مختلفاً عندما يرتبط الموضوع بإحساس الزهو الوطني.

من جهة أخرى، يعتقد أحد الخبراء المغاربة المشاركين في الدراسة أن هذا الاكتشاف قد بدل ما نعرفه عن تاريخ الجنس البشري.

قال عبد الواحد بن نصر، الباحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث في المغرب، “كان العلماء يعتقدون أن مهد البشرية يقع في شرق أفريقيا، إلا أن شمالي أفريقيا بات الآن احتمالاً جديداً.”

يتنقل بن نصر منذ العام 2014 بين الرباط والموقع الآثاري في جبل إيغود ليستخرج البقايا ويحللها. وقد عُثر على أهم قطعة، وهي جمجمة، في عام 2007 إلا أن حذر بن نصر منعه من الإعلان عن هذا الاكتشاف. قال “علينا أن نجد كمية كافية من المعلومات لنبرر ما عثرنا عليه، لذلك لم نرغب بالتسرع وارتكاب أي خطأ.”

اكتُشفت بقايا خمسة أشخاص وبعض أدوات الصيد الخاصة بهم في مغارة في موقع صحراوي يقع على بعد ساعتين غربي مراكش. وقُدّر عمرهم بحوالى ثلاثمائة ألف عام، بينما يبلغ عمر أقدم بقايا مُكتشفة حتى الآن 195 ألف سنة.

لا يبرهن هذا فحسب أن الإنسان لم ينشأ في ما أطلق عليه اسم “مهد البشرية” في موقع قريب من أثيوبيا بل يطرح احتمال أننا تطورنا في عدد كبير من المواقع في أفريقيا.

يبحث بن نصر حالياً بالتعاون مع علماء من معهد ماكس بلانك للأنتربولوجيا المتطورة في ألمانيا عن أي قطع أخرى في الموقع يمكنها أن تطلعهم على المزيد من المعلومات حول حياة هؤلاء الناس الأوائل.

قال إيغناسيو دي لا توري، بروفيسور متخصص في علم آثار العصر الحجري القديم في جامعة لندن وغير مشارك في البحث، “إن هذا الاكتشاف مهم للغاية. كان بحوزتهم أدوات من العصر الحجري، تمدد هذه المعلومة العصر الحجري في الزمان والمكان معاً.”

يمكن أن يلقى البحث حول تطور الإنسان معارضة في العالم العربي ، مما يدفع معظم العلماء إلى القيام بالبحوث سراً آملين ألا يلحظهم أحد. لكن بن نصر وأعضاء فريقه اتخذوا مقاربة مختلفة. إذ حظوا بالأمان عبر الشهرة. فبحسب بن نصر، أبدى الشعب المغربي اهتماماً كبيراً بالبحث، وتقبل الاكتشاف بسرور مع شعور بالفخر بدلاً من أن يعارضه.

قال بن نصر “إن الاكتشاف على كل لسان. ونحن نفتخر بأن نقول إنه عُثر على أقدم إنسان عاقل في المغرب، لذا لا تشكل دراسة التطور بهذا الشكل أي مشكلة.”

ويوافقه زملاؤه الرأي.

قال فيليب غونز، باحث في قسم التطور البشري في معهد ماكس- بلانك وشارك أيضاً في هذه الدراسة “إن للشعب المغربي كل الحق في أن يشعر بالفخر. كانت ردة فعل الإعلام المحلي مثيرة للاهتمام، وتشير الإحصاءات إلى أن معظم الناس الذين يبحثون عبر محرك البحث غوغل عن دراستنا هم في المغرب.”

إلا أن اهتمام الباحثين انتقل الآن من نقطة التحول التي عثروا فيها على أقدم بقايا بشرية في العالم إلى اكتشاف المزيد حول هؤلاء الأشخاص الخمسة ونوعية الحياة التي قد يكونوا عاشوها.

قال بن نصر “سنعود إلى هناك ونأمل أن نجد المزيد من البقايا والعينات لنحللها. من النادر أن نحصل على معلومات من عينات قديمة إلى هذا الحد، لذا إننا نهدف إلى الحصول على فكرة أشمل عنهم.”

يعتقد الباحثون أنه من المرجح إيجاد بقايا أخرى للبشر المتحجرين نفسهم في موقع البحث بالإضافة إلى قطع أخرى. ويسعون إلى فهم السبب وراء وجود هؤلاء الأشخاص الخمسة في الموقع نفسه. قال غونز “ما من دليل يشير إلى أن هذا الموقع هو مقبرة ولكنه قد يكون كذلك. كما قد يكونوا ضحايا حادث ما. قد يساعدنا جمع المزيد من البقايا على حل هذا اللغز.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى